قضت "المغربية" يوما كاملا مع النساء السلاليات الخمسة اللواتي نصبتهن والي جهة بني احسين الشراردة، عامل القنيطرة، زينب العدوي كنائبات سلاليات بالمجلس الجماعي بالمهدية بإقليم القنيطرة. وأكد أغلب النساء النائبات أنهن مستعدات للعمل مع الرجال النواب من أجل مصلحة سكان المهدية السلاليين في استخلاص الأموال من الأملاك التي جرى تفويتها لعدة شركات مع طلب السجل العقاري. ونحن بمدخل قصبة المهدية استوقف شباب النائبة الأولى سعاد مليح، مطالبين إياها بالإسراع باستخلاص الأموال. والغريب في الأمر أن هؤلاء الشباب كانوا يقومون بحركات تعكس رغبتهم في الحصول على الأموال بشكل فوري، إذ أكدت النائبة الأولى أن أغلب الشباب عاطلون بسبب غياب المصانع، وتدهور أحوال الصيد التقليدي. شهادات صادمة سردت النساء السلاليات حكايات صادمة عن حرمانهن من حق الاستفادة من مبالغ تفويت الأراضي، ورفض أشقائهن الذكور اقتسام النقود المحصل عليها معهن. أدمعت عين مليكة وهي تتذكر يوم حصول شقيقيها على مبلغ 20 مليونا ورفضا اقتسام المبلغ من شقيقاتهما. وقالت مليكة إن وقت حصول شقيقيها على المبلغ المذكور تزامن مع عيد الفطر، ما جعلها تشعر بغبن وحرمان، ولم تجد سبيلا سوى التضرع إلى الله من أجل تعويضها خيرا. أكدت أغلب النساء السلاليات اللواتي زارتهن "المغربية"، أن ملف المرأة السلالية عرف منذ سنة 2007 العديد من المحطات النضالية، واستطاعت المرأة السلالية بفضل نضالاتها المستمرة أن تسمع صوتها وطنيا ودوليا باعتبار قضيتها تتعلق بمبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق المتعلقة بالإرث والملكية. حكت النساء عن لحظة تنصيبهن من طرف والي جهة الغرب اشراردة بني احسين، وبحضور الشرقي اضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الذي أشرف على تسليمهن الوثائق الثبوتية الخاصة بصفتهن الجديدة كنائبات للجماعة السلالية، إذ أكدن أنهن مازلن لم يصدقن الأمر. وتؤكد النساء السلاليات أن تلك المجهودات تمنت من طرف الحكومة المغربية بصفة عامة، ووزارة الداخلية كوصي على الجماعات السلالية بصفة خاصة. وحسب هؤلاء النائبات فإن قضية المرأة السلالية استأثرت باهتمام خاص، وذلك بعد المطالبة القوية لنساء بعض الجماعات السلالية بحق الاستفادة بعد إقصائهن مدة طويلة من طرف بعض نواب الهيأة النيابية على أساس قرارات مبنية على أعراف وتقاليد يطغى عليها الطابع الذكوري. وتقول منانة، النائبة الأكبر سنا، أن قضية النساء السلاليات بالمهدية عرفت مساندة قوية من طرف بعض المنظمات غير الحكومية، وبعض الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. مقاربة وزارة الداخلية وحسب النساء السلاليات فإن الوضعية السابقة التي كانت تعيشها المرأة السلالية كانت تكرس إقصاء النساء السلاليات من الاستفادة من الأراضي الجماعية و من عائداتها، لكن المقاربة التدريجية و التشاورية التي تبنتها وزارة الداخلية مع جميع الفاعلين المعنيين، من سلطات لمحلية وإقليمية، ونواب جماعات سلالية، وهيآت حكومية ومنتخبة، والمجلس العلمي الأعلى، وجمعيات المجتمع المدني للبحث عن حلول كفيلة لتجاوز هذه الوضعية، إذ مكنت من إعطاء النساء السلاليات الحقوق نفسها إسوة بإخوانهن الرجال. واعتبرت النساء مقاربة وزارة الداخلية خطوة إيجابية أنصفت المرأة السلالية، إذ اعتبرتها المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية تدشينا لمرحلة جديدة تدعم حقوق المرأة في المغرب. يشار إلى أنه تم تفعيل هذه المقاربة بإصدار دوريتين، وهما الدورية الوزارية عدد 60 بتاريخ 25/10/2010 بخصوص استفادة النساء السلاليات من التعويضات المادية الناتجة عن العمليات العقارية (الكراء و التفويت)، والدورية الوزارية عدد 17 بتاريخ 30 مارس 2012 الخاصة بإعطاء حق الانتفاع للنساء السلاليات في الأراضي الجماعية. ومكن تطبيق مقتضيات هاتين الدوريتين، حسب ما أكدته مصادرنا من تسجيل نتائج إيجابية، كما تدل على ذلك حصيلة النتائج المسجلة من سنة 2011 إلى حدود