تميز هذا اللقاء، الذي ينعقد تحت رئاسة وزير التعمير وإعداد التراب الوطني، بحضور عبد السلام بيكرات، والي جهة مراكش، ورئيس الجهة، والمنتخبين، ومدراء الوكالات الحضرية، والمنعشين العقاريين، ورؤساء الهيئات المهنية، والمصالح الخارجية، ومختلف الفاعلين، والمهتمين والباحثين في مجال التعمير. ويأتي هذا اللقاء العلمي، في خضم الاحتفال بالذكرى المائوية لصدور أول قانون مؤسس للتعمير بالمغرب (2014-1914)، التي تشكل مناسبة لاستحضار ما راكمه المغرب من رصيد عمراني ومعماري عبر قرون، وكذا ما أسس له منذ بداية القرن العشرين، من خلال وضع منظومة حضرية تستجيب لمتطلبات وحاجيات التحديث. ويهدف اليوم الدراسي إلى تسليط الضوء على التحديات المختلفة للمنظومة الحضرية في بعدها المؤسساتي والعملياتي، التي أصبحت تتطلب اعتماد مقاربات ووسائل جديدة للحكامة الحضرية، من أجل تنزيل سليم للسياسة القطاعية على المستوى الجهوي والمحلي. وتدارس المشاركون مجموعة من المحاور والقضايا المرتبطة بالمنظومة الحضرية، من أهمها الوقوف على تطور الإطار المؤسساتي للمنظومة الحضرية منذ صدور أول قانون للتعمير المعاصر سنة 1914، وإبراز مكتسبات المنظومة الحضرية في بعدها المؤسساتي والقانوني والعملياتي، ودراسة وتحليل المعوقات والتحديات، التي تحول دون مقاربة هادفة لبلوغ تعمير متجدد للمستقبل، والبحث عن سبل الانفتاح على التجارب الدولية واستلهام المعارف النظرية والتطبيقية، من أجل تطوير اشتغال المنظومة الحضرية. وحسب امحند لعنصر، وزير التعمير وإعداد التراب الوطني، فإن اختيار موضوع هذا اليوم الدراسي يأتي انسجاما مع مسلسل الإصلاحات المؤسساتية بالمغرب، والمتمثل أساسا في المفهوم الجديد للحكامة، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة، من أجل تطوير الحكامة الحضرية، والرفع من مردودية تفعيل السياسات العمومية، ومن بينها سياسة تخطيط وتنمية المدن والحواضر، والتصميم الوطني لإعداد التراب الوطني، الذي يحمل في مضامينه بعدا استراتيجيا لهيكلة وتنظيم التراب وفق منظور يؤسس لتنمية حضرية مستدامة. وقال لعنصر، في تصريح ل"المغربية"، إن الاحتفال بالذكرى المائوية مناسبة للوقوف على ما تحقق خلال 100 سنة، وكيفية الاستجابة لطلبات ومتطلبات وحاجيات السكان، والضغط العمراني، واستخلاص بعض الدروس لتطوير منظومة التعمير في المستقبل. وأوضح أن نسبة التمدن لم تكن تتعدى 8 في المائة بالمغرب في بداية القرن العشرين، وانتقلت من 35 في المائة الى 55 في المائة سنة 2004، ومن المتوقع أن تبلغ 70 في المائة في أفق 2025. من جانبه، قال عبد السلام بيكرات، والي جهة مراكش، إن مراحل قطاع التعمير واكبت التحولات الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب قبل 100 سنة، موضحا أن تدبير المدن يجب أن يكون كإطار للعيش وللإنتاج الاقتصادي، وكفضاء للتماسك الاجتماعي والحفاظ على الهوية. وأضاف الوالي، في افتتاح أشغال هذا اليوم الدراسي، أن المدن في طور الإعداد وتكملة مقتضياتها، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الجوانب، وأن مدن الغد يجب أن تفي بمتطلبات السكان كإطار للعيش، من خلال إحداث الفضاءات الثقافية والرياضية والاجتماعية. وأشار إلى أن المنظومة الحضرية في مختلف مكوناتها مطالبة باعتماد مناهج ومقاربات حضرية، تتماشى مع الظرفية والتحديات الراهنة، من أجل مدن مستدامة على المستوى السوسيو-اقتصادي والمجالي، داعيا إلى تحديث التفكير في مجمل التحديات، التي يفرضها تزايد وتنوع القضايا الناجمة عن تنامي متطلبات ومستجدات نمط المدن، وكذا تفشي الهشاشة والإقصاء الحضريين. من جهته، اعتبر عبد اللطيف النحيلي، مدير الوكالة الحضرية بمراكش، ورئيس فدرالية الوكالات الحضرية، أن المغرب يتميز بتوفره على منظومة حضرية، تستند إلى موروث معماري وعمراني متجدر في التاريخ، مبرزا أن المدن العتيقة ذات القيمة المعمارية والتراثية المعترف بها دوليا تشكل الأوجه البارز لهذه المنظومة. وقال إن المغرب راكم مكتسبات عديدة من خلال إصلاحات متتالية، ومبادرات متعددة لتصحيح الاختلالات، وبرامج متنوعة على العديد من المستويات، خاصة في الميدان التشريعي والمؤسساتي، ما مكن من تطور الخبرات والتجارب، ومواكبة متطلبات كل ظرفية ومسايرة تنامي احتياجات شبكة حضرية، تتوسع باستمرار على المستوى الكمي والنوعي.