صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية الظهير الشريف الصادر في12 من ربيع الآخر1432 (17 مارس2011 ) والقاضي بإحداث مؤسسة الوسيط. ويأتي إحداث مؤسسة الوسيط التي تحل محل ديوان المظالم, لمواكبة الاصلاح المؤسسي العميق الذي تعرفه المملكة عبر تحديث هذه المؤسسة وتوطيد المكتسبات التي حققتها وتأهيلها للنهوص بمهمام موسعة وهيكلة جديدة, وكذا تحقيق التكامل المنشود مع الدور الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الانسان. وتعتبر "مؤسسة الوسيط", بموجب الظهير, مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة, تتولى في نطاق العلاقة بين الادراة والمرتفقين, مهمة الدفاع عن الحقوق, والاسهام في ترسيخ سيادة القانون, وإشاعة مبادئ العدل والانصاف, والعمل على نشر قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية. كما تسهر على تنمية تواصل فعال بين الأشخاص, ذاتيين أو اعتباريين, مغاربة أو أجانب, فرادى أو جماعات, وبين الادارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية وباقي المنشآت والهيآت الأخرى الخاضعة للمراقبة المالية للدولة. وتتولى مؤسسة الوسيط بمبادرة منها أو بناء على شكايات أو تظلمات تتوصل بها النظر في جميع الحالات التي يتضرر فيها أشخاص ذاتيون أو اعتباريون, مغاربة أو أجانب, من جراء أي تصرف صادر عن الادارة, سواء كان قرارا ضمنيا أو صريحا, أو عملا أو نشاطا من أنشطتها يكون مخالفا للقانون, خاصة إذا كان متسما بالتجاوز أو الشطط في استعمال السلطة, أو منافيا لمبادئ العدل والانصاف. ويقوم الوسيط, الذي يعد عضوا بحكم القانون في المجلس الوطني لحقوق الانسان, بمبادرة منه أو بناء على طلب تسوية تقدمه الادارة أو المشتكي, بكل مساعي الوساطة والتوفيق, قصد البحث عن حلول منصفة ومتوازنة لموضوع الخلاف القائم بين الاطراف تكفل رفع الضرر الذي أصاب المشتكي من جراء تصرفات الادارة, وذلك بالاستناد إلى ضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والانصاف. ويساعد الوسيط, الذي يعين بظهير شريف لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة, ويختار من بين الشخصيات المشهود لها بالنزاهة والكفاءة والتجرد والتشبث بسيادة القانون وبمبادئ العدل والانصاف, مندوبون خاصون يعملون تحت سلطته, ومندوبون جهويون تابعون له يدعون الوسطاء الجهويون بالاضافة إلى مندوبين محليين عند الاقتضاء. ويتكون المندوبون الخاصون لدى الوسيط من المندوب الخاص بتيسير الولوج إلى المعلومات الادراية, والمندوب الخاص بتتبع تبسيط المساطر الادارية وولوج الخدمات العمومية, والمندوب الخاص بتتبع تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة في مواجهة الادارة. ويضطلع الوسطاء الجهويون في حدود دائرة اختصاصهم الترابي, على الخصوص بمهام تلقي الشكايات والتظلمات وطلبات التسوية التي يرفعها الاشخاص الذاتيون أو الاعتباريون, والقيام بأعمال البحث والتحري في الشكايات والتظلمات, وإرشاد المواطنين وتوجيههم وحث الادارة على التواصل الفعال معهم, واقتراح التدابير الكفيلة بتحسين بنية الاستقبال والاتصال الادارية, وكذا رفع تقارير دورية كل ثلاث أشهر إلى الوسيط حول حصيلة نشاطهم. وفي إطار العلاقة بين الوسيط والادارة, تعين الادارة من أجل ضمان حسن التنسيق والتواصل والتتبع بينها وبين مصالح مؤسسة الوسيط, مخاطبين دائمين لهذه الأخيرة من بين المسؤولين التابعين لها الذين يتمتعون بسلطة اتخاذ القرار في ما يحال عليهم من شكايات أو تظلمات من لدن المؤسسة. كما تحدث بين المؤسسة وسائر الادارات لجان دائمة للتنسيق والتتبع تضم ممثلين عنهما وتحدد اختصاصات وكيفيات عملهما في النظام الداخلي للمؤسسة . وفي ما يخص مآل الشكايات والتظلمات المحالة على الادراة, فإنه يتعين على الادارة المعنية بالشكايات أو التظلمات المحالة عليها من قبل الوسيط أو أحد