في انتظار أن تشرع القاعات السينمائية المغربية في عرض أحدث أفلامه السينمائية "عيد الميلاد"، ابتداء من الأربعاء المقبل، ينكب المخرج المخضرم لطيف لحلو على التحضير لجديده في عالم الفن السابع. وقبل أن يعبر لحلو، في حديث ل"المغربية"، عن توقعاته للإقبال الجماهيري المنتظر أن يحققه "عيد الميلاد"، قال إن في جعبته أيضا فيلمان اثنان مازالا في مرحلة الكتابة، يحمل الأول اسم "ساعات السعادة"، كعنوان مبدئي، فيما يضم الثاني جزءا من ذكريات عاشها المخرج لطيف لحلو وأصدقاؤه، في مرحلة الثمانينيات من القرن المنصرم. أما في "عيد الميلاد"، فقد اختار لطيف لحلو، الحديث عن الطبقة البرجوازية، التي تحتل مرتبة خاصة في المجتمع المغربي، والتطرق إلى علاقاتها الاجتماعية في ما بينها، وبين شرائح أخرى من المجتمع. وعن سبب تسليطه الضوء على هذه الطبقة دون سواها، قال لحلو إن أفرادها يكونون غالبا من أصحاب القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلد. وأضاف "بعد العمل على أفلام تناولت طبقات اجتماعية مختلفة، أتوقف الآن عند الطبقة البرجوازية، وربما يكون الفيلم طريقة لنقد سلوكيات بعض أفرادها". وتدور أحداث الفيلم حول أسبوع من التحضيرات لحفلة عيد ميلاد، تتيح للمخرج فرصة تحليل تصرفات طبقة متميزة متورطة في صراعات تغذيها مصالحها الأنانية المتضاربة. ويحكي قصة مجتمع مصغر، حيث الرجال والنساء يركبون السيارات الفخمة، والأبناء يدرسون في المدارس الخاصة، والنساء يحترن بين رعاية البيت والأطفال أو ممارسة مهنة مهمة. وفي السياق نفسه، أشار المخرج إلى أن الفيلم "يغوص بالمتلقي في الحياة اليومية لعائلة المزني، ومن خلالها يحكي قصة أربعة أزواج يتحدرون من النخبة، لكن رغم الامتيازات وحياة الرفاهية ينشغلون دائما بالبحث عن السعادة التي تهرب منهم". وبالتالي فعيد الميلاد لا يدخل في نطاق القصص الخرافية، بل هو واقع نخبة تبحث عن نفسها من خلال أشياء بسيطة يمكن أن تقودها نحو السعادة. ويرصد العمل السينمائي، الذي صور في 6 أسابيع بين مدينتي الدارالبيضاء وباريس، واقع حال المهندس سعيد المزني (يونس ميكري)، مناضل يساري سابق، ينظم عيد الميلاد مرغما، ويريد أن يقنع نفسه أنه مايزال ذلك المهندس المعماري المناضل، أما زوجته غيتة (أمال عيوش)، فتجد في هذه المناسبة الاجتماعية فرصة لإعادة الاعتبار لأنوثتها وحياتها الاجتماعية مع الحفاظ على توازن أسرتها. وفي الجهة المقابلة، تعمل شخصية جميلة بكل الوسائل لتنسيق عملية اتصالات كبرى من أجل تعزيز الصعود السياسي لزوجها أحمد، في حين تعمل أديبة قصارى جهدها لملء الفراغ الناتج عن الرغبة في الأبوة، التي يعاني منه أنوار، أما ثورية فهي دائما تكافح من أجل أن تقنع نفسها والآخرين بأن الزواج ليس أمرا حتميا. أما في خلفية المشهد، فيقدم الفيلم، الذي كتبه محمد العروسي وجيرالددين بيوكين (وساهم فيه لطيف الحلو)، صورة مأساوية للمصير الذي يسقط فيه عدد من أبناء هذه الأوساط التي تبني "سعادتها" على الرفاه المادي وهاجس النجاح الفردي، متجاهلة تعهد أبنائها بالرعاية والتوجيه اللازمين، وأشار لطيف لحلو إلى ذلك من خلال حادثة السير، التي ذهب ضحيتها شاب مفرط في الرعونة، وموت آخر على عتبة المراهقة، تحت تأثير جرعة مخدرات زائدة. وتعامل لحلو في الفيلم مع العديد من الوجوه السينمائية المعروفة، على رأسها أمال عيوش، حميد باسكيط، يونس ميكري، سناء موزيان، وآخرون. وعن تعامل مع النجمة موزيان في أكثر من عمل، قال لحلو إن تناغما فنيا قويا يجمع بينهما، وأضاف "سناء بمثابة ابنتي، وهناك انسجام كبير بيننا أثناء التصوير، إذ تستطيع أن تترجم أفكاري وتعبر عنها بسهولة تمثيليا"، أما الشخصيات الأخرى في الفيلم، فيؤكد لحلو أنها تناسب بشكل كبير الأسماء الفنية التي اختار التعاون معها. إلى ذلك، عبر المخرج لطيف لحلو، عن متمنياته بأن يحظى الفيلم بالإقبال الجماهيري الكبير، واستطرد قائلا، "لا نستطيع أن نجزم برد فعل الجمهور على فيلم معين، إذ لا يمكن أن يحكم أحد على رأيه، ومن الصعب أن يتحكم في ذوقه أي شخص". وخلص لحلو إلى أن الجمهور يعبر عن مكنوناته ودواخله في مشروع إبداعي معين، ليبقى للجمهور كافة الصلاحيات للحكم على ذلك المنتوج بالسلب أو الإيجاب، انطلاقا من خلفياته الخاصة. الجدير بالذكر أن لطيف لحلو ينتمي لجيل رواد السينما المغربية، وساهم في إغناء الريبرتوار السينمائي، من خلال أعمال مازالت عالقة في أذهان عشاق الفن السابع، منها فيلمه الروائي الأول شمس الربيع (1969). وظهر اهتمامه بالمجتمع في أفلامه "غراميات" (1986)، و"الدار الكبيرة" (2009)، و"سميرة في الضيعة" (2011).