يعتبر بعض سكان الدواوير النائية بمنطقة تونفيت التابعة لميدلت، نقص الخشب، بسبب إغلاق التعاونيات، مشكلا حادا أمام حاجتهم إليه في التدفئة والطهي. تشهد منطقة تونفيت موجات برد قارس في فصل الشتاء، ما يرفع حاجيات السكان إلى الخشب من أجل التدفئة في هذا الفصل، فيما تقودهم الفصول الأخرى إلى جمع الكميات الممكنة لتصريفها أثناء البرد، وإن كانت مادة الخشب من الضروريات التي لا يستغني عنها سكان تونفيت في حياتهم اليومية، حسب ما ذكره البعض في اتصال مع "المغربية". "المنعطفات الجبلية، والارتفاعات الشاقة، والممرات غير المعبدة، والطريق الطويلة، هي تحديات يتعاطى معها سكان بعض دواوير تونفيت، إقرارا منهم بأنه واقع الحال الذي لا مناص منه، في خضم الإمكانيات المادية المحدودة وعجز الكثيرين عن إيجاد حلول بديلة". وحينما استطاعت دواوير بالمنطقة التعايش مع تبعات البرد القارس خلال هذه السنة، رغم بعض المشاكل والإكراهات، وجدت أن استمرار النقص في الخشب أمرا لا يبشر بالخير، لأن المنطقة التي ترتفع في علو يقدر بحوالي 2276 مترا غير مساعدة على العيش في ظروف مريحة، ماعدا اعتماد الصبر والتحمل، مسايرة للنصيب من الحياة"، وفق ما عبر عنه بعض السكان في تواصل مع "المغربية". وأضاف هؤلاء أن النقص في الخشب ليس مشكلا جديدا بالمنطقة، لكنه يمضي نحو التفاقم واتساع هوة الحاجة إليه، بعدما توالى انغلاق تعاونيات الخشب التي تمد بعض المناطق بهذه المادة، فيما تسد الخصاص لدى بعض الأسر التي يتعذر عليها الحطب. وسيلة عيش أوضح بعض الأفراد، في اتصال مع "المغربية"، أن العديد من الأسر بالمنطقة تعول على جمع الخشب، بخروج النساء للحطب بعد اجتياز مسافات طويلة يوميا، غير أن مناطق أخرى مجاورة تعتمد على منتجات هذه التعاونيات، قصد تسخيرها في الحمامات والأفران والمطاعم وغيرها، وكلما أغلقت هذه التعاونيات، كلما ضاق الحال بالعاملين فيها، لأنها مورد رزقهم الوحيد بمنطقة تنعدم فيها فرص العمل. وذكر هؤلاء، في توضيح ل"المغربية"، أنه في غالب الأحيان يظل سكان بعض الدواوير مثل أنمزي" و"تيميشا" و"أنفكو" و"أيت مرزوك" و"تامالوت" و"أغدو" و"تيرغست" و"تغدوين" وغيرهم، منزوينن في الأركان لصرف الوقت بمعزل عن أي عمل يوفر لهم لقمة العيش اليومي، وباستمرار غياب التعاونيات يصبح وضعهم غير باعث على الأمل وغير مساعد على تجاوز مشاكلهم. من جهة أخرى، أوضح بعض السكان أن تونفيت، بالدواوير التابعة لها، هي منطقة مقيدة بوعورة التضاريس ومفتقدة للمرافق الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وفي ظل ضعف بنيتها التحتية، فإن السكان يتحايلون على ظروفهم المعيشية بإيجاد وسائل تمكنهم من مدخول وإن لم يكن قارا فهو يعوض بعض النقص لديهم". وبإغلاق تعاونيات الخشب دون أسباب وجيهة، على حد تعبير بعضهم، فإن مشاكلهم الاجتماعية تتضخم يوما بعد آخر، دون أن يجدوا للمشكل حلا مرضيا ومعقولا، يخدم السكان كما يخدم المنطقة والدواوير. خلاف حول الخشب جدد بعض أعضاء تعاونية "الفحامين" ب"اكديم"، بمنطقة تونفيت، نداءهم إلى المسؤولين لحل استئناف عمل التعاونية وباقي التعاونيات الأخرى المغلقة، مذكرين بأن تعاونية "الفحامين"، توقفت أنشطتها 2007 إلى اليوم، بعدما كانت توفر لسكان الدواوير النائية الخشب الملائم للتدفئة. ووذكر موحى اعبا، رئيس التعاونية، ل"المغربية"، أن التعاونية تأسست في بداية الثمانينات واستطاعت لسنوات عديدة احتواء عدد كبير من المتعاونين عبر تكوينهم في مجالات استغلال الغابات وحمايتها من الاستنزاف، في وقت سمحت هذه التعاونية بخلق فرص شغل لأسر فقيرة منتمية لقرى بقيادة أكديم. من جهة أخرى، أفاد رئيس التعاونية أن إحداث تعاونيات أخرى، أقصى دور تعاونية "الفحامين" بشكل نهائي، دون أن تعرف الأسباب وراء تعطيل أنشطتها، في حين هناك حوالي 58 متعاونا يترقبون أن تستأنف أنشطتها لجعل الأسر الفقيرة تستفيد من موارد الخشب ودوره الأساسي في التدفئة. ويتخوف أعضاء التعاونية من إبقائها في وضع مهمش، حتى قاد هذا الأمر إلى خلافات مع بعض الدواوير المجاورة المستفيدة من التعاونيات الجديدة. ويتطلع أعضاء التعاونية إلى أن تحظى بفرصة تسخير أشجار الغابات لصالح دواوير أشد احتياجا لهذا المورد الطبيعي، ومن ثمة توفير توازن في كميات الخشب وأثمنته التي ترتفع وفق مزايدات غير محددة بمعايير معينة. في السياق ذاته، يسعى أعضاء التعاونية إلى أن يكون هناك تكافؤ بينها وبين التعاونيات الناشئة قصد إنصاف الأسر المعوزة التي لا تملك بديلا آخر غير موارد "تعاونية الفحامين. مكسب وحيد وفي هذا الصدد، فإن "المغربية" سبق أن زارت منطقة تونفيت، وعاينت عن كثب حياة سكان دواويرها، إذ تطلب الوصول إليها تدبيرا محكما في اجتياز الطرقات والمسالك، خاصة أثناء التساقطات الثلجية، حيث جنبات الطريق نحو الدواوير تفتقد إلى الحواجز الحديدية، فيما تفيض الأودية الثلاثة "واد أيت لحسين"، و"واد أيت بوعربي" و"واد بوتسرفين" عند ارتفاع صبيبها، على الحواف والحقول والممرات، لتصبح القرى معزولة عن منطقة تونفيت، وتحتاج إلى وقت لتجف الطريق ويتأتى للدواب والسيارات عبورها، وبما أنه خلال هذه الفترة ليس هناك حصار لهذه الدواوير، فإن جمع الخشب والاتجار فيه يبقى المكسب الوحيد، للاستفادة منه في أوقات الشدة والحاجة.