مندوبيه الخاصين أو من الوسطاء الجهويين أن تحيط المؤسسة علما بموقفها إزاء مطالب المشتكين أو المتظلمين, وبجميع الاجراءات والتدابير التي اتخذتها في الشكايات المعروضة عليها, أو حسب الحالة بالحلول التي تقترحها على المشتكي أو المتظلم, حتى يتسنى رفع ما لحقه من ضرر أو تعسف أو شطط. ويطلع الوسيط بكيفية منتظمة الوزير الأول بجميع حالات امتناع الادارة عن الاستجابة لتوصياته مرفقة بملاحظاته في شأن موقفها والاجراءات التي يقترح اتخاذها. ومن أجل ترسيخ مبادئ الحكامة الادارية وتحسين أداء الادارة, يرفع الوسيط في إطار اختصاصاته, وبصفته قوة اقتراحية لتحسين أدائها والرفع من جودة الخدمات العمومية التي تقدمها, تقارير خاصة إلى الوزير الاول تتضمن توصياته ومقترحاته الهادفة على الخصوص إلى ترسيخ قيم الشفافية والتخليق والحكامة في تدبير المرافق العمومية, وإصلاح ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمهام الادارة وسائر المرافق العمومية, وتبسيط المساطر والاجراءات الادارية لتيسير ولوج المواطنين إلى الخدمات التي تقدمها الادارة في أحسن الظروف. ومن جهة أخرى, تتولى مؤسسة الوسيط تنظيم منتديات وطنية أو إقليمية أو دولية لاغناء الفكر والحوار حول قضايا الحكامة الجيدة, وتحديث المرافق العمومية, في نطاق سيادة القانون ومبادئ العدل والانصاف. وتساهم هذه المؤسسة في تعزيز البناء الديمقراطي, من خلال العمل على تحديث وإصلاح هياكل ومساطر الإدارة, وترسيخ قيم الإدارة المواطنة, والتشبع بأخلاقيات المرفق العمومي. كما تساهم في إحداث شبكات للتواصل والحوار بين الهيآت الوطنية والأجنبية, وكذا بين الخبراء من ذوي الاسهامات الوازنة في مجال الحكامة الادارية الجيدة, من أجل الانفتاح على مستجدات العصر. ويرفع الوسيط تقريرا سنويا عن حصيلة نشاط المؤسسة وآفاق عملها إلى جلالة الملك. ويتضمن التقرير على وجه الخصوص جردا لعدد ونوع الشكايات والتظلمات وطلبات التسوية, وبيانا لما تم البت فيه منها, وما قامت به المؤسسة من بحث أو تحر, والنتائج المترتبة عنهما لمعالجة الشكايات والتظلمات, والدفاع عن حقوق المشتكين ولما تم البت فيه منها بعدم الاختصاص أو عدم القبول أو الحفظ. كما يتضمن هذا التقرير بيانا لوجه الاختلالات والثغرات التي تشوب علاقة الادارة بالمواطنين وتوصيات الوسيط ومقترحاته حول التدابير التي يتعين اتخاذها لتحسين بنية الاستقبال, وتبسيط المساطر الادارية وتحسين سير أجهزة الادارة, وكذا لترسيخ قيم الشفافية والحكامة وتخليق المرافق العمومية وتصحيح الاختلالات التي تعاني منها وإصلاح ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمة المتعلقة بمهام الادارة, ومحاور برنامج عمل المؤسسة على المدى القصير والمتوسط وموجزا عن وضعية تدبيرها المالي والاداري. ويقدم الوسيط عرضا يتضمن ملخصا تركيبيا لمضامين هذا التقرير السنوي أمام البرلمان في جلسة عامة. ومن جهتها, تقوم الحكومة ومختلف أجهزة الإدارة المعنية, كل في نطاق اختصاصه, برفع تقارير خاصة لمؤسسة الوسيط, عن التدابير المتخذة من قبلها لتنفيذ التوصيات والاقتراحات الموجهة إليها من لدن المؤسسة. وفي ما يخص الهيكلة الادارية للمؤسسة, التي ترصد لها بصفتها مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة ميزانية خاصة, فهي تتوفر على هيكلة إدارية تتكون من كتابة عامة وشعب ووحدات إدارية وتقنية يحدد تنظيمها واختصاصاتها في النظام الدخلي للمؤسسة. وعلى صعيد التعاون والشراكة, يتولى الوسيط تنمية علاقات التعاون والشراكة خاصة في مجال التكوين وتبادل الخبرات ونشر القيم والأهداف التي تسعى إليها مؤسسة الأمبودسمان والوساطة, وإشاعة ثقافة حقوق الانسان في مجال اختصاصه, وتنسيق المجهوادت الرامية إلى ذلك لاسيما مع المؤسسات المماثلة للوساطة والأمبودسمان الأجنبية, وكذا مع المنظمات والهيآت الوطنية الاقليمية والدولية المعنية.