احتفاء بالذكرى الستين لعودة المغفور له محمد الخامس من المنفى (نونمبر 1955)، اختارت مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث أن تخصص سنة 2014 لمزيد من تقليب صفحات ذاكرة هذا الرمز التاريخي أب الأمة محمد الخامس جاعلة فعاليات تظاهرتها، التي ستمتد على مدى سنة، تحمل عنوان "2014: سنة محمد الخامس"، وتتواصل تحت شعار "ذاكرة ملك...ذاكرة شعب". وقال عبد الكريم الزرقطوني، رئيس المؤسسة، في ندوة صحفية عقدت مساء الأربعاء المنصرم، بالدارالبيضاء، إن تظاهرة "2014: سنة محمد الخامس"، تنعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتندرج في إطار "التصور العام الذي وضعته مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، منذ ميلادها سنة 2000 من طرف ثلة من الوطنيين والمقاومين والمفكرين والفنانين والإعلاميين". وأوضح نجل الشهيد الزرقطوني أن هذا "التصور يستهدف الاحتفاء بالتراث الإنساني والنضالي الخالد لحركة المقاومة المسلحة والحركة الوطنية، التي واجهت مشاريع التدجين الاستعماري خلال عقود النصف الأول من القرن 20". وأضاف "إذا كانت المؤسسة أشرفت على تنظيم العديد من اللقاءات الإشعاعية ذات الصلة بهذا الموضوع، فالمؤكد أنها ظلت تحمل دينا كبيرا تجاه رمز الوطنية المغربية المعاصرة، وملهم ثورة الملك والشعب، المغفور له محمد الخامس". وأبرز أن "صورة هذا البطل المرجعي ظلت تمارس جاذبيتها على اهتماماتنا في كل مبادراتنا، وكنا دائما مدركين بضرورة تنظيم ندوة كبرى تليق بمحمد الخامس وبسيرته الكفاحية الخالدة". من جهته، اعتبر محمد معروف الدفالي، الأستاذ الجامعي وعضو المكتب التنفيذي لمؤسسة محمد الزرقطوني، أن جعل "2014 سنة محمد الخامس" يعد خطوة استباقية من أجل توفير أرضية للاحتفال السنة المقبلة بمرور ستين سنة على عودة الملك الراحل من المنفى، وأن سنة 2014 تصادف مرور ستين سنة على احتدام المقاومة (1954) فارضة خيار الاستقلال على سلطات الاحتلال، وأنها السنة التي استشهد فيها العديد من المقاومين. وأبرز أن تنوع برنامج التظاهرة يعكس الزخم النضالي للملك المجاهد، ومسيرته الكفاحية الخالدة، مشيرا إلى أن المؤسسة تحرص على تنظيم فعاليات هذه التظاهرة بعدد من المدن، لاستحضار تضحيات أبناء كل جهات المملكة في مقاومة الاستعمار. واعتبر أعضاء المكتب التنفيذي للمؤسسة، الذين حضروا الندوة الصحفية، أن فعاليات هذه التظاهرة ستنطلق رسميا يوم السبت 22 مارس 2014 بمسرح محمد السادس، وسيساهم في هذا اللقاء الافتتاحي كل من عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة المغربية، والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، ومصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إلى جانب ممثل عن مؤسسة المهدي بنعبود. وبتطوان أصيلا، ستنظم ندوة حول "التواصل بين المنطقتين السلطانية والخليفية خلال عهد الاستعمار"، يوم السبت 19 أبريل 2014 بمساهمة جمعية تطوان أسمير – منتدى أصيلا. وتنتقل المؤسسة يوم الأحد 4 ماي 2014 إلى مدينة الصويرة، لتنظيم ندوة حول "محمد الخامس والمغاربة اليهود خلال عهد حكومة فيشي الفرنسية"، بمساهمة جمعية الصويرة موكادور. وبوجدة، ستنظم المؤسسة يوم السبت 7 يونيو 2014 ندوة " البعد المغاربي في جهاد محمد الخامس" و"محمد الخامس وحركات المقاومة"، بمساهمة مؤسسة المهدي بن عبود ومؤسسة مفدي زكريا والفضاء المغاربي. وتواصل المؤسسة فعاليات تظاهرتها بتنظيم ندوة حول " شهداء الأقاصي ضد جريمة الاستعمار"، بمساهمة جمعية أبناء شهداء الاستقلال ومحمد المنصر، يوم 19 و20 غشت بوادي زم. وأواخر شتنبر، تعقد المؤسسة ندوة بمدينة تارودانت، بمساهمة جمعيات محلية حول موضوع "الحركة الوطنية والعمل في مجال