في أول خروج إعلامي للرئيس الجديد لمؤسسة وسيط المملكة، قال محمد بنعليلو، في لقاء تواصلي، أمس الثلاثاء، بالدارالبيضاء، إن اللقاء "خطوة البداية على مسيرة الألف ميل لانفتاح المؤسسة على محيطها، والإنصات لوجهات النظر وخلق آليات للحوار، والقرب من انتظارات المواطنين والمرتفقين". وكشف وسيط المملكة، في اللقاء، الذي نظمته المؤسسة ضمن فعاليات الدورة 25 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، أن المواطن في صلب اهتمام المؤسسة، وذلك من خلال مخطط استراتيجي سيعلن عنه الأسبوع المقبل، يقوم على ثلاث مجالات "معالجة الشكايات ورفع الضرر عن المشتكي من تصرفات الإدارة، معالجة الإشكاليات الكبرى التي تفرزها دراسة وتحليل الشكايات المتوصل بها، والمجال الاقتراحي لتحسين أداء الإدارة والرفع من جودة الخدمات العمومية"، معلنا أن الهدف هو "حق المواطن في الولوج إلى المؤسسة من هاتفه المحمول، وأن المؤسسة تعمل على تطوير نظام معلوماتي يسهل تقديم المواطن لشكايته من خلال هاتفه". وفي كلمته حول دور مؤسسة وسيط المملكة في تكريس الحكامة الإدارية، ذكر بنعليلو بما سبق أن وقفت عليه من اختلالات مؤثرة على حكامة الأداء الإداري، ورفعت بشأنها توصيات واقتراحات "منها من بادرت الإدارة إلى تنفيذها، ومنها ما يزال يعرف تعثرا في الاستجابة بمبرر الاكراهات المالية أو بمبررات غير معقولة"، موضحا أن ذلك يدخل في مجال "ضعف الحكامة، وهيمنة بعض العقليات والممارسات السلبية على العمل الإداري، ويترجم كون بعض الإدارات لم تستوعب بعد مبررات إحداث المؤسسة وطبيعة دورها"، مبرزا أن مؤسسة الوسيط تعتبر "توصياتها دستورية وأنها صوت المواطن والمرتفق، والمدافع عن حقه، والمخاطب للضمير المرفقي في تطبيق القانون بتفسيره العادل والمنصف". وقال بنعليلو إن "علاقة الوسيط المؤسساتية هي أن نجعل من توصياتها ومقترحاتها رافدا مهما في توجيه استراتيجية وبرامج الإدارة نحو الاهتمام أكثر بقضايا المواطنين، وإحقاق حقوقهم المشروعة، والموجهة إلى القطاعات الحكومية وأجهزة الإدارة المعنية، موجها لآلياتها التنظيمية ومشاريعها التشريعية من أجل تعديل القواعد القانونية المتجاوزة أو تفسير الغامض منها أو تتميم تلك التي تعرف قصورا بسبب تطبيقها الصارم حيفا للمواطنين، ومن أجل إصلاح الإجراءات الإدارية والعمل على تغيير السلوكيات والممارسات إن لم نقل العقليات". واعتبر وسيط المملكة أنه "لن يكون من الحكامة أن تصدر المؤسسة توصية بعد مسار بحثي أو تفاوضي لفائدة المواطن، لتقول له الإدارة، بكل هدوء لقد أخذت علما بذلك، اذهب إلى القضاء، ليبدأ في مسلسل التقاضي من جديد لاستصدار حكم لصالحه تكون نتيجته تأكيد ما سبق أن أوصى به الوسيط"، وأنه "لن تكون من الحكمة في شيء أن تستمر المؤسسة في رصد نفس المواضيع والاشكاليات التي سجلت في تقاريرها السنوية"، مؤكدا أن هدف تكريس الحكامة الإدارية يحتاج إلى تفاعل أكبر للإدارة مع هذه المؤسسة وتجاوبها مع تدخلاتها واقتراحاتها. وأكد بنعليلو أن المؤسسة مازالت تتلقى نفس الشكايات التي أصدرت بشأنها عددا من التوصيات وهو ما يوضح أن المواطن ما زال يعاني من المشاكل نفسها قائلا "إذا ما استثنينا التوصيات المتعلقة بتنفيذ بعض الأحكام، التي تتذرع الإدارة في شأنها بمبررات ميزانياتية، فإن عدة مجالات من قبيل المشاكل المرتبطة بتصاميم التهيئة، وفرض الرسوم، وترتيب الآثار عن إلغاء المقررات الإدارية، مواضيع مازالت تلقي بضلالها على منسوب ثقة المرتفق في المرفق العام، وتمس في العمق مقومات الأمن الإداري، وحكامة تدبير المرفق العمومي". وأبرز وسيط المملكة أن مناقشة تنفيذ أو عدم تنفيذ توصيات الوسيط في مجتمع يدافع عن قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان، يجب أن تتم من زاوية المسؤولية السياسية والمجتمعية والإدارية قبل البحث عن وسائل التنفيذ الجبري الأخرى بمنطق الحجز والغرامة التهديدية وتجريم عدم التنفيذ، معتبرا أن منطق تنفيذ توصيات الوسيط لا ينبغي أن ينظر إليه في علاقته بالموظف المعني فقط، وإنما يجب أن ينظر إليه من زاوية تراتبية تضم رئيس الحكومة - في إطار مهامه الإشرافية، وكذا الوزير المعني باعتباره رئيس الإدارة، فضلا عن المهام الرقابية التي قد يمارسها البرلمان على الحكومة بعد عرض الملخص التركيبي لمضامين التقرير السنوي عليه عبر آليات الرقابة البرلمانية. وختم وسيط المملكة بالتعبير عن ثقته في الانتقال إلى مرحلة جديدة تترجم استعداد الإدارة للتجاوب مع تدخلات المؤسسة وتوصياتها "الفاعل الإعلامي والاقتصادي والسياسي والجمعوي" لأجل الترافع في القضايا التي تمس وتؤثر على حكامة الأداء المرفقي، معتبرا أن "ستمرار مسؤول إداري في التمسك بموقف اتخذه كان موضوع توصية أكدت عدم مشروعيته، يمكن أن يصنف ضمن التهاون المقصود في الجواب عن التوصيات الموجهة لإدارته".