سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصطفى السليفاني ل "الصحراء المغربية": الإصلاح موجه للتلاميذ باعتبارهم رهان المستقبل المدير الجهوي قال إن جلالة الملك محمد السادس أكد اعتماد نظام ناجع للتوجيه المبكر لتيسير اندماج الشباب في سوق الشغل
أثار الإبقاء على التوقيت الصيفي (غرنيتش + ساعة) جدلا واسعا بين جميع الشرائح الاجتماعية المغربية وخلف التوظيف بالتعاقد في قطاع التعليم استياء الشغيلة بل وأخرجها للاحتجاج، فيما يطرح آباء وأولياء التلاميذ ونقابات قطاعية مستقبل التعليم في المدرسة العمومية، وللإجابة عن هذه التساؤلات قدم مصطفى السليفاني، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال-خنيفرة تفاصيل مهمة في حوار مع "الصحراء المغربية".
هل يمكنكم الحديث عن السياق العام للإصلاح التربوي وتنزيله على مستوى الجهة التي تمثلونها؟ لابد من الإشارة إلى أن الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2018، أثار فيه جلالته الانتباه مجددا لإشكالية تشغيل الشباب، وعلاقتها بمنظومة التربية والتكوين، وهو ما يقتضي اعتماد نظام ناجع للتوجيه المبكر، لتيسير اندماج الشباب في سوق الشغل. هذه التوجيهات الملكية تم تعزيزها بمصادقة المجلس الوزاري المنعقد خلال شهر غشت الماضي على القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وهو حدث غير مسبوق في تاريخ المنظومة التربوية، سيمكن من استدامة الإصلاح في إطار تعاقدي وطني ملزم للحكومات المتعاقبة. ويستحضر القانون الإطار مختلف المجالات ذات الأولوية، منها الارتقاء بالتعليم الأولي، ومحاربة الهدر المدرسي بإعطاء الأولوية للأوساط القروية وشبه الحضرية والمناطق ذات الخصاص، ومواصلة الاعتناء بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو في وضعية إعاقة، والرفع من إلزامية التمدرس من 15 سنة إلى 16 سنة، وإرساء هندسة لغوية للتحكم في اللغات، وتطوير النموذج البيداغوجي، دون إغفال باقي الإصلاحات التي تهم التكوين المهني والتعليم العالي، باعتبار الالتقائية التي تعمل الوزارة لتحقيقها بمكوناتها الثلاث: التربية الوطنية، والتكوين المهني، والتعليم العالي، مع تعزيز اللامركزية واللاتمركز في تدبير القطاع في أفق الجهوية المتقدمة التي تبناها المغرب باعتبارها اختيارا استراتيجيا. كل هذا يأتي تزامنا مع تفعيل وأجرأة وتنزيل الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي التي تمتد إلى سنة 2030 من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء. وعلى مستوى جهة بني ملالخنيفرة انطلقنا في تنزيل كل التوجيهات المرتبطة بالإصلاح بشكل مبكر، واستطاعت الأكاديمية، بفضل انخراط مختلف مكونات المنظومة الجهوية من سلطات ومنتخبين وفاعلين، من تعبئة موارد مالية مهمة في إطار برنامج تقليص الفوارق الترابية والاجتماعية بالوسط القروي الممتد إلى 2023، الذي خصص لقطاع التعليم حوالي 400 مليون درهم، دون إغفال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كمكون أساسي لهذا البرنامج، بالإضافة إلى المساهمة القيمة لمجلس جهة بني ملالخنيفرة، والمجالس الإقليمية بالجهة، والمجالس المحلية. ويشار إلى أن جهتنا تستفيد من دعم خاص من الوكالة الفرنسية للتنمية، يستهدف 130 مؤسسة تعليمية بالجهة بغلاف مالي يُقدر بأربعة ملايين أورو (ما يناهز 44 مليون درهم). ينضاف هذا كله إلى برامج العمل السنوية والمتوسطة المدى للأكاديمية، التي تستحضر أوليات الإصلاح، وفق مشاريع الرؤية الاستراتيجية، التي نحن بصدد تقديم الحصيلة السنوية بشأنها عن المرحلة الممتدة من 2015 إلى 2018.