التربية والتعليم". وستحتفل المؤسسة ضمن فعاليات هذه التظاهرة باليوم الوطني للمرأة المغربية يوم 9 و10 أكتوبر بالرباط، بمساهمة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية وشخصيات وطنية نسائية. وبمدينة كلميم، ستنظم المؤسسة ندوة يوم 15 و16 نونبر بمساهمة أسرة المجاهد علي بوعيدة، حول موضوع "محمد الخامس في مواجهة مشاريع فصل الصحراء عن المغرب". وستختتم فعاليات هذه التظاهرة يوم السبت 13 دجنبر بعمالة إقليم النواصر ببيت الشهيد محمد الزرقطوني. وتبرز الأرضية المعدة لهذه اللقاءات أن "العودة المتجددة للبحث في خبايا ذاكرة النضال التحرري الوطني لعقود مغرب النصف الأول من القرن العشرين، تكتسي كل عناصر الراهنية للإجابة عن الكثير من انتظارات المرحلة". وتؤكد "أن البحث العلمي مازال ملزما بإعادة تقليب صفحات ذاكرة محمد الخامس، ليس بهدف إعادة التذكير بوقائع تاريخية محددة في زمانها وفي مكانها، لكن بهدف إغناء رصيد التجربة التحررية المغربية بمكتسبات البحث الأكاديمي المتخصص، على مستوى تجميع المادة المصدرية الضرورية للدراسة، وتصنيف الوقائع، وتحليل السياقات، والكشف عن خلفياتها، ثم على مستوى إعادة استخلاص دروسها وعبرها الممتدة على طول عقود مغرب ما بعد حصول البلاد على استقلالها السياسي". وجاء في الوثيقة أنه "قيل الشيء الكثير عن تجربة الملك المجاهد محمد بن يوسف، وأنجزت حول سيرته أعمال توثيقية عدة من داخل المغرب ومن خارجه، وتحولت منجزاته إلى أيقونة للنضال التحرري بمختلف بقاع دول العالم الثالث، ومع ذلك فمازالت سيرته تثير شهية الباحثين وتستقطب اهتماماتهم المتزايدة لكشف طلاسم مرحلة خضوع البلاد للاستعمار، وعن منطلقات الفعل والمبادرة التي أطرت جهود النضال الوطني من أجل الحرية والاستقلال، سواء في إطار عمل أنوية الحركة الوطنية السياسية، أم في إطار حركات المقاومة المسلحة الأولى بالبوادي، والثانية بعموم البلاد". وجاء في الأرضية أن "شخصية الملك محمد بن يوسف مارست أقصى درجات الجاذبية بالنسبة لنخب المغرب الراهن، كما ظلت تلهم الكتاب والمؤرخين والباحثين بعناصر الإغراء قصد تحويل "كتاب محمد الخامس" إلى موضوع متجدد بامتياز، قادر على توفير الإجابات الضرورية لفهم منغلقات تطور وقائع مغرب الاستعمار، ثم مغرب ما بعد الرحيل المباشر لهذا الاستعمار. ولعل من العناصر الدالة في هذا الباب، ارتباط صورة الملك محمد بن يوسف بكل خيوط العمل الوطني للمرحلة المعنية، حزبيا وجمعويا ونقابيا ومدنيا ومؤسساتيا، وكانت النتيجة انبثاق تلازم عضوي بين مسار التحرر الوطني المغربي ضد الاستعمار من جهة، وبين سيرة الملك محمد بن يوسف من جهة ثانية. وهي صفة قلما توفرت لدى حركات التحرر الوطني في مختلف جهات العالم الثالث التي خضعت للاستعمار". وتضيف الوثيقة "شكل محمد بن يوسف صورة نموذجية لأب الأمة، والناطق الرسمي باسم تطلعاتها، وعنوانا لهويتها السياسية المنشودة. وزكت أنوية الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة هذه الصورة عندما جعلت من أولوياتها تدعيم هذه الصورة، وربطها بمجمل انتظاراتها من كل مشاريع مجابهة مخططات الاستعمارين الفرنسي والإسباني ببلادنا. ورغم أن البحث العلمي قد استطاع تحقيق تراكم لا بأس به في مجال التنقيب في خبايا هذا التلازم الفطري بين مشاريع حركة التحرر الوطني وبين سيرة الملك محمد بن يوسف، فالمؤكد أن المجال مازال مكتنفا بالكثير من الخبايا التي مازالت تنتظر جهود الباحثين والمؤرخين بالبحث وبالتنقيب وبالتشريح وبإعادة التركيب". يشار إلى أنه بموازاة الندوات، ستنظم مؤسسة محمد الزرقطوني، بتعاون مع شركائها، فقرات فنية وأشرطة وثائقية ومعارض متنقلة بمختلف المدن التي ستحتضن فعاليات هذه التظاهرة الكبرى.