تنظم جمعية الزهور للفن والتراث، والمنتدى الجهوي للثقافة والتنمية، ليلة الوفاء تأبينا للفنانة القديرة الشعيبية طلال في ذكرى وفاتها العاشرة، برواق الشعيبية بمدينة الجديدة، مساء الأربعاء 2 أبريل المقبل. الفنانة التشكيلية الراحلة الشعيبية طلال ما يميز هذا الحدث الفني إقامة معرض يمتد من 2 إلى 30 أبريل المقبل، ومن بين الأعمال التي يحتفي بها في هذه الذكرى، 40 لوحة، هي في الأصل مذكرات حول المسار الفني للراحلة الشعيبية، التي نشرتها "المغربية" في واحتها الصيفية للعام الماضي، والتي امتدت إلى 67 حلقة. إذ حاول كاتبها أن يرصد تاريخ وشهرة هذه الفنانة المبدعة عبر شهادات استقاها من نجلها الحسين طلال، وربيعة مديرة رواق "ألف باء" للفن الحديث، إضافة إلى كتابات لنقاد أجانب، جرى تعريبها، في مقدمتهم الناقدة ومؤرخة الفن، أوزير غلاسيي، ولويس مارسيل، والناقدة سيريس فرونكو، وكورنوي فنان جماعة كوبرا، والشاعر والكاتب أوندري لود. يشتمل برنامج هذا الحدث الفني، فضلا عن المعرض السالف الذكر، على ندوة فكرية حول مسار الشعيبية طلال بالمكتبة الوسائطية، إدريس التاشفيني، من تأطير أحمد جاريد، وحسن نجمي، وفريد الزاهي، وبنيونس عميروش، وأحمد الفاسي، إلى جانب ورشات فنية لمجموعة من الفنانين المرموقين يشتغلون مع أطفال أزمور حول تيمة أعمال الشعيبية بالقبطانية بأزمور. ويختتم برنامج يوم الخميس 3 أبريل بأمسية شعرية زجلية بمشاركة مجموعة من الشعراء، يهدون قصائدهم إلى روح الفنانة الشعيبية. جماليا، ارتبطت تجربة الراحلة التشكيلية الشعيبية بالكثير من الكتابات النقدية لكتاب وكاتبات من أمريكا وأوروبا. في هذا السياق، خصت الناقدة والمؤرخة الفنية أوزير غلاسيي الفنانة الشعيبية بمقال رصين استعرضت من خلاله أهم المحطات التي ميزت مسار الشعيبية الإنساني والفني. فعلى ضوء مقاربة مقارنة وحجاجية، كتبت المؤرخة ذات الصيت الدولي مقالا حمل عنوان "مسار فنانة عالمية"، تقول فيه "الشعيبية طلال بلا منازع أكثر الفنانين المغاربة شهرة في القرن العشرين، إضافة إلى ذلك، فهي مصنفة ضمن كبار الفنانين العالميين على غرار ميرو، وبيكاسو، ومودغلياني على سبيل التمثيل لا الحصر. إنها، أيضا، الفنانة الوحيدة بالمغرب التي حطمت أعمالها أرقاما قياسية في المزاد العلني الدولي. للإشارة، فقد بلغت أعمالها التشكيلية ما قيمته مليون درهم بالنسبة إلى الحجم الكبير. ولدت الشعيبية عام 1929 باشتوكة، قرب الجديدة. لا شيء يبدو معدا سلفا بخصوص مسار هذه الفنانة ذات الشهرة العالمية. ترعرعت، فعلا، في أحضان أسرة قروية، في قلب البادية، إبان فترة ما زال التعليم فيها امتيازا بالنسبة لأبناء الطبقة الميسورة". الواقع أن هناك حدثين وجها الشعيبية نحو المسلك الذي يجب أن تنتهجه. في بداية الأمر، التقت رجلا فقيها بزاوية مولاي بوشعيب، تنبأ بأن هذه المهبولة ستصير بركة، ونعمة قريتها. تلى ذلك الحلم الذي غير مجرى حياتها. في سنة 1963، حلمت الشعيبية وعمرها آنذاك 34 سنة، بأنها بداخل غرفة نومها. باب الغرفة مفتوح. اكتشفت صفا من الشموع المضيئة يمتد حتى الحديقة. كل ألوان قوس قزح تتلألأ في سماء زرقاء تماما. بعد ذلك، دخل رجال شديدو بياض الثياب الغرفة. منحوا الشعيبية قماشات وفرشاة، موضحين لها "هذا هو مكسب قوتك". عند استيقاظها، فهمت الشعيبية أن هذا الحلم يجب أن يتحقق. يومان بعد ذلك، اقتنت الصباغة، وانكبت دون تريث على الرسم. وذات يوم جميل، فوجئ الحسين برؤية أمه ملطخة بالصباغة، وحفزها على الاستمرارية. واصلت الشعيبية عملها كخادمة نهارا ومخصصة أمسياتها للرسم الصباغي. عامان بعد ذلك، وتحديدا سنة 1965، دعا الحسين أحمد الشرقاوي، رسام مغربي، وبيير غودبير، ناقد فني ومدير متحف الفن الحديث بباريس، لتناول وجبة الكسكس في ضيافة أمه. ودون أفكار مسبقة، أظهرت هذه الأخيرة لوحاتها لضيوفها. أحب كثيرا بيير غودبير أعمال هذه الفنانة الناشئة. بعد فسحة من الزمن، تعترف الشعيبية بأن هذا الأخير ساعدها وشجعها كثيرا. في البداية، أقامت ثلاثة معارض أولية عام 1966، واحد بمعهد "غوته" الألماني بالدارالبيضاء، والآخر برواق "Solstice" بباريس، والثالث بصالون "أقصى المستقلين "Surindépendants بمتحف الفن الحديث بباريس. تتابعت بعد ذلك سلسلة من المعارض عبر بقاع العالم. كان تألق الشعيبية ساطعا، أثارت "المهبولة" مجنونة بلدة اشتوكة الصغيرة، إعجاب جمهور عريض بعدة مدن عالمية من بينها كوبنهاغن، وفرانكفورت، وإبيزا، وتونس، وساو باولو، وروتردام، وبغداد، وبرشلونة، وزيلاندا الجديدة، وبفرلي هلس. لكن لا أحد نبي في بلدته. فبينما يقف الغرب مذهولا أمام موهبة الشعيبية طلال الخارقة، نجد الأسماء الصادحة للفن المعاصر بالمغرب تخصها بازدراء كلي. يجب القول بالنسبة إليهم إن إنتاج هذه الأخيرة مختزل في الفن الفطري. مع ذلك، فنقاد الفن يجمعون في هذا الصدد حول هذه الحقيقة: أسلوب الشعيبية لا علاقة له بالشكل التعبيري للفن الفطري. وإذا كان من اللازم تصنيف هذا الأسلوب فقد اتفق بعض النقاد على القول إننا في حضرة "فن خام" (Art brut)، أي نموذج تشكيلي كما نادت بذلك الحركة الأوروبية كوبرا (Cobra) عام 1945، والذي يهم فنا متخلصا من كل تأثير معرفي، وثقافي، وتاريخي. الواقع أن أسلوب الشعيبية غير قابل للتصنيف. في ما بعد، نقول عمل "الشعيبية" كما نقول عمل "بيكاسو" ... وأيضا كما نبيع عملا ل "بيكاسو"، الشعيبية هي الفنانة المغربية الوحيدة المتداولة أعمالها في البورصة بسعر مرتفع، وجامعو اللوحات مستعدون لدفع مليون درهم كمبلغ زهيد لاقتناء واحدة من لوحاتها.