خلف انهيار منزلين آيلين للسقوط، أحدهما لم يكن مأهولا، بالمدينة القديمة بالبيضاء، الثلاثاء الأخير، مصرع امرأتين وإصابة ثالثة بجروح. "الصحراء المغربية" تعيد تفاصيل الحادث اعتمادا على تصريحات وبيانات عدد من المسؤولين المرتبطين بقطاع السكنى والتعمير، دون إغفال إفادة جمعويين وعلماء اجتماع في الموضوع. في الساعة السابعة و15 دقيقة من صباح يوم الثلاثاء الأخير، انهار منزل بحي تازرين بالمدينة القديمة للدار البيضاء، كانت تسكنه الضحيتين، والمؤلف من أربعة طوابق، قبل أن يؤدي إلى انهيار المبنى المجاور غير المأهول. وعلى إثر هذا الانهيار لقيت امرأتان مصرعهما، الأولى تبلغ حولي 80 سنة والثانية 52 سنة، وأصيبت أخرى بجروح وعمرها 26 ربيعا. وأفاد قريب ضحايا الحادث أن العائلة تباشر إلى حدود صباح أمس الأربعاء، مسطرة تسلم الجثامين من مستودع الأموات بالرحمة، والحصول على جميع الوثائق القانونية الضرورية لأجل مباشرة عملية الدفن. رشيد بنخيي، ابن إحدى الضحيتين، قال لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن والدته وشقيقتيه إضافة إلى طفلة إحداهما، والتي تدعى آمال غيثي، تم إخراجها من تحت الأنقاض على قيد الحياة، مضيفا أنهم لم يتمكنوا من مغادرة المنزل جراء "خلاف عائلي"، وذلك على الرغم من تحذيرات السلطات المحلية وشركة "صوناداك" المكلفة بعملية إعادة إسكان العائلات. وأوضح باخيي، الذي سبق وغادر المنزل أن "شقيقته الكبرى، التي تقيم بحي آخر بالدارالبيضاء، أعاقت مجرى ملف الانتقال". وبعد أن ذكر باستفادة الأسرة من برنامج إعادة إسكان قاطني المنازل الآيلة للسقوط بالمدينة القديمة، أضاف باخيي أنه "سيقوم بمقاضاة شقيقته لتسببها في إعاقة مسلسل الانتقال". من جهته، أكد موسى سراج الدين، رئيس جمعية أولاد المدينة، ل "الصحراء المغربية"، أن هذا الانهيار يذكر بأحداث مماثلة شهدتها المدينة القدية للبيضاء، إذ انهارت عدد من المنازل الآيلة للسقوط وترتب عن ذلك قتلى وجرحى، دون أن يحدد عددها. وأوضح الفاعل الجمعوي أن البدائل المقترحة لهؤلاء السكان تتحدد في شقق في ضواحي المدينة، مساحتها تصل إلى 46 مترا مربعا بمبلغ مالي قدره 200 ألف درهم، وهي الشقق التي تندرج ضمن فئة السكن الاجتماعي البالغة قيمته 140 ألف درهم، مشيرا إلى أن أغلب المرحلين نقلوا إلى كل من أحياء النسيم والتشارك والرحمة، بينما آخرين اعتبروا السعر مرتفعا جدا بالمقارنة مع وضعيتهم الاجتماعية التي تتميز في الغالب بالهشاشة.
