أكد المشاركون في يوم دراسي نظم بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة اليوم الخميس على ضرورة تظافر جهود جميع الفاعلين من أجل التصدي لظاهرة العنف ضد النساء. دعا المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته المديرية العامة للأمن الوطني بشراكة مع جمعية "بيت الحكمة" في موضوع "مناهضة العنف ضد النساء"، إلى انخراط جميع الفاعلين المؤسساتيين والحكوميين ومنظمات المجتمع المدني والإعلام من أجل التصدي لهذا النمط من العنف الذي يتخذ أشكالا متنوعة ويستهدف جميع فئات النساء على اختلاف أعمارهن ومستوياتهن التعليمية والاقتصادية والاجتماعية. وأبرز المتدخلون في هذا اللقاء، الذي حضره ممثلون عن عدد من البعثات والهيئات الديبلوماسية المعتمدة بالمغرب وفاعلون جمعويون وإعلاميون وعدد من أطر المديرية العامة للأمن الوطني، التأثيرات النفسية والجسدية التي تعاني منها النساء ضحايا العنف، فضلا عن انعكاسه السلبي على أمن وسلامة المجتمع وتنميته الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق، أكد عبد المجيد الشاذلي، مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، في كلمة باسم المدير العام للأمن الوطني، خلال الجلسة الافتتاحية أن تنظيم هذا اللقاء يندرج في إطار مبادرة طموحة تروم توطيد مقاربة النوع الاجتماعي وترسيخ آليات المنظومة الحمائية لفائدة النساء ضحايا العنف. وشدد على ضرورة مزاوجة منظومة مناهضة العنف ضد النساء بين معالجة السلوك الفردي وبلورة مناهج بيداغوجية للتربية والتكوين ثم تدعيم المقاربات القانونية والمؤسساتية لزجر العنف. وأشار مدير الشرطة القضائية إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني جعلت من التصدي لهذه الظاهرة بندا قارا ضمن برامجها التكوينية انطلاقا من قناعتها بأن العنف يمس المكتسبات التي راكمها المغرب في مجال حقوق الانسان، وكذا بالنظر لتداعياته السلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتأثيره على الإحساس العام بالأمن. وسجل في هذا الصدد حرص المديرية العامة على الانخراط في الجهود الرامية للعنف ضد النساء من خلال تشكيل خلايا جهوية لاستقبال الضحايا، وإحداث آليات لتتبع تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة العنف على مستوى خمس ولايات للأمن، إلى جانب توقيع اتفاقيات مع القطاعات الحكومية المعنية. كما تطرق عبد المجيد الشاذلي إلى سلسلة البرامج والتكوينات التي يستفيد منها موظفو الأمن الوطني من أجل المعالجة المثلى لهذه الظاهرة وتحسين جودة خدمات استقبال والانصات للنساء المعنفات، فضلا عن تدعيم الشراكات مع فاعلين محليين ودوليين في مجال التكوين. وأكد مدير الشرطة القضائية في السياق ذاته أن المديرية العامة للأمن الوطني تمكنت من خلال هذه المقاربة المندمجة من تسجيل نتائج إيجابية في معالجة والتصدي لظاهرة العنف ضد النساء من خلال تسجيل تراجع بنسبة 5ر9 بالمائة في عدد الشكايات الخاصة بهذا العنف خلال الثلاثة أشهر الأولى من السنة الجارية مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2013. وثمن فتاح بناني، رئيس جمعية "بيت الحكمة" التفاعل الإيجابي للمديرية العامة للأمن الوطني مع الجمعية في الجهود الرامية إلى التصدي لظاهرة العنف ضد النساء ولاسيما من خلال وضع برامج لتكوين الأطر الأمنية، منوها في هذا السياق اعتماد المديرية لمقاربة النوع الاجتماعي كآلية نموذجية لمعالجة هذا الظاهرة. وبعد أن أشار الى أن العنف ضد النساء يعد مصدر انشغال وقلق حقيقي لجميع المتدخلين من فاعلين جمعويين ومؤسساتيين ومنتخبين، شدد بناني على ضرورة تمحور جهود التصدي لهذه الظاهرة حول حملة من المحاور من بينها كسر الصمت بخصوص الظاهرة والتهاون في الكشف عنها، وضرورة مواصلة جهود تحسين جودة استقبال النساء المعنفات على مستوى مراكز الشرطة، واعتماد السرعة والفعالية في معالجة هذه الملفات من أجل تجنب ظاهرة العود والتكرار. كما أكد على أهمية توفير الدولة للدعم المادي والمالي لهيئات المجتمع المدني العاملة في هذا القطاع ولاسيما من اجل تخصيص فضاءات لإيواء واستقبال النساء ضحايا العنف، مشددا في السياق ذاته على ضرورة تكثيف عمليات التوعية والتحسيس بمخاطر هذه الظاهرة. وتطرقت البرلمانية والفاعلة الجمعوية، خديجة الرويسي، من جهتها، إلى معطيات إحصائية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بخصوص انتشار ظاهرة العنف ضد النساء وسط المجتمع المغربي، معتبرة أنها تكشف عن أرقام كبيرة وعن حجم استفحال وانتشار هذا النمط من العنف. وأشارت في هذا السياق إلى انه بالرغم من حرص بعض المعنفات على وضع شكايات لدى مصالح الأمن فإن 38 بالمائة يتم تسويتها عبر تنازل الضحية والتصالح مع الجاني، في وقت يتجاوز فيه عدد مرتكبو العنف الذين تتم إدانتهم حاجز الواحد بالمائة بقليل. وأبرزت السيدة الرويسي أنه بالرغم من اعتماد استراتيجية وطنية لمناهضة العنف، فإنه يتم تسجيل تباطؤ بخصوص اعتماد عدد من القوانين والتشريعات الخاصة بالتصدي لهذه الظاهرة. ومن جانبه، استعرض احمد بندحمان، رئيس وحدة الشرطة القضائية بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، جانبا من جهود المديرية العامة للأمن الوطني ولاسيما على مستوى تكوين رجال الشرطة. وأشار في هذا السياق إلى وضع المديرية برنامجا مندمجا للتكوين في مجال مكافحة العنف ضد النساء، يشمل ثلاث مستويات، حيث يهم المستوى الأول برنامج التكوين الاساسي لفائدة المنتسبين الجدد في سلك الشرطة، ويخص المستوى الثاني برنامج التكوين المستمر لفائدة كافة رجال الشرطة، ومستوى ثالث للتكوين التخصصي لفائدة موظفي الأمن المتخصصين نوعيا في قضايا العنف ضد النساء. وتضمن برنامج هذا اليوم الدراسي عروضا ومداخلات تطرقت إلى ظاهرة العنف ضد النساء كواقع معاش يوميا، وجهود المديرية العامة للأمن الوطني لمناهضة العنف ضد النساء، ودور مهنيي الصحة في التكفل بالنساء المعنفات، والمقاربة النفسية-الاجتماعية للعنف الممارس ضد المرأة، والمقاربة القانونية لهذه الظاهرة.