نهاية شهر فبراير 2013. إذ تجاوز عدد النساء السلاليات المستفيدات 80 ألف امرأة سلالية وزع عليهن ما يناهز 350 مليون درهم، وهو ما يمثل نسبة 30 في المائة من المبالغ المالية الموزعة على مجموع ذوي الحقوق أفراد الجماعات السلالية ، وستوزع 860 بقعة أرضية على ذوات الحقوق من الجماعة السلالية لمهدية بإقليم القنيطرة في سابقة توزيع البقع أرضية تشمل النساء السلاليات. كما أن كل قرارات مجلس الوصاية، باعتباره هيئة تحكيمية خاصة بالأراضي الجماعية، بخصوص القضايا المتعلقة بالإرث المتخلف عن أحد ذوي الحقوق، تكرس استفادة النساء السلاليات من حصتهن في الأراضي الجماعية المستغلة من طرف الهالك قيد حياته. بالإضافة إلى ذلك ومن أجل تشجيع النساء السلاليات لولوج سوق الشغل و إنجاز مشاريع تنموية، تم التوقيع مع وزارة الفلاحة على اتفاقية من أجل دعم بنات و أبناء ذوي الحقوق قصد استغلال عقاراتهم في إطار الفلاحة التضامنية والاستفادة من المساعدات و الدعم المقدمين في إطار مخطط المغرب الأخضر. وشكلت القرارات المتخذة تجسيدا عمليا لالتزام المملكة المغربية بتطبيق مقتضيات الاتفاقية الدولية المتعلقة بمناهضة كل أشكال التمييز ضد النساء و انخراط الحكومة في مسلسل تنزيل دستور المملكة الذي ينص في تصديره على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، و في فصله التاسع عشر على المساواة بين الرجال و النساء في كل الحقوق والحريات. وحسب المصادر فإن العديد من المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق المرأة بالمغرب اعتبرت أن القرارات المتخذة من طرف وزارة الداخلية تشكل تقدما نوعيا في التعامل مع قضية النساء السلاليات، من خلال مساواتهن بأشقائهن الرجال. وأضافت المصادر أن وزارة الداخلية تبنت مقاربة أساسها المشاركة والتشاور الواسع أفضت إلى تنظيم حملة تحسيسية لدى نواب الجماعات السلالية لإدراج العنصر النسوي في لوائح ذوي الحقوق للاستفادة من التعويضات المتأتية عن العمليات العقارية بالأراضي الجماعية (التفويت أو الكراء)، وذلك بتنسيق مع السلطات الإقليمية والمحلية. الإجراءات المتخذة ومن بين الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية: - استصدار دورية وزارية عدد 60 بتاريخ 25 أكتوبر 2010 تم تعميمها على صعيد العمالات وأقاليم المملكة، تنص على تمتيع النساء السلاليات من الاستفادة من التعويضات العينية والمادية الناجمة عن المعاملات العقارية التي تعرفها الأراضي الجماعية (التفويتات أو الكراء) وذلك إسوة بذوي الحقوق الرجال. واستصدار دورية وزارية عدد 17 بتاريخ 30 مارس2012 تدعو إلى استفادة النساء السلاليات من حق الانتفاع من الأراضي الجماعية موضوع تقسيمات جديدة من طرف الهيئات النيابية. تمتيع النساء السلاليات، من طرف مجلس الوصاية، من نصيبهن في مختلف موروثهن من الأراضي الجماعية. وذكرت النساء السلاليات أن الحصول على مكتسابتهن لم يكن هينا، ذلك أن بعض نواب الجماعات السلالية كانوا يرفضون في مختلف الجهات التي توجد بها الأراضي السلالية إدراج النساء ضمن لوائح ذوي الحقوق، ولا يقبلون الطعون المقدمة من طرف النساء السلاليات، مع وجود تباين في الحصة التي تستفيد منها المرأة السلالية من جماعة سلالية إلى أخرى، خصوصا عند الاستفادة من المدخرات (حصة ، نصف حصة ،الثلث). وتبين من خلال حديث هؤلاء النائبات أن مستواهن التعليمي يتراووح بين الشهادة الابتدائية والإجازة في الأدب العربي والفرنسي، إذ النائبة الأولى، سعاد مليح، حاصلة على الإجازة في الأدب الفرنسي، وأستاذة اللغة الفرنسية بالمهدية، بينما مليكة سليم، حاصلة على الإجازة في الأدب العربي، عاطلة عن العمل، و منانة السيحيسح، وهي الأكبر سنا من مواليد 1950، مستواها ابتدائي، وإلهام بدني، متستواها باكلوريا، ثم خديجة باعلو، حاصلة على الشهادة الابتدائية. لمسنا ونحن نودع النساء النائبات بقرية قصبة مهدية أن الأمل يحذوهن للعمل ل جنا إلى جنب رفقة النواب الرجال من أجل تحقيق المصلحة والمنفعة العامة.