سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المغرب راهن على التنمية في شقيها المادي والروحي لمواجهة خطر الإرهاب ومحاربة الكراهية والعنف الهيبة يؤكد في افتتاح منتدى دولي ينظمه مكتب الأمم المتحدة المعني بالإبادة الجماعية ومسؤولية الوقاية بفاس
أوضح الهيبة، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال المنتدى الدولي الذي ينظمه مكتب الأممالمتحدة المعني بالإبادة الجماعية ومسؤولية الوقاية، في موضوع "دور القادة الدينيين في منع التحريض الذي من شأنه أن يؤدي إلى الجرائم الوحشية"، أن المغرب اعتمد مقاربة وطنية لمكافحة الإرهاب والوقاية منه ومناهضة التحريض على الكراهية، ترتكز على الاندماجية والانسجام وتنبني على تكامل ثلاثة مرتكزات تتعلق بتقوية الحكامة الأمنية ومحاربة الفقر والإقصاء والتهميش الاجتماعي، إلى جانب نشر قيم الاعتدال الديني والوسطية والتسامح ونبذ العنف. وأكد أن المجهودات التي تبذلها المملكة في مجال مكافحة الكراهية والتمييز على المستوى الوطني كما على المستوى الدولي هي مؤشر آخر على انخراطها في تعزيز وإشاعة ثقافة التسامح والحوار والانفتاح ونبذ العنف، خصوصا أنها تتميز بالوسطية والاعتدال في الدين، اللذين يعودان بالأساس إلى الدور الريادي، الذي تقوم به مؤسسة إمارة المؤمنين، التي تضمن الطمأنينة الدينية والروحية وتحمي المجتمع من كل غلو أو انحراف، مشيرا إلى أن هذا الاعتدال يرجع كذلك إلى تشبث المغاربة بالثوابت الدينية في إطار المذهب المالكي المبني على الوسطية ونبذ الغلو في الدين. واعتبر أن النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني، الذي يرتكز على إمارة المؤمنين، نجح في الحد من انتشار قيم الكراهية والتطرف والعنف بالنظر لكون المغرب ظل عبر التاريخ ملتقى للتنوع الثقافي، باعتباره بلدا للتسامح واحترام المجموعات العقائدية والثقافية التي تتعايش في ظل هوية وطنية منفتحة ومتعددة. وشدد على أهمية تنظيم هذا المنتدى الدولي، الذي يبحث موضوعا معقدا ومركبا، يتداخل فيه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتربوي، في ظل عالم يعاني انتشار التشهير بالأديان وبالثقافات، بسبب اهتزاز المرجعيات وشيوع الانغلاقات وتتعرض فيه القيم الإنسانية لمخاطر التحريف والتشويه والتبخيس، نتيجة شيوع أفكار التطرف والعنف وما واكبها من ترويج لمغالطات بخصوص صدام الحضارات وصراع الثقافات والديانات. وبعد أن أوضح أن الإرهاب يظل العدو الأول لحقوق الإنسان، أكد الهيبة أن حماية حقوق الإنسان في ظل وجود تحديات انتشار الإرهاب وتنامي خطاب الكراهية تتطلب نجاح الدول في استراتيجياتها ذات الصلة بهذه التحديات، من خلال اعتماد تدابير بخصوص التربية والتوعية والإقناع بعدم اللجوء إلى العنف والكراهية، إضافة إلى الحد من الأسباب المغذية لخطابات الكراهية والعنف وتنمية سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وتعزيز التنمية والبناء الديمقراطي. من جهته، أكد أداما ديانغ، المستشار الأممي الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية ومسؤولية الوقاية، أن لقاء فاس، الذي يبحث موضوع "دور القادة الدينيين في منع التحريض الذي من شأنه أن يؤدي إلى الجرائم الوحشية" هو استمرار للقاء الرباط سنة 2012، الذي صدرت عنه (وثيقة الرباط) التي حثت الدول والحكومات ومكونات وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام على مضاعفة الجهود من أجل محاربة الكراهية والعنف واللا تسامح. وأضاف أن التصدي للتوترات الدينية وعدم التسامح يستوجب إشراك مختلف مكونات المجتمع، مشيرا إلى أن القادة الدينيين يلعبون أدوارا مهمة خاصة بالنظر لتأثيرهم سواء على مستوى التجمعات أو على المستويات الوطنية