لو خصصت لكل امرأة وردة على الأقل في يوم 8 مارس، الذي يحتفي بالمرأة في العالم، قصد الاعتراف بدورها في الحياة العملية والزوجية، لكانت الورود المعروضة للبيع بألوانها المختلفة محط إقبال شديد في هذا اليوم. تجارة الورد تنشط كثيرا في عيد الحب إن مقولة "وردة لكل امرأة"، التي يرددها الغربيون يوم 8 مارس، لا تنطبق على المغاربة، وفق ما قاله أحد بائعي الورود بشارع الزرقطوني بالدارالبيضاء، في حديثه، يوم الجمعة المنصرم مع "المغربية"، موضحا "لو كان الأمر كذلك، لما كسدت تجارته يوم الاحتفال بعيد المرأة". ومن المفارقات، حسب البائع المذكور، أن تجارة الورد تنشط كثيرا في عيد الحب، الذي يصادف 14 فبراير من كل سنة، فيما تتراجع في "عيد المرأة" ولا تمثل فرصة مغرية لرواج هذه التجارة. وغالبا ما تقبل على الورود في شارع الزرقطوني بعض الجمعيات المدنية والمؤسسات، لتتبضع أعدادا محدودة من الورود. فتطلع المرأة إلى أن تحظى بالتفاتة خاصة في هذا اليوم، سواء كانت أما أو أختا أو صديقة أو زوجة أو طليقة، هو التطلع ذاته الذي يحمله بائعو الورود في أنفسهم، حتى يتقلص عدد الورود في محلاتهم، إذ أن عمر الورود قصير لا يتعدى خمسة أيام. ويروي بائع الورد أن الحظ قد يحالفه في بيع حوالي 500 وردة في اليوم، لكن ذلك رهين بالمناسبات والفصول، ولأن المرأة أشد اهتماما ببعض الطقوس، فهي الزبون الأول الذي يعول عليه تجار الورود، فكلما حلت مناسبة "رأس السنة" ومناسبة "عيد الحب" إلا وبادرت المرأة إلى اقتناء الورود بروح منزهة عن الحسابات والاعتبارات، لتنتقي تشكيلة ورود نضرة، غالبا ما تكون مهداة للرجل. ولأن للورد معان تتباين مع تعدد القراءات، فإن الإقبال على بعض الأنواع والألوان مرتبط بما تمثله لدى الزبون، ولهذا يحرص بائع الورود على توفير أصناف مختلفة إرضاء للأذواق، وكلما طال وجود الزهور بالمحل، كلما أصبح الربح ضئيلا، لأن الورد معرض للتلف ويحتاج عناية خاصة، ومن ثمة فإن بائعي الورود يحرصون على ترتيبها حسب النوعية والشكل واللون، وهو عمل يومي لا يحتمل التهاون. فالرش بالماء والحماية من حرارة الشمس وسيلة لضمان نضارة الورود، وبين طبيعة المنتوج واحتمالات الخسارة فيه، يجد بائعو الورد في المناسبات الخاصة دفعة لصرف المعروض من الورد وإنعاش تجارتهم، متفائلين بأن طباع الأجيال تختلف في تعاطيها مع الورود، بعدما لوحظ الطلب عليها في السنوات الأخيرة، وعيا بقيمة الورود وما تعكس من دلالات عند تقديمها للآخر. وفي مناسبة "عيد المرأة"، تكون المرة أكثر حاجة للاعتراف بكينونتها كأنثى لها أدوار مختلفة في حياة الرجل، إذ تظل مترقبة لطرق "باب الاعتراف" على أنها "امرأة" بأبعادها الإنسانية والفكرية والذاتية، وهنا يتحمس بائعو الورد لأن تلقى هذا الاعتراف. قد يقتني بائع الورد ما يزيد عن ألفي وردة من الباعة القادمين من أسواق بمراكش وبنسليمان وأكادير، لتباع بالتقسيط لمدة أربعة أيام، لكن أمام هذا الكم الهائل من الورود المختلفة، قد يفوت البائع تسليم وردة للزوجة والأم، رغم الحرص الشديد على الاعتراف بها، لكنه اعتراف نابع من حاجة في نفسه هي الربح في تجارته.