أجمع أزيد من 600 مشارك في اللقاء الدولي حول "الأمن التعاقدي ورهانات التنمية"، المنظم بالصخيرات، على ضرورة حرص الموثق على ضمان سلامة العقد شكلا وموضوعا، وجعله أكثر توازنا، بما يكفل غاية المشرع وفلسفته في حماية المستهلك بصفة عامة وأشاروا إلى أن رسوم تسجيل العقود الموثقة تدر على خزينة الدولة أربعة ملايير وثمانمائة وعشرين مليون درهم، أي ما يشكل 75 في المائة من مداخيل ميزانية الدولة من رسوم التسجيل، التي تبلغ سنويا 6،5 ملايير درهم. وشدد المشاركون في اللقاء، المنظم من طرف محكمة النقض والهيئة الوطنية للموثقين، يومي الجمعة والسبت الماضيين، على ضرورة التأمين عن المسؤولية المهنية للموثق في جوانبها التأديبية والزجرية والضريبية والمدنية، مع تفعيل دور صندوق ضمان الموثقين في كل حالة من الحالات التي لا يغطيها التأمين. وأكد المتدخلون، من قضاة وموثقين ومحامين ومسؤولين إداريين، ورجال مال وأعمال، وأساتذة جامعين، أن الأمن التعاقدي يفرض الحاجة إلى مقاربة جديدة، تمنح المزيد من الضمانات لقياس الكفاءة اللازمة لإبرام العقود من طرف مهنيين محترفين، ومستوى الشفافية في التعامل بشأن الودائع والأتعاب. وبخصوص موضوع التنافسية في المجال التعاقدي، خلص المتدخلون إلى تبني مقاربة تجمع بين التنافسية في مفهومها الإيجابي، عن طريق الرفع من سقف جودة الخدمات، مع تكريس مفهوم التكامل والتضامن بين المهن القانونية والقضائية خدمة للتنمية، موضحين أن مساهمة الأمن التعاقدي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية تتمثل في مؤشرين أساسيين، هما الولوج إلى الملكية والتمويل. وهمت مداخلات اللقاء قطاعات الأبناك والمقاولات العقارية، والمحافظة العقارية، وإدارة الضرائب، وحماية المستهلك، والموثقين، والخبراء الدوليين. وخلص النقاش إلى أن الجاذبية القانونية وحدها غير كافية لتحقيق النمو الاقتصادي وجذب الاستثمار المنتج، بل هناك جوانب أخرى لا تقل عنها أهمية كالجانب المالي والضريبي، والبنوك، ومكتب الصرف، والتكلفة، والمساطر الإدارية، والحق في المعلومة، والشفافية. وناقش المتدخلون الأدوار الجديدة للموثق، خصوصا نطاق تدخل الموثق في تفعيل السياسات العمومية في الشأن الاجتماعي والاقتصادي، وحث الدولة على تبني سياسة تشريعية، من شأنها إضفاء الرسمية على المزيد من العقود، التي تبرم في المجالات الحيوية (اقتصاديا واجتماعيا) ضمانا لجودتها وفعاليتها وحماية للاستقرار والثقة في المعاملات. في السياق ذاته، جرت مناقشة شروط ومستلزمات قيام الموثق بدور تفعيل السياسات العمومية، وأشار المتدخلون إلى ضرورة تمكين الموثق من كل الأدوار اللازمة لذلك، خصوصا الحق في الحصول على المعلومات القانونية بيسر ومرونة، وكذا انتهاج مقاربة تشاركية في بلورة كل السياسات العمومية التي تتطلب تدخل الموثق، مع التشديد على أن التكوين هو الوسيلة الأساسية لضمان قدرة الموثق على التفعيل الحقيقي لسياسات الدولة في مختلف المجالات. وناقش المتدخلون من المغرب، وفرنسا، والسنيغال والتوغو، والبينين، والجزائر، وتونس، وكوت ديفوار، على مدى أربع جلسات موضوع "الأمن التعاقدي" في أبعاده القانونية والاقتصادية والعملية، متناولين مختلف المفاهيم التي تتداخل وتتقاطع حوله من أجل ضبطها، ورسم الحدود الفاصلة بين مختلف المصطلحات ذات الصلة به خاصة الأمن القانوني والأمن التعاقدي والعدالة التعاقدية. ودعا التقرير الختامي للقاء الدولي إلى الارتقاء بالأمن التعاقدي إلى مصاف الحقوق الأساسية المضمونة دستوريا ودوليا، والتشديد على ضرورة تعزيز الترسانة القانونية للعقد، بما يسمح بتجاوز أوجه القصور التشريعي، التي تجعله عاجزا عن أداء دوره في تأطير العلاقات التجارية والاقتصادية.