أكد طه حسين ، الخبير المصري في الشؤون العربية ، أن الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس مؤخرا بمناسبة تخليد الذكرى الخامسة عشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين ، "حبل بالعديد من الرسائل القوية ،موجهة من جهة للداخل المغربي ، ومن جهة أخرى للخارج العربي والمحيط الاقليمي والدولي". وأوضح طه حسين في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الخطاب الملكي "اتسم بالصراحة في التعاطي مع الشأن العام المغربي" خاصة حينما أكد جلالة الملك على أن الاحتفال بالذكرى ال 15 لعيد العرش مناسبة للقيام ب"وقفة تأمل وتساؤل مع الذات بكل صراحة وصدق وموضوعية حول ما طبع مسيرتنا من إيجابيات وسلبيات هي للتوجه نحو المستقبل بكل ثقة وعزم وتفاؤل". ولاحظ طه حسين المحلل السياسي في جريدة (الشرق) القطرية ، أن الخطاب الملكي شكل من خلال مضامينه الداعية الى مواصلة الإصلاحات، والانخراط في أربعة توجهات عددها جلالته في النهوض بالتنمية المستدامة، وفي رفع تحديات الانفتاح والتنافسية، ثم توطيد الحكامة الجيدة، فتركيز السياسات العمومية على توسيع قاعدة الطبقات الوسطى، خارطة طريق لرفع التحديات وربح الرهانات المستقبلية. وفي قراءته للموقف الذي عبر عنه جلالة الملك بخصوص العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ، قال طه حسين "إن ما استرعى الانتباه في خطاب جلالة الملك محمد السادس هو الادانة القوية للعدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة حيث جاءت كلمة جلالته تجسيدا للتضامن الملموس مع الشعب الفلسطيني في هذه المحنة"، مبرزا في هذا السياق أن المملكة المغربية كانت سباقة لتقديم الدعم المادي لضحايا هذا العدوان، وفتحت المستشفيات المغربية أبوابها أمام الجرحى والمصابين منهم إسهاما منها في التخفيف من معاناتهم. ودعما لصمود المقدسيين في أرضهم، يضيف المحلل السياسي المصري، شدد جلالة الملك باعتباره رئيسا للجنة القدس ،حرصه على مواصلة وكالة بيت مال القدس الشريف لأعمالها الميدانية، وتقديم الدعم المباشر والملموس لهم، والتجاوب مع احتياجاتهم الملحة ،مذكرا في هذا الصدد بالتوصيات القوية التي أصدرتها لجنة القدس، بمناسبة انعقاد دورتها العشرين، بمدينة مراكش، دعما لمفاوضات السلام، وحفاظا على الهوية الروحية والحضارية للقدس، من الانتهاكات الاسرائيلية اللامشروعة ، ومشيرا إلى أن هذه الدورة عرفت أيضا اعتماد الخطة الاستراتيجية الخماسية لعمل وكالة بيت مال القدس الشريف، لدعم القطاعات الحيوية، من خلال مشاريع مضبوطة في برمجتها ووسائل تمويلها. وأكد طه حسين أن اهتمام جلالة الملك بالوضع العربي الحالي "يعكس حرصا مغربيا على التضامن العربي واستقرار الدول العربية ،وقلقا على ما آلت اليه الاوضاع في بعض الدول العربية خاصة سوريا والعراق وما يعتري بعض الدول من صراعات مذهبية خطيرة "، مبرزا أن مناداة جلالة الملك بإنشاء منظمة عربية متكاملة ومندمجة اقتصاديا، وموحدة ومنسجمة سياسيا، تجعل من العالم العربي قطبا جيو-سياسيا وازنا في العلاقات الدولية، قادرا على الدفاع عن القضايا العربية المصيرية" أمر يبعث على الاعتزاز، ويعكس حرص جلالته على تعزيز روابط الاخوة والتفاهم، التي تجمع الدول العربية خاصة في ما يتعلق بعزيز التعاون بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي". على الصعيد المغاربي ، اعتبر المحلل السياسي المصري أن خطاب جلالة الملك محمد السادس في الذكرى الخامسة عشرة لاعتلائه العرش "عكس حرصا مغربيا أكيدا ومتواصلا لبناء المغرب العربي الكبير ، وإرادة جلالة الملك الراسخة في بناء اتحاد مغاربي قوي عماده علاقات ثنائية متينة ومشاريع اقتصادية اندماجية". ولاحظ أن تجديد جلالة الملك الدعوة ،في خطابه السامي ، لبناء صرح اتحاد مغاربي قوي "تضمنت اقرارا بوجود اختلافات ،لكن هذه الاختلافات لا تحول دون الوحدة أو تعطيل مسيرة الاتحاد المغاربي أو استمرار إغلاق الحدود"، مبرزا أن هذا الأمر بالذات "يعد اعاقة لحركة الشعوب وتكاملها وأول الخطوات لتحقيق التكامل والتضامن المغاربي المنشود".