أو الدولية، كما يضطلعون بدور احترازي للحد من التوترات والنزاعات بين الأشخاص من ذوي توجهات دينية مختلفة، وذلك من أجل القضاء على العنف والكراهية التي تتسبب في جرائم بشعة. وأشار إلى أن للقادة الدينيين المشروعية والتأثير اللازمين للانخراط في هذا المجهود والدعوة إلى المساواة والتسامح والعيش المشترك والسلام، مضيفا أن الهدف الأساسي والأول لهذا المنتدى وغيره من الملتقيات الإقليمية، التي سينظمها مكتب الأممالمتحدة المعني بالإبادة الجماعية ومسؤولية الوقاية بمجموعة من الدول، هو وضع الأسس لمقاربة شمولية تروم الحد من الكراهية والعنف وانتشار الجريمة. من جانبه، أكد فيصل بن معمر الأمين العام ل(مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار الديني والثقافي) على أهمية دور القادة الدينيين المؤثر للتصدي للغلو الديني والتطرف، مشددا على ضرورة انخراط هؤلاء القادة في هذا المجهود، الذي يدعو إلى إدانة العنف ونبذ خطاب الكراهية، خاصة أن خطابهم كفيل بتبيان أن العنف والتحريض على الكراهية لا مبرر له. وأكد أن الحوار والتعاون بين القادة الدينيين ومختلف وسائل الإعلام وممثلي هيئات المجتمع المدني يشكل أحد المرتكزات الأساسية للوقاية والحد من نزيف حياة الأبرياء، معلنا رفضه القاطع للاستعمال المفرط للدين قصد شرعنة العنف. بدوره، قال أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إن الخطر الأكبر في خطاب التحريض على العنف والحض على الكراهية أنه يتسرب من ألسنة الجهلة بالدين، مشيرا إلى أن هذا الخطاب هو بمثابة المرض الذي يصيب كيان هؤلاء المحرضين من جميع الملل والنحل. وأوضح أن مسؤولية القادة الدينيين هي الانكباب على تفكيك خطابات التحريض على العنف والكراهية وإنتاج خطابات بديلة تدعو إلى المحبة والصفاء والسلم والتعايش. ولتحقيق هذه الغايات، يضيف عبادي، فإن القادة الدينيين مطالبون بتشخيص الواقع وإدراكه وبلورة آليات للحوار العملي والعمل على تأهيل القادرين على التواصل الميداني على أرض الواقع وعلى شبكة الأنترنت، بالإضافة إلى بلورة استراتيجية وخارطة طريق في هذا الاتجاه، تحترم ذكاء كل الناس وكل الفئات. وستتواصل أشغال المنتدى، الذي ينظم بشراكة وتعاون مع المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان و(مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار الديني والثقافي)، بتقديم العديد من العروض والمداخلات تبحث مختلف التصورات والآليات الكفيلة بتطويق خطاب التحريض على الكراهية، مع مناقشة أنجع السبل لتحديد أسباب خطاب التحريض على الكراهية المؤدي للعنف وجرائم الإبادة الجماعية. ويشارك في المنتدى، المنظم أيضا بتعاون وتنسيق مع الرابطة المحمدية للعلماء، العديد من الخبراء الدوليين والباحثين والمختصين والقادة الدينيين، إلى جانب ممثلي هيئات ومكونات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. ويروم هذا المنتدى، الذي يستمر يومين، إتاحة الفرصة للخبراء والباحثين والمختصين من أجل بناء الاستراتيجيات وبلورة الإجراءات الاستباقية للتصدي المبكر والوقاية من حدوث الجرائم الوحشية الجماعية، التي يذهب ضحيتها العديد من الأبرياء في المناطق التي تعرف نزاعات وصراعات مستندة إلى عوامل دينية أو إثنية أو عرقية أو قومية. كما يسعى إلى دراسة مختلف المقاربات التي يجب اعتمادها من أجل دعم وتقوية أدوار القادة الدينيين بمختلف مشاربهم وأطيافهم في ما يخص بناء خطاب ديني إيجابي يقوم على احترام حقوق الإنسان مع بلورة تدابير وقائية لتعزيز قدرات القادة الدينيين قصد تمكينهم من الوقوف على المخاطر استباقيا والتصدي لها قبل حلولها، عبر تمكينهم من تحديد وفهم السلوكيات المتضمنة للكراهية والعنف والقدرة على محاصرتها.