أجريت الدراسة على عينة من 2100 شخص على الصعيد الوطني، شملت نساء ورجالا من الشباب والمتقدمين في السن. وجاء الشعور ب"راحة البال" أول العوامل التي تحدد السعادة لدى المغاربة، إذ أقر 36 في المائة من المستجوبين في الدراسة بأهميتها القصوى، يليها العيش في وضعية الاستقرار (15 في المائة)، ثم حيازة المال (14 في المائة). واعتبرت فئة أخرى أن العمل والزواج والعيش مع الشخص الذي نحب، مصادر أساسية للشعور بالسعادة، بنسبة 7 في المائة و6 في المائة على التوالي، إلا أن أنها كانت عينة قليلة مقارنة بسابقاتها. وتصدرت الصحة رأس قائمة أهم ثلاثة مصادر لسعادة المسجوبين، بنسبة 96 في المائة، متبوعة بالعبادة (80 في المائة)، ثم الأسرة (70 في المائة)، ما جعل الصحة والعبادة موضع إجماع بالنسبة إلى كل الأجيال. ووصف 96 في المائة من المستجوبين أن الصحة شرط رئيس للوصول إلى السعادة، بينما جاء الدين في المرتبة الثانية بالنسبة ل 80 في المائة من المستجوبين، متقدما على الأسرة التي احتلت المرتبة الثالثة بالنسبة ل 70 في المائة. وأبرزت الدراسة أن الجانب الديني يكتسي أهمية في لائحة مصادر السعادة، إذ تبقى الصدقة والصوم، من الأعمال التي تدخل السعادة بشكل أكبر إلى قلوب المغاربة، وعبر 87 في المائة من المستجوبين في شعورهم بالسعادة عند التصدق وأداء الزكاة. ويرى 85 في المائة من المستجوبين أن الصوم يشكل ثاني أفضل مصدر للسعادة، والصلاة في المرتبة الثالثة، بنسبة 68 في المائة، عند أداء صلاة الجماعة و56 في المائة عند الصلاة بشكل فردي. كما تشكل فريضة الحج أحد مصادر الشعور بالسعادة، إذ بلغت نسبتها 14 في المائة. واكتست حيازة المال مصدر سعادة العديد من المستجوبين، إذ أن 7 في المائة من نفوا وجود علاقة بين السعادة والمال، واعتبرت الأغلبية الساحقة أن المال يشكل عاملا أساسيا للسعادة، وإن لم يكن شرطا لازما. مقابل ذلك، اعتبر 44 في المائة من المستجوبين أن المال يجعل الفرد سعيدا "تماما"، و49 في المائة اعتبروا أن المال "ربما يكون مصدر السعادة". وجاءت الأسرة في المرتبة الثانية من حيث المصادر اللامادية الأكثر أهمية للشعور بالسعادة بعد الدين. كما أن تصور الأسرة كمصدر من مصادر السعادة يختلف بشكل لافت من جيل إلى جيل. وتبعا لذلك، اعتبرت الفئة العمرية بين 25 و36 سنة أن السعادة رهينة برضى الوالدين، بنسبة 92 في المائة، تليها السمعة الطيبة التي يتمتع بها المرء (86 في المائة)، ثم اعتراف الزوج بنسبة 46 في المائة، واعتراف الأبناء بنسبة 29 في المائة. أما الذين تتراوح أعمارهم بين 37 و64 سنة، فيرون أن نجاح الأبناء يأتي على رأس مؤشرات السعادة (48 في المائة منهم)، متبوعا بسمعة الأبناء (46 في المائة) وعملهم (27 في المائة)، وزواجهم (25 في المائة). وهكذا، يستشف أن الروابط الأسرية تبقى حاضرة بقوة في أوساط المجتمع المغربي على مر الأجيال. وعرض في اللقاء تحليل من قبل متخصصين في المجال النفسي، مثل أمل شباش، اختصاصية في علاج السلوك النفسي والجنسي، وأحمد البوكيلي، أستاذ جامعي، في الدراسات الإسلامية، وعبد الرحيم العطري، أستاذ علم الاجتماع. وأبرزت المداخلات أن سعادة 80 في المائة من المغاربة بممارسة الدين تعكس العمق الروحي لشخصية المغربي، الذي يظل متشبثا بالتاريخ بكل حمولته الدينية، رغم العصرنة التي يعرفها المجتمع، إذ أبرز البوكيلي أن المغربي يحرص على العبادة، لما في ذلك من مصدر للتصالح مع الذات ونيل رضى الخالق. واعتبر العطري أن نتائج هذه الدراسة تبرز مخاوف وانتظارات المغاربة، ما يجعل من هذه الخلاصات مادة دسمة من شأنها أن تعين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين في وضع تخطيط للعناصر المشكلة لسعادة المغاربة وبنائها. أما شباش، فأبرزت أن الحالة النفسية والهدوء الداخلي والتمتع بالصحة، يعكس أن الهدوء الداخلي، يكون ضروريا وينعكس بشكل إيجابي لشعور الفرد بالسعادة وبمتعة الحياة.