أكد المشاركون في ندوة دولية حول موضوع "الجيل الثالث لحقوق الإنسان في عالم مبهم التوجه"، التي اختتمت أشغالها، السبت بمراكش، أن مناقشة موضوع الجيل الثالث من حقوق الإنسان ذا أهمية كبرى في ظل التوجهات العالمية المعاصرة، ويشكل فرصة لتبادل الأفكار وتشبيك العلاقات بين الباحثين. وأجمع المشاركون في هذه الندوة الدولية التي تم تنظيمها على مدى يومين، أن الجيل الثالث لحقوق الإنسان من شأنه تحقيق التقارب بين الشعوب من خلال التركيز على موضوعات معاصرة من قبيل البيئة والصحة والتنمية. وأوضح المشاركون أن الحقوق التي يتضمنها الجيل الثالث لحقوق الإنسان عموما، تشمل الحق في التنمية والسلام والبيئة الصحية والمشاركة في التراث والإرث البشري والتواصل وتبادل المعلومات والحق في المساعدة الإنسانية. وأشاروا الى الى التأثيرات الراهنة لنظام المعلوميات على حياة الفرد، وكيف تستغلها دول الشمال أو الدول المتقدمة لتكريس سيطرتها على دول الجنوب في إطار ما يسمى بالحروب المعلوماتية. ودعا المشاركون إلى التخفيف من وطأة تغير المناخ ومنع تأثيراته السلبية، وإلى تعبئة أقصى حدّ ممكن من الموارد المتاحة من أجل تحقيق تنمية مستدامة قائمة على احترام حقوق الإنسان، والعمل على ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في التنمية، والعمل على تنشئة جيل واع بأهمية البيئة والحفاظ عليها وإرساء ذلك على صعيد المقررات المدرسية. كما دعا عدد من المتدخلين إلى تكوين الأطر الوطنية من قضاة وشرطة وغيرهم، تكوينا يراعي حماية البيئة وسموها، مع الإعلان عن جائزة وطنية تمنح لمن يساهم في إشعاع ثقافة الفكر البيئي داخل المجتمع والمحيط الذي ينتمي إليه. كما تم التأكيد أيضا على ضرورة تكريس مبدأي العدالة والإنصاف على الصعيد الدولي، والتوزيع العادل بين الأفراد والجماعات محليا ودوليا للفوائد الناجمة عن التنمية، إضافة إلى توسيع الاهتمام الأكاديمي بدراسة الحق في التنمية في مختلف أبعاده، وإلى تعميق الروابط بين الأجيال الثلاثة لحقوق الإنسان. وأكدت بعض الأوراق على أهمية الانتقال من المقاربة الإحسانية نحو تبني مقاربة حقوقية قصد إنماء قدرات الأشخاص في وضعية إعاقة، وإلى تبني منهج بيداغوجي تجاه هذه الفئة يأخذ عين الاعتبار وضعيتهم، فيما أشارت أوراق علمية أخرى إلى أهمية منح آليات جديدة لمؤسسة الوسيط بالمغرب لتعزيز حماية حقوق الأفراد والجماعات. وحسب إدريس لكريني مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، فإن الجيل الثالث تبلور بشكل جلي مع التحولات والتطورات الكبرى التي شهدها العالم في أعقاب التخلص من متاهات الحرب الباردة، وتنامي الاهتمام بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتزايد الفجوة بين شمال غني وجنوب ما زالت الكثير من أقطاره تعيش على إيقاع الأزمات والإكراهات، ضمن ما يعرف ب"حقوق التضامن" من جانبه، اعتبر محمد الغالي رئيس شعبة القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن موضوع الجيل الثالث لحقوق الإنسان يرتبط ارتباطا وثيقا بتغير وظائف الدولة بدءا من الدولة المتدخلة والدولة الراعية وصولا لدولة الحقوق والحريات، والتي أصبح خلالها المواطن فاعلا في مأسسة حقوق الإنسان. وتوزعت أشغال الندوة بين جلسة افتتاحية، تم خلالها الترحيب بالمشاركين والتذكير بأهمية الموضوع وراهنيته في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة، وخمس جلسات علمية أخرى، تطرقت إلى عدد من الإشكالات التي يطرحها هذا الجيل من الزوايا النظرية والتاريخية والواقعية، على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية تلتها نقاشات وافية، سمحت ببلورة مجموعة من الخلاصات. وتميز هذا اللقاء الذي نظمه مختبر الدراسات الدولية التابع لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، بشراكة مع مؤسسة "هانس زايدل" بمشاركة خبراء من المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا وروسيا، بالإضافة إلى مصر وسلطنة عمان وجمهورية التشيك. وتمحورت أشغال هذه الندوة حول مجموعة من المواضيع البالغة الأهمية هت على الخصوص "الحق في التنمية كحق من حقوق الإنسان..التطور والتحديات"، و" حق الإنسان في الولوج إلى المعلومات في ظل تكنولوجيا المعلومات"، كما انكبت على دراسة مواضيع تتعلق ب "عولمة حقوق الإنسان ومبدأ السيادة الإقليمية"، و"الحق في التنمية المستدامة بين الشمال والجنوب وضرورات الحوار العالمي"، و"فلسفة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة".