* يعيش عدد من الأشخاص بأكدز ظروفا صعبة خصوصا خلال هذه الأيام التي تشهد انخفاضا كبيرا في الحرارة * ظاهرة التشرد حديثة النشأة في إقليم زاكورة الذي يتسم سكانه بقيم التكافل والتضامن * يتوفر الإقليم على عدة بنايات يمكن استغلالها لإيواء المشردين، مثل مركز إيواء النساء في وضعية صعبة في أكدز اتخذ العديد من الأشخاص بمدينة أكدز خلال السنوات الأخيرة، من الشارع مأوى لهم، يبيتون فوق الإسمنت دون غطاء يقيهم قساوة البرد في فصل الشتاء، من بينهم أطفال ونساء ورجال مسنون، وآخرون مصابون بأمراض نفسية وعقلية. ويعيش هؤلاء الأشخاص ظروفا صعبة، خصوصا خلال هذه الأيام، التي تشهد انخفاضا كبيرا في الحرارة. بجانب أبواب المحلات التجارية المغلقة في الشارع الرئيسي بأكدز، تقضي لبنى ليلتها مفترشة قطعا من الكارتون على الإسمنت دون أي غطاء يقيها من قساوة البرد. تبدو مشاعر التعاسة والحزن واضحة على ملامح هذه الفتاة العشرينية، التي أنهكها البرد، ولم تعد لها القدرة في الاسترسال في الكلام لتسرد معاناتها وظروف عيشها في الشارع. وقالت ل"الصحراء المغربية" بعد تردد كبير، إنها لا تملك لا أغطية ولا ملابس إضافية تقيها من البرد القارس، مشيرة إلى أنها اختارت النوم في مكان مكشوف في الشارع يرتاده الحارس الليلي لحمايتها من الاعتداءات. وحكت أنها كانت ضحية اعتداءات جسدية وجنسية متكررة من طرف بعض المشردين، وتدخل الحارس عدة مرات لانتشالها من أياديهم. وأكد شهود عيان ل"الصحراء المغربية" أن العديد من النساء والفتيات اللواتي يعشن وضعية تشرد في أكدز تعرضن لاعتداءات جنسية وحالات اغتصاب تسببت في عدة حالات حمل خلال السنوات الماضية، وبعد الولادة ظل المواليد بدورهم، عرضة للتشرد، مما نتج عنه إشكالات جديدة في الهوية والنسب والتنشئة في وضعية تشرد.
الحرمان من دفء العائلة حوالي الثانية بعد منتصف الليل، بدا الشارع الرئيس في مدينة أكدز هادئا وخاليا من المارة، وبجانب حائط المسجد يفترش المهدي قطعا من الكارتون ينام فوقها كما اعتاد على ذلك منذ سنوات. تتعاقب فصول السنة ويواجه جسد هذا الفتى النحيل حرارة الصيف المفرطة وقساوة برد الشتاء، في انتظار أن تبادر قلوب رحيمة لتنتشله من التشرد وتمنحه حياة كريمة. حكى بصوت حزين والدموع تغالبه أنه لم يختر التشرد، بل إن الظروف هي التي جعلت منه متشردا. وأضاف "ليس لي عائلة تحميني، فقد اعتدت على المبيت في العراء ليلا رغم قساوة البرد، وأحتاج لمن يساعدني وينقذني من هذا الوضع البئيس". يعيش المهدي بفضل ما يجمعه مما يجود به المحسنون وذوو القلوب الرحيمة، الذين يقدمون له الملبس والمأكل، وأحيانا يضطر للمبيت دون تناول أي طعام، فيضطر لاستجماع قواه لمقاومة الجوع وقساوة البرد، التي تطارد نومه، وتتسبب له في آلام ومضاعفات صحية. لا ينعم المهدي براحة النوم مثل أقرانه الأطفال داخل منازل أسرهم، فخو محروم من دفء البيت والأسرة معا، ولا يحظى إلا بلحظات قليلة من النوم قبل أن يوقظه الضجيج المزعج لمنبه حافلات نقل المسافرين حينما تلج المحطة. تأقلم المهدي مع التشرد والنوم ليلا في الشارع مع توالي السنين، ويؤكد أن "النوم في الشارع يتطلب اليقظة والاستعداد لكل احتمال مفاجئ، قد يكون ذلك اعتداء بشريا أو بسب الكلاب الضالة، أو هطول أمطار مفاجئة، فلا راحة في نوم الشارع". ويضيف المهدي والدموع تنهمر من عينيه "أقضي الليل في الشارع في رحلة عذاب. وفي الصباح أرى التلاميذ ذاهبون إلى المدرسة في أناقة وحيوية ونشاط وأتألم لحرماني من التمدرس، متسائلا "لماذا لست كسائر الأطفال الذين يمسكون بأيدي أبائهم ويبادلونهم الحنان؟ لماذا حُرمت من هذا الإحساس؟ لا أخفيك أنني أشعر بنقص كبير". ويناشد المهدي كل الضمائر الحية للتدخل لوضع حد لمعاناته، وتقديم العون له بالقليل أو الكثير ولو بكلمة طيبة تخفف عنه أحزانه وآلامه.
تدابير وإجراءات عاجلة في تصريح ل"الصحراء المغربية"، اعتبر الأستاذ إبراهيم باكبير، رئيس الشبكة الجمعوية لحقوق الطفل لجهة درعة-تافيلالت، أن ظاهرة التشرد حديثة النشأة في إقليم زاكورة، الذي يتسم سكانه بقيم التكافل والتضامن، ولا تدع الأسر أفرادها عرضة للتشرد مهما بلغت ظروفهم الاجتماعية من صعوبة، غير أنه خلال السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة التشرد في المركزين الحضريين لكل من زاكورة وأكدز، وشملت جميع الفئات من أطفال ورجال ومسنين. وعن أسباب ظهور التشرد في المنطقة، أكد إبراهيم باكبير، أن أسباب كثيرة ساهمت في لجوء العديد من الأفراد إلى الشارع والعيش في حالة تشرد، وأبرزها وضعية الفقر وكذلك التفكك الأسري بسبب الطلاق وانفصال الزوجين، كما أن تعرض الأطفال للعنف داخل الأسرة يدفعهم إلى اللجوء للشارع، ومن أبرز الدوافع أيضا، إصابة بعض المتشردين بأمراض نفسية وعقلية عجزت الأسر عن احتضانهم ومتابعة علاجهم، ففضلوا الشارع بدلا من البيت، وفي غياب دور للحماية وجمعيات خيرية تؤوي هذه الفئات، لوحظ ارتفاع عدد المشردين في الشارع. وعن الحلول والإجراءات الضرورية للقضاء على هذه الظاهرة، اعتبر رئيس الشبكة الجمعوية لحقوق الطفل بدرعة-تافيلالت، أن للمجتمع المدني دورا كبيرا في حماية هذه الفئة، عبر أخذ زمام المبادرة، وتأسيس جمعيات خيرية على غرار بعض المراكز الكبرى مثل الدارالبيضاء، ومراكش، وأكادير ومراكش، وإحداث مراكز لحماية الطفولة، إضافة إلى ضرورة قيام المؤسسات الحكومية لمهامها بإحداث مراكز للإيواء. ولفت إبراهيم باكبير الانتباه إلى توفر الإقليم على عدة بنايات تم تشييدها دون استغلالها، وبقيت مغلقة، مثل مركز إيواء النساء في وضعية صعبة في أكدز، الذي يتوفر على تجهيزات من شأنه أن يتم استغلالها في إيواء المشردين. وتساءل باكبير عن أسباب عدم إحداث جناح للأمراض العقلية والنفسية في المستشفى الإقليمي بزاكورة، داعيا إلى ضرورة تفعيل المقاربة القانونية من خلال تطبيق الفصل 329 من القانون الجنائي، الذي ينص على معاقبة كل من كانت لديه وسائل العيش، أو كان بوسعه الحصول عليها، بالعمل أو بأي وسيلة مشروعة، لكنه تعود ممارسة التسول أو التشرد في مكان ما.