مع قدوم فصل الشتاء من كل سنة، تتجدد معاناة سكان المناطق الجبلية مع قساوة البرد، خصوصا داخل الأسر الفقيرة، التي تفتقد إلى الشروط الكفيلة لمواجهة انخفاض درجات الحرارة إلى تحت الصفر. وقد دأبت اللجان الإقليمية لليقظة والتتبع على المستوى الوطني على وضع برامج عمل مكثفة وشاملة من أجل مواجهة آثار موجات البرد القارس والتساقطات الثلجية والمطرية، التي تعرفها مختلف أقاليم ومدن المملكة. وضمن هذه البرامج، تعمل المديريات الجهوية للصحة على تقديم المساعدات الضرورية للسكان المعرضين لموجات البرد، وتستهدف هذه المساعدات المناطق القروية، التي تشهد انخفاضا كبيرا في درجة الحرارة، لضمان الاستجابة الملائمة للحاجيات الصحية، وتقريب الخدمات الأساسية والأدوية اللازمة للسكان. كما توفر المديريات الجهوية للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء العديد من الآليات لإزاحة الثلوج تشتمل على شاحنات ومعدات مختلفة متخصصة في المجال موزعة حسب احتياجات الأقاليم. وبالموازاة مع ذلك، تتجند جمعيات المجتمع المدني على نقل المساعدات الإنسانية للسكان المتضررين، وتشمل هذه المبادرات توزيع الملابس الشتوية والأغطية الصوفية والمواد الغذائية. وكانت الحكومة رفعت هذه السنة من عدد الأقاليم المشمولة بالمخطط الوطني لمواجهة الآثار السلبية لموجة البرد من 22 إلى 27 إقليما خلال الموسم الشتوي الحالي. ويهدف بالأساس إلى الحد من معاناة سكان هذه المناطق عبر اتخاذ جملة من التدابير لتحقيق ذلك، من أبرزها إعداد برنامج لتوزيع المؤن الغذائية والأغطية على الأسر الموجودة في الدواوير المعزولة والمناطق الأكثر تضررا. كما يشمل المخطط إحصاء المشردين في جميع مناطق المغرب وإيوائهم في أماكن آمنة، وإحصاء ومعرفة النساء الحوامل القاطنات بالدواوير التي يمكن أن تتعرض للعزلة، والتكفل بالمقبلات منهن على الولادة في دور الأمومة والمراكز الصحية المحدثة لهذه الغاية، وكذا توزيع حطب التدفئة على مستوى مختلف المؤسسات التعليمية المعنية بموجة البرد والثلج، وتوزيع العلف المدعم على مربيي الماشية بالمناطق المعزولة.
انطلاق حملة شتاء بالخميسات وضواحيها
وقد أفاد مراسل "الصحراء المغربية" بالخميسات، حسن نطير، أن المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني، أطلقت، بتعاون وتنسيق مع السلطات المحلية، ووزارة الصحة، والوقاية المدنية، مع بداية فصل الشتاء لهذه السنة، حملة شتاء 2018، بناء على مراسلة عامل الإقليم في هذا الشأن، بغرض إيواء المشردين والمسنين، الذين يعيشون دون مأوى ولا عائل، وتوفير الحماية اللازمة لهم لتجاوز الظروف الطبيعية القاسية. وفي هذا الصدد، تجندت السلطات المحلية وباشرت عملية جمع المسنين المشردين بغرض إيوائهم خلال هذه الفترة، التي تتميز بالبرد القارس، وإيداعهم بمركز رعاية الأشخاص المسنين التابع لمقر الجمعية الخيرية الإسلامية، فيما يحال المشردون من المهاجرين الأفارقة على مركز إيواء المهاجرين بطنجة أو الرباط. وتمكنت السلطات المحلية والشركاء في هذه العملية، منذ انطلاق الحملة، من ضبط 10 حالات من الأشخاص المسنين المشردين، وأجريت لهم فحوصات طبية وعلاجات قبل إحالتهم على المقرات المخصص لهم بالجمعية الخيرية الإسلامية، فيما جرت إحالة حالتين على مركز الإيواء بالرباط، ويتعلق الأمر بمهاجرة من إحدى دول جنوب الصحراء وابنها على مركز الإيواء بالرباط.