- خلف التوظيف بالتعاقد استياء لدى المهتمين بالتعليم العمومي، ما تقييمكم لهذا النوع من التوظيف؟ وما الجديد الذي يحمله النظام الأساسي الخاص بالأطر المعنية بهذا التوظيف؟ يحتاج هذا الموضوع إلى تواصل وتفاعل مع المعنيين بالأمر، ومع مختلف الفاعلين وفي مقدمتهم الشركاء الاجتماعيون لرفع كل لبس حول هذا الموضوع. أولا، لا بد من العودة إلى السياق العام لتوظيف أطر تابعة للأكاديميات. إن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين باعتبارها مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تمثل تجسيدا عمليا لسياسة اللامركزية واللاتمركز الإداري الذي تبنته الدولة المغربية كاختيار استراتيجي مرتبط بالتنمية الشاملة في مختلف تجلياتها. وتعتبر أجرأة وتفعيلا للميثاق الوطني للتربية والتكوين باعتباره إطارا مرجعيا حظي بتوافق مختلف مكونات المجتمع المغربي، خاصة في الدعامة الخامسة عشرة التي تنص على إقرار اللامركزية واللاتمركز في قطاع التربية الوطنية. إن القانون 07.00 أكد على أنه من حق الأكاديميات الجهوية التوفر على أطر تابعة لها، باعتبارها مؤسسات عمومية، وقد تمت المطالبة بتفعيل هذا الاختصاص بالمجالس الإدارية للأكاديميات منذ إحداث هذه الأخيرة سنة 2002. وتمت الاستجابة لهذا الطلب سنة 2016، وهو ما اعتبر إنجازا متقدما للأكاديميات باعتبار النتائج التي حققها هذا القرار، والمتمثلة في الترخيص للأكاديميات الجهوية بممارسة هذا الاختصاص، أي توظيف أطر تابعة لها، وهو ما مكن من توظيف أعداد مهمة من هيئة التدريس، لا تسمح بها الميزانية العامة للدولة، كما مكن من الحد التدريجي من الخصاص المسجل في هيئة التدريس. وما تجدر الإشارة إليه هنا، هو أن منظومة التوظيف على مستوى الأكاديميات الجهوية، قد أسهم، بالإضافة إلى سد الخصاص المسجل في الموارد البشرية، في توظيف فئات عريضة من حاملي الشهادات، كانت قد أصبحت محرومة من التوظيف بحكم عامل السن، فبفضل الترخيص الاستثنائي لرئيس الحكومة، تم إدماج مترشحين تجاوزوا السن المسموح به في الوظيفة العمومية. صحيح أن الأكاديميات عبرت عن الحاجيات الحقيقية من الموارد البشرية التي ستسمح بحل الإشكالات التربوية، كالاكتظاظ، وسد الخصاص المسجل، إلا أنه لا بد من التذكير أن التوظيف على المستوى الجهوي قد فسح المجال أمام فئات عريضة من حاملي الشهادات لولوج سوق الشغل، وهو المعطى الذي يجب أن يظل حاضرا. وبالتالي، أرى من واجبنا جميعا، إدارة، ونقابات، وفاعلين، أن نحافظ على هذه المكتسبات، وأن نعززها إيجابيا، خاصة وأننا مقبلون على توظيف أعداد مهمة في الأيام المقبلة في الإطار نفسه. وبالعودة لحقوق هذه الفئة، فقد تم إقرار ضمانات جديدة لموظفي الأكاديميات على غرار موظفي الدولة من خلال اعتماد النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح شتنبر 2018. حيث حدد النظام الأساسي الشروط والضمانات الأساسية الخاصة بأطر الأكاديميات، والمتعلقة على الخصوص، بالتوظيف، والأجور، والمسار المهني، والحقوق والواجبات والحماية الاجتماعية، والنظام التأديبي، وتمثيلية الموظفين، والوضعيات، وضمان التحفيز المستمر على مدار الحياة المهنية. وقد تم التأكيد على وظائف التدريس والتسيير والدعم التربوي والإداري والاجتماعي والتقني باعتبارها وظائف قارة ودائمة بالأكاديميات. ويتمتع أطر الأكاديمية بموجب هذا النظام بجميع الحقوق التي يستفيد منها موظفو الإدارات العمومية، ومنها الأجرة التي هي نفسها التي يتقاضاها الأستاذ النظامي المرتب في نفس الدرجة، بما في ذلك التعويضات العائلية والتعويض عن المنطقة، والتعويض عن تصحيح أوراق الاختبارات الكتابية (الامتحانات المدرسية الإشهادية... )، والحق في الترقية في الرتبة، وفي الدرجة عن طريق الاختيار، أو عن طريق امتحان الكفاءة المهنية، بالإضافة إلى الحق في التكوين وإعادة التأهيل، والرخص الإدارية، سواء منها المتعلقة بالرخص السنوية (العطلة) أو الرخص الاستثنائية لأسباب عائلية أو خطيرة، ورخصة أداء مناسك الحج ورخصة الولادة (14 أسبوعا) والرخص المرضية (قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأمد). كما يخول النظام الأساسي الانخراط في نظام التغطية الصحية الإجبارية المسير من طرف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والانخراط في نظام التغطية الصحية المسير من طرف التعاضدية العامة للتربية الوطنية، والانخراط في مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، والتعويض عن حوادث الشغل، والتقاعد وفق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، واستفادة ذوي الحقوق من رصيد الوفاة وفق الشروط والمبالغ الجاري بها العمل في هذا الإطار.
- ما دام موظفو الأكاديميات يتمتعون بالحقوق نفسها المكفولة لباقي موظفي الدولة، لماذا لا يتم إدماجهم في الوظيفة العمومية؟ الجواب بكل اختصار، هو أن التوظيف قد قامت به الأكاديميات الجهوية باعتبارها مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وبالتالي لا علاقة للتوظيف الجهوي بالوظيفة العمومية. فلا يمكن لأحد، قانونيا، أن يمنع الأكاديميات من التوفر على أطر خاصة بها بناء على القانون 07.00 المحدث للأكاديميات، وبالتالي فهو شأن جهوي صرف.
