عبر زقاق طويل، توجهت "المغربية" إلى بيوت متهالكة لا تتميز بشيء ماعدا صبر سكانها على الواقع الهش، وسط هذه الدور المتداعية للسقوط في أي لحظة أسرة كنعان خلال نزوحها من المنزل المتصدع (خاص) فزنقة كلميمة (بوطويل) بالمدينة القديمة في الدارالبيضاء، شهدت في الأيام الأخيرة انهيار بعض الأسقف والجدران لمنازل متقادمة، لتتجدد مخاوف السكان في أن يصبحوا ضحايا لها، في حين سعى البعض إلى الانخراط في عملية الترحيل بعد دفع قسط من ثمن الشقة البديلة بمنطقة الرحمة، دون أدنى إشارة إلى التعجيل بنقلهم إليها، فيما آخرون عاجزون عن هذا الإجراء ليبقوا في مساكنهم المهددة بالانهيار، مجددين النداء للجهات المعنية لحل "عقدة" قصة السكن بالمدينة القديمة، التي امتدت لسنوات دون جدوى، حسب رأيهم. قصص إنسانية مختلفة داخل الجدران المهترئة للمنازل بزنقة كلميمة (بوطويل)، فهشاشة البنيان والمساحة الضيقة والرطوبة الخانقة والفوضى العارمة، هي واقع الحياة بهذه المنازل كمثيلاتها من منازل المدينة القديمة، غير أن زنقة كلميمة الممتدة على مسافة طويلة حيث تتراص مساكن متقادمة، "اندلعت" فيها من جديد شرارة غضب السكان، بعد أن عاشوا حدثين لانهيار سقفين بمنزلين، قاد نزوح الأسر منها والنجاة بحياتهم. وخلال زيارة "المغربية" للزنقة 12، حيث غادر محمد كعنان مع زوجته عائشة مونين بيتهما المهترئ لحظة تهاوي جدران البيت وانهيار أسقفه الأسبوع الماضي، وجدت الزوجين يفترشان أرض الزقاق الفاصل بين المنازل الكائنة فيه للمبيت، بعد أن تعذر عليهما اللجوء إلى مدرسة الزيراوي، مثل باقي السكان النازحين من مساكنهم المتلاشية، وفي ظروف لا إنسانية قادت الزوجين إلى البكاء بحرقة لحظة الاستفسار عن مشكلتهما، كان باقي الجيران يعبرون عن تضامنهم مع هذه الأسرة التي فقدت ملجأ السكن، في وقت كان الزوج حريصا على دفع 800 درهم شهريا كسومة للكراء منذ خمس سنوات، ليتفاجأ بأن صاحب المنزل استفاد من السكن البديل، دون أن يعلم محمد كعنان بموقع المنزل ضمن المنازل المرشحة للاستفادة، حتى انهار السقف واتسعت هوة الجدران لينزح منه نحو الشارع بعيدا عن أي تدخل من قبل السلطات المحلية، حسب حكايات الجيران. وعند تفقد "المغربية" لواقع حال هذه الأسرة تبين أن جيرانهم كانوا يقطنون بالمنزل نفسه وانتقلوا إلى مدرسة الزيراوي بمجرد انهيار الأسقف، فيما منع كعنان من ذلك، ليزداد قنوطه وبؤسه. فضعف الحيلة وغياب مدخول قار، دفع كعنان إلى أن يجهش بالبكاء وهو يروي ل"المغربية" قصته مع التشرد في الشارع، ليضطر إلى النوم أمام أكوام من أغراضه القديمة والقابعة في الزقاق، الذي تخترقه مياه المجاري فتزيد من عمق معاناته الاجتماعية والنفسية. وعند تصوير "المغربية" لمشهد هذه الأسرة القاطنة بالزقاق والاستماع لحكايتها مع الانهيار والمبيت في الشارع، وردها اتصال في اليوم الموالي من الزيارة، يفيد بأن الأسرة أعيد النظر في مشكلتها من قبل السلطات المحلية لنقلها إلى مدرسة الزيراوي إلى حين تسوية ملف السكن بالمدينة القديمة، في وقت كانت أسرة كعنان فاقدة للأمل، بعدما قضت أياما في العراء لم يدع لها خيارا غير الحسرة والبكاء.