أبرزت نتائج الدراسة أن هناك العديد من المؤشرات غير المشجعة لمحاربة الرشوة والنهوض بأوضاع الشفافية، وكشفت أن "المؤسسات الوطنية تعاني مشكلا حقيقيا، يتجلى في ضعف استقلاليتها عن الجهاز التنفيذي، كما تشكو ضعفا على مستوى الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، ولا تتوفر على مقومات محاربة الفساد"، مضيفة أن "جهاز القضاء، الذي يعد ركيزة رئيسية ضد الفساد والرشوة، ينخره الفساد، والجهاز التنفيذي يعاني مشكلة فصل السلط". وخلص التقرير إلى أن "النظام الوطني للنزاهة غير قادر على مكافحة الفساد، لأن أجهزة الرقابة تنقصها الاستقلالية والتنسيق والحكامة الرشيدة". في السياق نفسه، قال عز الدين أقصبي، الخبير في مجال الشفافية والنزاهة، على هامش الندوة، إن "الحكومة تتوفر على الإرادة السياسية لإحداث النظام الوطني للنزاهة، رغم أن الدستور أتى بأشياء إيجابية تدعم النزاهة والشفافية". واستغرب أقصبي في تصريح ل"المغربية"، ما نسبه إلى رئيس الحكومة من "تصريحات في البرلمان بأنه ليس هو المسؤول عن محاربة الرشوة وتحقيق الشفافية والنزاهة في مختلف المؤسسات الوطنية"، وقال أقصبي إن "هذا التصريح يطرح مشكلا كبيرا، ويساهم في غموض تعامل الحكومة مع محاربة الرشوة وتحقيق النزاهة"، متسائلا عن جدية الحكومة في مواصلة طريق الإصلاح، ومشيرا إلى أن الإفلات من العقاب وعدم المساءلة يحول دون تحقيق النزاهة، ويترك المؤسسات، التي تعنى بمكافحة الفساد عاجزة أمام تحقيق مهامها. وأضاف أقصبي "لا توجد إرادة حقيقية من طرف الحكومة لتطبيق الفصل 27 من الدستور، الذي يتيح حق الوصول إلى المعلومة، ما يجعل للأمر تبعات كبيرة على مستوى الشفافية في تسيير المرفق العام، خصوصا إن كانت الهيأة المكلفة بذلك غير قادرة على المتابعة". ويأتي تقديم نتائج دراسة "النظام الوطني للنزاهة" تنفيذا لاستراتيجية "ترانسبرانسي" الدولية، بهدف تقييم عمل المؤسسات التنفيذية للعديد من الدول في ميدان محاربة الرشوة والشفافية. وتعد هذه الدراسة الثانية التي أنجزتها "ترانسبرانسي المغرب"، بعد دراسة سنة 2009. وذكرت الجمعية أن الدراسة اعتمدت على 13 ركيزة أساسية في الدولة، من بينها القضاء، والبرلمان، والحكومة، والمجتمع المدني، وهي المؤسسات التي من شأنها أن تضطلع بدور فعال في محاربة الفساد، وتساهم في تعزيز نظام الشفافية، وتحسين مراتبه على المستوى الدولي. وتميزت مساهمات المتدخلين في الندوة بدعوة المجلس الأعلى للحسابات إلى تشديد المراقبة المالية للمؤسسات، التي تستفيد من المالية العمومية للدولة، وعلى رأسها الأحزاب السياسية، ومختلف المؤسسات المنتخبة وغير المنتخبة، مع ضرورة تحيين وتحديث التشريعات المتعلقة بكل أشكال الفساد.