أكد المشاركون في مؤتمر دولي حول موضوع "ما بعد داعش.. التحديات المستقبلية في مواجهة التطرف والتطرف العنيف"، الذي اختتمت أشغاله، أول أمس السبت بمراكش، أن المرحلة المقبلة لمرحلة ما بعد "داعش" تحتم برأيهم التفكير في مصير الظاهرة المسماة "الجهادية"، خاصة أن التطرف والتطرف العنيف لا يرتبطان بالميدان العسكري فحسب بل أيضا بالفكر المتشدد. وأجمع المشاركون، ضمنهم أكاديميون وخبراء وباحثون من أوروبا والعالم العربي وإفريقيا والولايات المتحدة، على أن نهاية "داعش" بمنطقة الشرق الأوسط تنذر ببداية جديدة لميلاد جيل ثالث من المتطرفين بإفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، حيث تشكل القارة السمراء في وضعها الراهن أرضا خصبة لتفريغ منظمات إرهابية أخرى. وشدد المشاركون في هذا المؤتمر المنظم بمبادرة من مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث ومعهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا، على ضرورة توظيف الفهم المعتدل للإسلام لمواجهة الفهم المتشدد له ومراقبة الفضاءات التي تساعد على التطرف كالأنترنيت والسجون، وتلك التي تنتجه كمناطق النزاع. ودعا المشاركون، في هدا الصدد، إلى إرساء استراتيجيات قادرة على الحيلولة دون الاستغلال السلبي لثورة الاتصالات التي يشهدها العالم من طرف الجماعات المتطرفة. وحسب المشاركين فإن تحديد الاستراتيجيات لمحاربة التطرف وتجفيف منابعه، ينطلق من معالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البلدان الإسلامية والعربية والتي تتسم في معظمها بغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي ظروف تدفع الشباب إلى اعتناق الأفكار المتشددة. وأضافوا أن العولمة وثورة الاتصالات ساهمت بشكل كبير في انتشار ظاهرة "الذئاب المنفردة"، التي استطاعت إحداث خسائر مهمة بعدد من البلدان، مبرزين الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في إدماج المعتقلين في قضايا الإرهاب والتطرف. وأشاروا إلى أن المجتمع الدولي يقف عاجزا أمام الاستغلال المكثف للتكنولوجيا الحديثة من قبل التنظيم الإرهابي الذي يسمى "الدولة الإسلامية" من أجل استقطاب المزيد من العناصر الجديدة في صفوفه، فضلا عن كونه لازال يستفيد، بالرغم من اندحاره عسكريا بالعراق وسوريا، من الأوضاع الاجتماعية الهشة وعدم الاستقرار في بعض بلدان بالمنطقة. وجاء تنظيم هذا المؤتمر الدولي من أجل الاشتغال البحثي الجماعي على قراءة الظاهرة "الجهادية" مع محاولة تقديم قراءات استشرافية لها في مرحلة "ما بعد داعش"، ولتهديداتها المحدقة بالعالم العربي وغيره من العوالم. ويروم هذا المؤتمر التفكير الجماعي والنوعي في مقتضيات هذه المرحلة، وذلك من خلال استشراف الحالة "الجهادية" في مرحلة ما بعد الاندحار الميداني لتنظيم "داعش"، والذي لم يرافقه لحد الساعة اندحار إيديولوجي في أذهان أتباعه، ناهيك عن خطورة تفرعاته السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وتناول المشاركون في هذا المؤتمر مواضيع همت على الخصوص "المحددات المؤثرة في اعتناق الإيديولوجيا الجهادية.. مقاربات نظرية وقراءات ميدانية"، و"ما بعد داعش.. الإرهاب في إفريقيا وأثره على الأمن العالمي"، و"التنظيمات الإرهابية في مرحلة ما بعد داعش.. استراتيجيات الانتشار ومآلات التحولات"، و"ما بعد داعش.. التهديدات الإرهابية لأوروبا والعالم العربي"، و"السجون بين انتشار الإيديولوجيا الجهادية ومراجعات الجماعات التكفيرية"، و"مستقبل الظاهرة الجهادية في مرحلة ما بعد داعش".