أكد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، من جديد، أن إرادة الدولة المغربية قوية في محاربة جميع أشكال التعذيب، وأنها ستضرب بيد من حديد على يد كل من يخرق القانون، ولن تسكت على الادعاءات التي تصدر بسوء نية. وأوضح الوزير، في لقاء تواصلي مساء أول أمس الخميس، بمقر الوزارة بالرباط، مع جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان، حول "الآليات اللازمة للبحث في ادعاءات التعذيب"، أن الدولة جادة في التصدي لهذه الظاهرة، ومحاربة أي تسلط على السلامة الجسدية للأفراد، وأنها "تؤكد رفضها للتعذيب ولن تسمح بممارسته". وشدد الرميد، في اللقاء الذي دام أزيد من ثلاث ساعات، على انتفاء أي علاقة للدولة بأي حالة تعذيب يمكن تسجيلها، مؤكدا أن الأمر يتعلق ب"مسؤولية من قام بها، وهي عملية مجرمة تستحق العقاب"، مذكرا بأن إرادة الدولة قاطعة مع أي ممارسة لأي شكل من اشكال التعذيب. واستعرض جملة من التدابير والإجراءات التي اتخذها المغرب، في المجال القانوني والتشريعي، من أجل التصدي لظاهرة التعذيب والادعاءات المرتبطة به، سيما منها مصادقته على البروتوكول الاختياري المرفق باتفاقية التعذيب، وحرصه على إحداث آلية وطنية للنظر في الشكاوى الخاصة بدعاوى التعذيب، تطبيقا لمقتضيات هذه الاتفاقية، في القريب العاجل. وكشف أن وزارة العدل والحريات أرسلت إلى الوكلاء العامين ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، منشورا للتذكير بالقوانين المنصوص عليها في هذا الباب،وحثتهم على احترامها، وعلى التفاعل إيجابيا مع حالات ادعاء التعرض للعنف والتعذيب، والأمر بإجراء معاينة للآثار أو الأعراض الخاصة بذلك في محضر قانوني، والأمر بإجراء فحص طبي وتقديم ملتمسات إيجابية بشأن طلبات الفحوص الطبية التي تقدم أمام قضاة التحقيق أو هيئات الحكم. كما مد الجمعيات بأسماء الأطباء على صعيد المحاكم الابتدائية والاستئناف الذين يحضرون للكشف عن حالات التعذيب. وأشار وزير العدل إلى أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية مهمة لمناهضة التعذيب، مذكرا بما يتضمنه مشروع المسطرة الجنائية الجديد من إجراءات، من بينها السماح بزيارة المحامي للمعتقل رهن الحراسة النظرية منذ الساعة الأولى لذلك، والتسجيل السمعي البصري لكافة التصريحات أثناء الحراسة النظرية، إلى جانب إنجاز سجل معلوماتي على صعيد مركزي أو محلي لكافة المحتجزين في إطار هذه الحراسة. وأهاب بمنظمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية التعاون والتواصل البناء مع الوزارة للتصدي للادعاءات الخاصة بموضوع التعذيب، ملتمسا منها اقتراح لائحة بأسماء أطباء معتمدين من جانبها، للمساهمة في عمليات الفحص والخبرة في كل ادعاء بالتعذيب.كما حث هذه المنظمات على المساهمة بكل اقتراح يساعد على ضمان الحقوق الأساسية للمواطنين خلال مرحلة الحراسة النظرية. من جهته، أبرز محمد عبد النباوي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل والحريات، الخطوات والإجراءات العملية بخصوص مجموعة من الحالات المرتبطة بادعاءات بوقوع أعمال تعذيب ضد معتقلين، مبرزا أن جميع التحقيقات والفحوصات وعمليات الخبرة كشفت انعدام كل إثبات أو دليل على وقوعها. وعبرت الفعاليات الحقوقية، التي حضرت هذا اللقاء، عن تثمينها لهذه المبادرة التواصلية، واستعدادها للتعاون من أجل كشف الحقيقة بخصوص الادعاءات المتعلقة بالتعذيب، مشددة على ضرورة الإسراع بإخراج الآلية الوطنية الخاصة بدعاوى التعذيب في أقرب الآجال، مع الحرص على اعتماد مقاربة شمولية ومندمجة، من أجل استباق هذه الظاهرة وتداعياتها.