في هذا السياق قال نبيل فهمي، رئيس المنتدى الجهوي للثقافة والتنمية، وشريك جمعية الزهور للفن والتراث، بصفتهما إطارين ثقافيين سهرا على تنظيم التظاهرة الفنية والثقافية، إن "مهرجان ألوان دكالة هو تجسيد فعلي لرغبة ملحة كانت تراود المنتدى منذ مدة". وأضاف في تصريح ل"المغربية" أن الحدث الثقافي نجح في تحقيق أحد تطلعاته وهو إبراز الوجه الثقافي المشرق لإقليم الجديدة ولمنطقة دكالة، موضحا أن المهرجان يعد محطة أساسية للنهوض بالفنون التشكيلية والإبداعية والإنسانية في كل مكوناتها، مشيدا بالدعم المعنوي والمادي الذي لاقاه الحدث الثقافي من بعض المؤسسات والأشخاص. من جهة أخرى قال فهمي إن تكريم رواد الفن لم يكن صدفة، وإنما لاعتبارات فنية وثقافية، لرصيدهم الفني في الساحة الفنية المغربية والعالمية، من قبيل الحسين طلال، وهشام أحمد بنجابي من السعودية، وأحمد بن يسف، وعبد الله الديباجي. وأضاف أن هؤلاء الفنانين رسخوا وجودهم الفعلي على كل المستويات. ما ميز هذا الحدث الفني والثقافي، حسب المنظمين، أنه استطاع أن يستقدم شخصيات وازنة من 20 بلدا، فضلا عن حضور نظرائهم من الفنانين المغاربة، وفدوا من مدن مغربية مختلفة. من جانبه، قال الفنان التشكيلي الحسين طلال إن هذا التكريم ينضاف إلى مجموعة من الاحتفاءات والتكريمات من طرف هذه الجمعية الرائدة في ميدان الثقافة والتنمية والفن والتراث. وأضاف في تصريح ل"المغربية" أن هذا الحدث الفني الذي تشهده مدينة الجديدة، له وقع خاص من خلال تنمية المدينة ثقافيا، مبرزا أنه يتمنى أن يرى مثل هذه اللقاءات والملتقيات في كل مدن المملكة، لأنها تلعب دورا كبيرا في مد الجسور بين الفنانين والجمهور، وهي وسيلة لتقريب الشعوب والأمم. وأفاد أن "هذه التظاهرة التي رفعت شعار دكالة جسر لتلاقي الثقافات، نجحت في استقدام شخصيات كبيرة من قبيل أحد أعمدة الفن السعودي، وهو الفنان التشكيلي المقتدر هشام أحمد بنجابي، إلى جانب الفنان المشهور بن يسف، والديباجي. إنها بحق لحظة قوية، واعتراف بقيمة هؤلاء الفنانين الذين بصموا الحياة التشكيلية مغربيا وعربيا وعالميا". بدورها قالت ربيعة أروسي، مديرة رواق ألف باء للفن الحديث، إن هذا الحدث الكبير رفع الرهان وحقق تطلعات الجمهور، ورغبة سكان مدينة الجديدة وأزمور، مشيدة بالاستقبال الحار الذي لقيه ضيوف المهرجان، الذين توافدوا من جميع المناطق المغربية، إلى جانب شخصيات كبيرة خصها المنظمون بالتكريم، وأفادت أروسي أن التنظيم كان متميزا، وقدم الدليل على كرم المغاربة وحبهم لثقافتهم وفنهم ولضيوفهم. على المستوى النقدي تتميز تجارب المحتفى بهم بالتنوع، إذ يعد هشام أحمد بنجابي أحد أعمدة التشكيل السعودي، وناشطا ثقافيا وفنيا في التنظيمات والمحافل والمهرجانات الوطنية الثقافية والفنية على الساحة المحلية والدولية. وشارك في معارض جماعية خلال مسيرته على مستوى داخلي ودولي بلغت أزيد من 175 معرضا تشكيليا، وأحرز مراكز متقدمة. وله مقتنيات بمتاحف دولية بالمكسيك واسطنبول وبنغلاديش. بدوره يعد الحسين طلال من الفنانين المغاربة، الذين رسخوا وجودهم الفني في منتصف الستينيات رفقة زميله الراحل الشرقاوي، حيث يعرض في المغرب كما في بعض العواصم الأوروبية منها باريس، التي قربت هذه الحساسية الجديدة آنذاك إلى الجمهور الفرنسي وإلى الصالونات المخملية الباريسية، حيث عرض مجموعة من اللوحات في رواق "روي" بباريس، سنة 1967، ثم رواق "لاي دوبوف"، وشارك في معارض كثيرة منها في مؤسسة ميرو في برشلونة، كما شارك في الدانمارك، والولايات المتحدةالأمريكية، وفي الدول العربية من قبيل مصر، وعرف في أوساط عدد من النقاد المشهورين مثل الأكاديمي والمؤرخ ريني هايكي، الذي نوه بأعماله في كتابه" الفنون في العالم" واعتبره واحدا من بين الفنانين الألمعيين في المغرب. من جهة أخرى، أثارت أعمال الحسين طلال ناقدا كبيرا في حجم جون بوري الذي قال عنه إن طلال رسخ أسلوبا فريدا في التشكيل المغربي امتد إلى أزيد من خمسة عقود، وهو يحاور شخوصه، التي تتميز بالوحدة والرومانسية، وتوجهت أعماله كذلك باهتمام الناقد ألان فلامو الذي وصفه بفنان "الوحدة والعزلة والجوهر بامتياز، ويتميز بألوانه الحية، كما أنه فنان ينصت بعمق إلى الليل، ومقتربه الفني يتميز بشاعريته، وواقعية إلى حد التراجيديا. ويرى الناقد الفني الفرنسي جون بوري، الذي كتب عنه في مجلة "رسائل فرنسية" بمناسبة معرض لاروي في باريس سنة 1967، " الأعمال المعروضة لها جمال غريب، لا أدري لماذا أفكر بوليام بلاك، لكنها فقط مبادرة في التعبير". في حين يمتد اسم بن يسف إلى كل المراجع العالمية للفن التشكيلي، كما أن معارض لوحاته، وباعتبار الامتداد الجغرافي لانتشارها، طالت 5 قارات. وقال عنه الناقد الجمالي، حسن بيريش، إنه مبدع لا يمارس الاستباق الفني، بقدر ما يخضع لشرط الألوان، فتأتي أعماله مستوفية للمعطى التشكيلي. بينما يجد المهتم في لوحات الفنان التشكيلي عبد الله الديباجي تلك القوة التجريدية، فلا غرو أن نجد أعماله في سفر دائم نحو أبرز المعارض والأروقة العالمية.