أصدرت الغرفة الجنحية التلبسية لدى المحكمة الزجرية الابتدائية عين السبع بالدارالبيضاء، قبل قليل، الأحكام الابتدائية في حق المتهمين الأربعة، المتابعين في ملف ما بات يعرف باسم "النصب باسم القضاة" أو "سمسار القضاة". وهكذا أدانت الهيئة القضائية برئاسة القاضي ميلود دومر، المتهم الرئيسي "عادل" ب 5 سنوات حبسا نافذا، وأدانت شريكه، ب 3 سنوات حبسا نافذا، في حين وزعت 8 أشهر على موظفي الشرطة المتابعين في الملف ذاته، ب 4 أشهر حبسا نافذا لموظف الشرطة حسن جبيرة "شرطي الجيول"، و4 أشهر لموظف الشرطة الثاني "ديدان"، الذي كان يعمل بقسم الاستعلامات العامة بمفوضية الأمن الفداء درب السلطان. وكانت الغرفة الجنحية، حددت جلسة اليوم الثلاثاء، للنطق بالاحكام في هذا الملف، بعد أن أدرجت الملف في الجلسة الرابعة، المنعقدة يوم الخميس الماضي، في التأمل لأجل المداولة والنطق بالحكم. وتفجر هذا الملف بعد نشر فيديو ل "سمسار" على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يبدي استعداده ل "الوساطة" لبنات إحدى المتابعات في ملف قضائي، ويطالبهن بمبلغ مالي، ما أحدث ضجة وغضبا عارما بين القضاة، وهو ما اعتبر بعد فتح تحقيق في هذا الملف ب "النصب باسم القضاة". يذكر أنه خلال جلسة مناقشة هذا الملف، يوم الخميس المنصرم، استمعت المحكمة إلى تصريحات المتهمين المتابعين في هذا الملف، ويتعلق الأمر ب "سمسار" و"سائق" و"موظفي أمن"، أحدهما يعمل بقسم الاستعلامات العامة بمفوضية الأمن الفداء درب السلطان، يدعى "ديدان" والثاني يدعى "حسن جبيرة"، وهو حارس أمن ب "جيول" المحكمة الزجرية، والمؤازر من طرف العشرات من المحامين "اعتبارا للسمعة الطيبة التي كانت يتمتع بها هذا الشرطي الذي قضى حوالي 20 عاما من العمل بالمحاكم، كحارس أمن". وصرح جميع المتهمين بنفيهم للتهم الموجهة إليهم، متشبثين ببراءتهم، بينهم "السمسار"، الذي اعتبر حسب بلاغ النيابة العامة بهذه المحكمة، أن له سوابق في "النصب"، حيث كان ظهر في شريط الفيديو، الذي فجر هذا الملف، وهو يدعي قدرته على التدخل لدى هيئة قضائية تبت في ملف إحدى المتهمات من أجل التخفيف من عقوبتها، وهو ما أكدته هذه المتهمة، التي أدينت ابتدائيا بسنة حبسا نافذا، والتي جرى احضارها والاستماع إليها كشاهدة، حيث أكدت أن المتهم الرئيسي المدعو "عادل كان وعدها بمغادرة السجن، بعد تدخله من أجلها مقابل مبلغ مالي حددته فيما يفوق أربعة ملايين سنتيم". وفي مرافعته أمام الهيئة القضائية، قال ممثل النيابة العامة إن المتهم "عادل" له سوابق في مجال النصب، بعد أدين في قضايا نصب عديدة، وأنه كان موضوع مذكرتي بحث على الصعيد الوطني، إحداهما صادرة عن الشرطة القضائية بمنطقة أمن آنفا، والثانية عن الأمن الإقليمي عين الشق. وتابع ممثل الحق العام، في مرافعته، قائلا إن المتهم "عادل"، كان أدين بعقوبات حبسية في قضايا موضوعها النصب، قبل سنوات خلت، حيث كان يوهم ضحاياه بأنه نائب لوكيل الملك بالمحكمة التي يتابع أمامها الآن، وهي المحكمة الزجرية بالدارالبيضاء، مضيفا أن قضية "سمسار الأحكام" كما أصبحت معروفة إعلاميا، هي قضية "عادية تدخل في إطار النصب"، وأن "هذه المحكمة تشهد العديد من القضايا المماثلة"، معتبرا أن ما ميز هذه القضية هو "توثيقها عبر شريط فيديو، دفع بالبعض إلى اعتبارها قضية رأي عام". وسرد ممثل النيابة العامة تفاعلات هذه الأخيرة مع مضمون شريط الفيديو منذ بثه على وسائط التواصل الاجتماعي، ب "فتح تحقيق عاجل ونزيه، وتطبيق القانون في وجه رجال الأمن المتابعين خاصة " شرطي الجيول"، المدعو حسن جبيرة، قائلا عنه "يعمل في محكمة عين السبع لسنوات عديدة..كا يعرفني وكنعرفوا.. ومع ذلك طبقنا القانون في حقه". وطالب ممثل الحق العام بإدانة المتهمين، وفق فصول المتابعة، معتبرا أن الفيديو "واضح وهو دليل إدانة بالنسبة للمتهم الرئيسي، رغم تغييره لأقواله أثناء الاستماع إليه أمام المحكمة". وخلال الاستماع إلى المعتقلة المدانة من أجل تهمة "النصب" بعد تورطها في عملية مساعدة شابتين على الهجرة، كشفت عن معطيات مثيرة بخصوص هذا الملف، خلال مواجهاتها بالمتهم الرئيسي، حيث أقرت بأمرها ابنتها بتسجيل "السمسار" من أجل توثيق الحادثة، وهي المهمة التي تكفلت بها زوجة أخيها، بعد أن استدرجت ابنتها المتهم داخل السيارة للحديث عن تفاصيل تدخله في القضية، في يوم صدور الحكم ضدها. المعتقلة وتدعى "ثورية" أكدت أن ابنتها سلمت "السمسار"، المدعو "عادل.ر" مبلغ 45 ألف درهم، بعدما أخذها قرضا من أحد اٌقاربها، وأنها سبق أن تبادلت المكالمات الهاتفية مع المتهم لمرات عديدة، سواء داخل المحكمة عن طريق رجل الأمن الموقوف "حسن جبيرة"، أو من محبسها بالسجن المحلي عين السبع "عكاشة"، مؤكدة أيضا أن رجل الأمن حسن جبيرة، الذي كان يعمل بمعقل المحكمة، كان قد مدها بهاتفه من أجل التحدث مع المتهم، ولم يتحدث معها في أي أمر آخر، وهو ما يفيد عدم علمه بعلاقاتها مع المتهم الرئيسي، والغاية من الاتصال به. أمام المتهم الرئيسي المدعو عادل، ورغم تصريحات المعتقلة ثورية، فقد تمسك بنفي جميع التهم الموجهة إليه، مصرحا أنه لم يفر عندما شاهد الفيديو الذي يصوره وهو يفاوض ابنة المعتقلة، بالصدفة، مدعيا أن حديثه مع المعتقلة عبر الهاتف، كان يتم بشكل عفوي، مصرحا أنه "عند حديثه لم يكن يقصد أنه سيتوسط لها من أجل الخروج، بل كان سيساعدها من أجل توكيل محام للدفاع عنها"، مشيرا إلى أنه تسلم منها مبلغ 35 ألف درهم، وأن نصفه كان سيأخذه المحامي (الذي تجنب ذكر اسمه)، من أجل الدفاع عن والدتها.