برز جانب من هذا الاهتمام خلال لقاء دراسي، نظمته المديرية العامة للأمن الوطني، وكان موضوعه "الذكاء الاقتصادي: مقاربة ثقافية جديدة من أجل عالم مطبوع بالتحولات". وافتتح الشرقي اضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، اللقاء الدراسي، الذي أنهى أشغاله أمس الخميس، بكلمة نوه فيها براهنية ونجاعة هذا الموضوع، موضحا أنه أصبح يمثل رهانا أساسيا لجميع المجتمعات والدول، وقال "لا أدل على هذا من الأحداث التي بات يعرفها العالم خلال السنوات الأخيرة، لاسيما ما يتعلق بالكشف عن معلومات مهمة وحساسة عبر قنوات التجسس الاقتصادي والصناعي والسياسي". وذكر اضريس أن الذكاء الاقتصادي، كآلية لتطوير التنافسية ونجاعة المقاولة الوطنية، يهدف إلى إرساء منظومة تتوخى تأمين المعلومات المتعلقة بكل القطاعات الحيوية، الاقتصادية منها والصناعية والتكنولوجية، وإدراجها في منظومة الحكامة الاقتصادية. وأوضح الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية أن هذه الآلية العلمية تظل وسيلة أساسية لحماية وتحصين المناخ الاقتصادي، وتأمين بنياته من الأخطار الداخلية والخارجية المحدقة به، وكذلك ترسيخ مكتسباته وتطوير مقوماته، بما فيها الرأسمال اللامادي، الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش في 31 يوليوز الماضي. وشدد على أن تحدي تحصين المجال الاقتصادي الوطني، في ظل تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال، لم يعد يتمثل في التوفر على المعلومة، وإنما في سرعة الوصول إليها وكيفية توظيفها. أما ناصر بوريطة، الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، فاعتبر أن موضوع الذكاء الاقتصادي يكتسب أهميته وراهنيته من خلال التحولات العميقة بالعالم، التي تتميز بالانتقال إلى التنافسية. وبعد أن ذكر بالزيارات الملكية إلى عدد من الأقطار والدول الإفريقية، التي أعطت دفعة قوية للديبلوماسية الاقتصادية، أكد بوريطة أن الذكاء الاقتصادي أضحى يشكل أحد العناصر الأساسية للديبلوماسية المغربية. من جهته، اعتبر بوشعيب ارميل، المدير العام للأمن الوطني، خلال اللقاء الذي نظم على مدى يومين، أن المساهمة والانخراط في التنافسية الاقتصادية يتطلبان بالضرورة التحكم والسيطرة على المعلومة، التي أضحت عاملا يتمتع بقيمة مضافة غير مسبوقة. وذكر أن التوظيف الأمثل والأفضل للمعلومة من طرف المقاولة، من خلال تدبيرها واستغلالها في الوقت المناسب ومن طرف الشخص المناسب بهدف اتخاذ القرار المناسب، يمكنها من الانتصار في الحرب الاقتصادية، موضحا أن ربح المعركة الاقتصادية يتطلب بالضرورة التحكم في ثلاث وسائل وآليات، تشمل تنافسية التكلفة، والابتكار، الذي يقوم على وضع استراتيجية للبحث والتطوير، ثم النهوض بتكوين الرأسمال البشري. وأشار إلى أن التجسس الاقتصادي أضحى واقعا حتميا، في ظل الحروب الاقتصادية الراهنة، وفي سياق الصراعات الاقتصادية بين الدول، وعلى مستوى القطاعات المختلفة والحساسة (التسلح، النقل الجوي، الطاقة...)، ما يفرض الحاجة إلى الانخراط في حرب المعلومات. في السياق نفسه، حثت مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، على الشروع في بلورة مخطط شمولي خاص بالذكاء الاقتصادي، داعية شركات القطاع الخاص والوزارات والسفارات ومنظمات المجتمع المدني للعمل سويا، من أجل توحيد وتنسيق الجهود لتشكيل يقظة اقتصادية واعدة ذات قيمة مضافة. وأشارت إلى أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب كان حريصا، منذ وصولها إلى رئاسته، على إحداث لجنة للذكاء الاقتصادي، تتولى تحسيس المقاولات الصغرى والمتوسطة والشركات الأعضاء، بالأهمية المتزايدة للمعلومات والمعرفة، على مستوى تدبير المقاولة.