-البعض ينتقد ضعف التكوين بالنسبة إلى فئة المتعاقدين مع الأكاديمية مما سيؤثر سلبا الجودة المنشودة في العملية التعلمية التعليمية، ما تعليقك على ذلك؟ لابد في البداية من الإشارة إلى أن عددا كبيرا من أطر الأكاديمية هم حاصلون على شهادات عليا (ماستر، دكتوراه...)، والحديث عن ضعف في التكوين غير صحيح، ذلك أن توظيف أطر الأكاديميات يتم بعد النجاح في المباراة بشقيها الكتابي والنظري، ويخضع الناجحون لتكوين تأهيلي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لمدة سنتين، حيث تمتد السنة التكوينية الأولى لمدة لا تقل عن سبعة (7) أشهر متواصلة، وبعد استيفاء جميع وحدات التكوين المبرمجة خلال السنة الأولى، تنظم سنة تكوينية ثانية، وذلك من خلال تكوين بالتناوب يخصص لإجراء تدريب مؤطر في وضعية تحمل كامل لمسؤولية القسم، بالإضافة إلى دورات تكوينية حضورية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، واعتماد منصات للتكوين عن بعد.
-حرص الميثاق الوطني للتربية والتكوين على إعطاء أهمية خاصة للتعليم الأولي، ماهي الإجراءات والتدابير التي اتخذتموها للنهوض بهذا التعليم على مستوى الجهة؟ لا يخفى عليكم أن التعليم الأولي أصبح يكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى أثره المباشر على باقي سنوات التمدرس، وتأثيره على الجودة في المنظومة التربوية. ولقد شكلت الرسالة الملكية السامية بتاريخ 18 يوليوز 2018 خارطة طريق في هذا الإطار، إذ انبثقت عنها خطة وطنية، وخطط جهوية للتعميم التدريجي للتعليم الأولي. وصادق المجلس الوزاري، بتاريخ 20 غشت 2018، على مشروع قانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، الذي جعل من "تعميم دامج وتضامني لفائدة جميع الأطفال دون تمييز" رافعة أساسية لتحقيق الانصاف وتكافؤ الفرص. كما نص على "إلزامية التعليم الأولي بالنسبة للدولة والأسر"، و"تخويل تمييز إيجابي لفائدة الأطفال في المناطق القروية وشبه الحضرية". بالنسبة لجهة بني ملالخنيفرة، رسمنا هدفا لهذا الدخول المدرسي، يتمثل في إضافة 271 قسما جديدا للتعليم الأولي، وكلها مدمجة بالمؤسسات التعليمية، على أساس بلوغ 67 بالمائة في حدود 2021، في أفق التعميم في سنة 2027. واعتبارا لأهمية هذا الورش، وحجمه، فقد تم عقد لقاءات تواصلية مع مختلف المتدخلين من أجل تعبئة الموارد المالية الكافية. فبالإضافة إلى الموارد المالية التي تم رصدها من طرف الأكاديمية، هناك موارد إضافية مرصودة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والجماعات الترابية، بالإضافة إلى المساهمة القيمة لمجلس جهة بني ملالخنيفرة، الذي رصد 15 مليون درهم لدعم التعليم الأولي بالجهة. وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم إليهم جميعا بالشكر والتقدير من هذا المنبر؛ سلطات، ومنتخبين، ومجتمع مدني، وفاعلين، على انخراطهم والتفافهم حول قضايا قطاع التعليم بالجهة.
-أثار موضوع الإبقاء على التوقيت الصيفي (غرينتش+1) طول السنة جدلا واسعا حول انعكاساته السلبية، خاصة بالنسبة إلى التلميذات والتلاميذ، هل يمكنكم توضيح الإجراءات المواكبة التي تم اتخاذها مع أجرأة هذا التوقيت؟ بالنسبة إلى موضوع التوقيت المعتمد (غرينتش +1)، فقد بادر وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي إلى عقد لقاءات تواصلية في الموضوع مع مختلف المتدخلين من شركاء، وجمعيات الآباء وفاعلين، وتم اقتراح صيغ لاستعمالات الزمن المدرسي تتلاءم مع مستجدات هذا التوقيت، بتنسيق مع مختلف المعنيين، ونحن بصدد إجراء لقاءات تواصلية في الموضوع للتعريف بالصيغ المعتمدة، والانطلاق في الأجرأة والتنزيل. علما بأنه تم اتخاذ إجراءات مهمة لضمان تناسب الزمن الإداري مع الزمن المدرسي خدمة لمصلحة المتعلمين والآباء على حد سواء.
تم إقرار ضمانات جديدة لموظفي الأكاديميات على غرار موظفي الدولة من خلال اعتماد النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح شتنبر 2018