توزيع مدفئات كهربائية وحطب التدفئة على المدارس
من جهته، كتب عبد الكريم ياسين، من مكتب الجريدة بمراكش، أن اللجنة الإقليمية لليقظة، التي يرأسها عمر التويمي، عامل إقليمالحوز، عقدت، يوم الاثنين الأخير، اجتماعا خصص لدراسة كل الاحتمالات المتوقعة، وتحديد الوسائل لمعالجتها ارتباطا بالأوضاع المناخية المنتظرة، وما يترتب عنها من ضرورة تفعيل الإجراءات الاستباقية الواجب اتخاذها وفق الاستراتيجية الإقليمية المتبناة منذ السنة الماضية، وذلك بحضور ممثلي الجماعات التابعة لإقليمالحوز ورجال السلطة والمصالح الأمنية بالإضافة إلى رؤساء المصالح الخارجية. ويأتي هذا الاجتماع، في إطار الإجراءات الاستباقية، التي دأبت السلطات الإقليمية للحوز على اتخاذها، بتنسيق مع الهيئات المنتخبة وجمعيات المجتمع المدني، المعروفة بجديتها وانخراطها الإيجابي والفعال، لمساعدة سكان العالم القروي على مواجهة موجة البرد، خاصة داخل أوساط الفئات المتمدرسة. وحسب مصادر مطلعة، فإن من بين الاجراءات التي تم اتخاذها تزويد المؤسسات التربوية المحتمل تعرضها لموجة البرد الذي يعرفها إقليمالحوز على غرار باقي أقاليم المملكة التي تعرف انخفاض شديد في درجات الحرارة، بمدفئات كهربائية بالنسبة للمرتبط منها بالشبكة الكهربائية وحطب التدفئة للمؤسسات الأخرى، إضافة إلى الرفع من القدرة الاستيعابية لدور الطالب والطالبة ودور الأمومة وباقي مراكز الإيواء، لاستقبال السكان المحتمل تضررهم من التقلبات المناخية والأشخاص بدون مأوى. وأضافت المصادر نفسها، أنه من أجل الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم، وضمان سلامة وطمأنينة الأشخاص القاطنين بحوالي 79 دوارا يحتمل أن تكون في حالة عزلة، تم وضع خطة عمل بتنسيق مع جميع المتدخلين، لأجل اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة والتدخل في الوقت المناسب بتنسيق مع اللجنة الإقليمية، من خلال تعبئة ونشر جميع الموارد البشرية والمعدات اللوجستيكية المتوفرة بالإقليم، خاصة الآليات وسيارات الإسعاف والشاحنات، التي يزيد عددها عن 266 آلية وسيارة، منها ما هو تابع للمجلس الإقليمي أو مجموعة الجماعات أو الجماعات الترابية، فضلا عن تلك التابعة لمصالح الدولة. وكانت مصالح عمالة إقليمالحوز، اتخذت السنة الماضية، تدابير وإجراءات استباقية لتجاوز الإكراهات التي تعرفها المناطق الجبلية ذات التضاريس الوعرة لمواجهة الانخفاض الشديد، الذي تعرفه درجات الحرارة بالمنطقة خلال هذه الفترة، وذلك اعتمادا على قاعدة المعلومات المتوفرة التي تم من خلالها تحديد الدواوير الممكن تعرضها للعزلة جراء موجة الثلج والبرد، خصوصا تلك التي يزيد علوها عن 1200م كما هو الحال بالنسبة لجماعات التوامة، وزرقطن، وتزارت، وأيت عادل، ومركز إمليل بأسني، وجماعتي أنكال وأزكور.
"اليد الممدودة" لإعادة الدفء للأشخاص دون مأوى بالجديدة أفاد بوشعيب نفساوي، مراسل الجريدة بمدينة الجديدة أن عدد من الشباب أطلقوا مبادرة "اليد الممدودة" لإعادة الدفء للأشخاص دون مأوى والاهتمام بهم وفق برنامج مسطر، خلال هذه الأيام التي يشهد فيها المغرب موجة برد قارس على مستوى جميع جهاته. وتأتي مبادرة "اليد الممدودة"، التي تنظمها للسنة الثالثة على التوالي جمعية "جون ماروكان"، من أجل نفض الغبار عن هذه الفئة التي تضطر للمبيت في الشارع، والتي تتكون من فئات مختلفة، منهم مسنون وأطفال ونساء. وأوضح رئيس الجمعية، أيوب كوزة، أن هذه المبادرة تعتبر الثالثة من نوعها بمدينة الجديدة، وهي حملة تضامنية مع الأشخاص بدون مأوى، وأنه تم تحديد تاريخ 13 يناير بداية الحملة، التي تكتسي طابعا اجتماعيا محضا من خلال توزيع الأغطية والملابس ووجبات العشاء الساخنة. وتحاول الجمعية جاهدة من خلال مبادرة "اليد الممدودة" رفع التحدي بالبحث عن شركاء مساهمين من أجل الخروج بشكل يومي والبحث عن الحالات التي تستدعي التدخل. وشهدت سنة 2018، مع بداية شهر يناير الجاري، حملات ليلية من لدن المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني بالجديدة، في واحدة من بين الإجراءات المتخذة من أجل حماية الأشخاص دون مأوى، حيث تم تقديم الدعم والمساندة لهم من خلال توزيع أغطية وملابس حماية لهم من موجة البرد القارس، إذ استفاد حوالي 100 شخص. وهي المبادرة التي ينتظر أن تفعل خلال هذه السنة أيضا، من أجل مساعدة الأشخاص دون مأوى، وحمايتهم من موجة البرد، التي تعرفها المنطقة خلال شهري يناير وفبراير.