الوزارة تبرأ نفسها
أفاد محمد آيت بوفتاس، المدير الجهوي لوزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة لجهة الدارالبيضاء-سطات، أنه منذ سنة 2012 تم إنجاز إحصاء شامل حول البنايات المهددة بالانهيار في المدينة العتيقة بالدارالبيضاء، مشيرا إلى أن هذا الإحصاء أظهر أن حوالي 2300 بناية مهددة بالانهيار يجب هدمها، وأن هذه البنايات تضم 9250 أسرة يجب إعادة إسكانها. وأوضح المدير الجهوي في تصريح ل"الصحراء المغربية" أنه تبعا لهذا الإحصاء تم وضع عقدة حول كيفية تفعيل برنامج إعادة إسكان قاطني المباني الآيلة للسقوط، وأنه تقرر من خلال البرمجة إعادة إسكان هذه الأسر في إطار شقق، حيث انطلقت العملية ابتداء من سنة 2012، من خلال إشعار السكان وإفراغ البيوت المهددة بالانهيار وتوفير سكن لهم من فئة السكن الاجتماعي. وأشار إلى أن العقدة التي أبرمت بخصوص إعادة إسكان الأسر التي تقطن في البنايات المهددة بالانهيار، تنص على إسكان هذه الأسر في السكن الاجتماعي مع أداء المستفيد مبلغ بقيمة 100 ألف درهم، موضحا أن هذا السكن توفره لهم شركتين، وهما شركة "إدماج سكن" وشركة "صونطاك". وأضاف المدير الجهوي أن وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة تساهم في هذا السكن المصنف من فئة 240 ألف درهم بمبلغ 40 ألف درهم، والمستفيد يؤدي 100 ألف درهم فيما تؤدي الشركة 100 ألف درهم. وأكد المدير الجهوي أنه لحد الآن تمت إعادة إسكان حوالي 7200 أسرة، 80 في المائة منها من سكان المدينة القديمة، والباقي من سكان حي مرس السلطان لأنه بدوره يضم بعض البنايات الآيلة للسقوط. وأوضح آيت بوفتاس أن البناية القديمة تكون آهلة بأكثر من أسرة قد تصل أحيانا إلى خمسة أسر، وأن الاشكالية المطروحة، تكمن في تردد بعض هذه الأسر بشأن المنتوج عند عملية إعادة الإسكان. وبالنسبة لحادثة، يوم الثلاثاء، أوضح المدير الجهوي أن البنايتين اللتين سقطتا، بحي تازرين بالمدينة القديمة بمقاطعات أنفا الدارالبيضاء تخضعان منذ سنة 2012 إلى قرار منع النزول والسكنى على أساس خبرة أنجزت من طرف المختبر العمومي للتجارب والدراسات، وأنه تم إشعار القاطنين في حينه بإفراغ البناية حفاظا على سلامتهم، موضحا أن هناك بناية فارغة ومغلقة وقد استفادت الأسر التي كانت تقطنها، فيما البناية الثانية كان بها شقيقين استفادا، لكن الأم وابنتيها كانتا مترددتين حول الاستفادة من المنتوج.
منظور يخالف رؤية السكان
أعاد حادث انهيار المنزلين المذكوري، إلى الواجهة، الحديث عن الوضع الاجتماعي الذي يدفع بأصحاب الدور الآيلة للسقوط، خصوصا في المدن العتيقة، إلى التشبث بالعيش داخل هذه البيوت، رغم إدراجها ضمن لائحة الدور المهددة بالانهيار. وفي هذا الإطار، قال علي شعباني، أستاذ باحث في علم الاجتماع، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن عملية إعادة ترحيل سكان الدور الآيلة للانهيار، غالبا ما تجري "وفق خطة غير مدروسة بشكل متكامل"، كونها لا تأخذ بعين الاعتبار "مبدأ مراعاة الظروف الاجتماعية لسكان المناطق الهامشية، وضمنهم سكان المدن القديمة". وذكر شعباني، أن الجهة الحكومية المسؤولة، تتوفر على منظور يخالف رؤية السكان لوضعهم، في إطار مخطط لإعادة الهيكلة وإعادة ترحيل السكان، وهو ما يعلل الصعوبات التي تواجهها الجهات الوصية بخصوص القضاء على مدن الصفيح، وبشكل بارز محاربة الدور الآيلة للسقوط. وتحدث شعباني عن أن الفئات الاجتماعية المعنية بإعادة الترحيل، لا تتفهم كثيرا مضامين المخططات الكبرى، كونها ترى أنها عبارة عن قرارات لا تناسب نمط العيش الذي أسسته ودأبت على التعايش معه لسنوات طويلة، سيما أنها تعيش ظروفا اجتماعية واقتصادية جد صعبة، ما يبرز بعض ردود الأفعال غير مناسبة من الجانبين، إذ كل واحد يسعى للمحافظة على دوره ومصالحه ولتجاوز هذه الوضعية، يرى شعباني، أنه من المفيد جدا تعزيز قنوات التواصل والتفاهم بين الجهات المسؤولة والسكان المعنيين، والعمل على تحضير السكان وتهييئهم للقبول بتنفيذ هذه المخططات الحكومية، أخذا بعين الاعتبار واقع عيشهم وما ألفوه من نمط حياة، حتى لا يتسرب إلى إحساسهم بأن السلطات المعنية بصدد "الاعتداء على حياتهم"، أو أنها تهدد أمنهم الاقتصادي أو الاجتماعي بترحيلهم إلى أماكن لا تناسب ظروفهم الاجتماعية. إنجاز: فاطمة ياسين، خديجة بن اشو، عزيزة غلام وعزيزة الغرفاوي