تستأنف غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، اليوم الجمعة، محاكمة معتقلي أحداث الحسيمة. ورفع المستشار علي طرشي، رئيس الهيئة القضائية أمس الخميس، في ساعة متأخرة، الجلسة بعد الملاسنات الحادة بين دفاع الدولة المغربية، المطالبة بالحق المدني، ودفاع المتهمين. ففي جلسة أمس، وهي الثالثة التي تستجوب فيها المحكمة المتهم رقم 31، أحمد الحكيميي، تدخل محمد الحسني كروط، دفاع الطرف المدني ليسأل المتهم عن كلمة "بلطجية" وما الذي يقصد بها، حين قالها في جلسة سابقة، فأجاب المتهم أنه يقصد بها من يأخذون 70 درهما لينسفوا الاحتجاجات، فطلب الدفاع من المحكمة أن يقرأ محضر الجلسة السابقة ليتبين ما سبق وقاله المتهم، وهنا اعترض دفاعه. وأمام إصرار المحامي كروط على قراءة المحضر واعتراض دفاع المتهمين، غضب دفاع الدولة المغربية من اعتراض زملائه على سؤاله ورفضهم قراءة المحضر، قائلا إن المحكمة هي الفصل داخل الجلسة وأنه من الأعراف المهنية ألا يقاطع زميل زميلا آخر، لتتدخل المحامية سعاد ابراهمة، موجهة له الكلام قائلة "أسلوبك الاستخباراتي في طرح الأسئلة غير مقبول". كلمات المحامية من هيئة سطات، أثارت موجة من التوتر والملاسنات الحادة بين المحامين، ففي الوقت الذي أجاب فيه كروط على المحامية قائلا "الاستخبارات بزاف عليك"، ومطالبا المحكمة بتسجيل ما قالته المحامية واعتبره "إهانة له كدفاع ولحصانته وللجهة التي ينوب عنها" في محضر الجلسة، انتفض محامو المعتقلين خاصة المحامي عبد العزيز النويضي الذي اعتبر أسلوب كروط في الرد "مستفزا". أما المحامية خديجة الروكاني فاعترضت قائلة إن المحامي كروط لم يكن حاضرا في جلسة السابقة وأنه "جا اليوم غير باش يتخاصم"، قبل أن تنتفض في وجهه معترضة على تسجيل ما قالته زميلتها لأنها ترفض إجابته لها حين قال "الاستخبارات بزاف عليك" معتبرة ذلك إهانة لبذلة الدفاع ولا يمكن أن تقبلها. وأصر دفاع الدولة المغربية على التسجيل في محضر الجلسة وهو يرد على المحامية الروكاني قائلا "المخابرات بزاف عليك وهي جهاز منظم وكيحمينا ويحميك..سأقولها وأكررها". وتدخل النقيب عبد الرحيم الجامعي ليهدأ أجواء التوتر مطالبا المحامين بالكف عن تبادل الملاسنات الحادة وطالب المحكمة بتأجيل القضية، وهنا تحدث رئيس الجلسة قائلا "عندما يذكر النبل.. تذكر المحاماة فأين أنتم من هذا، ونقيبكم قال كفى من تبادل الملاسنات". وتدخل حكيم الوردي، ممثل النيابة العامة، الذي تحول لحكم بين الخصوم من ذوي البذلة الواحدة، مطالبا المحامي كروط بالتجاوز والتنازل عن ملتمس ادراج ما قالته له المحامية ابراهمة في محضر الجلسة على أن التشنج والضغط الذي يطلع هذه المحاكمة لا يمكن أن يؤثر على الاحترام المتبادل بين زملاء المهنة الواحدة. وأضاف الوردي للمحامي كروط، بعد اعتراضه أيضا على تسجيل مادار بين المحاميين من تلاسن في محضر الجلسة، أن مطلبه بالتجاوز عما قيل هو ليس انتقاصا منه بل من باب "أخوي"، وقانوني لأن محضر الجلسة يسجل فيه ما يتعلق بالمحاكمة واستجواب المتهمين وليس ما يدور من نقاشات بين أطراف العدالة. تدخلات الوكيل العام ومطالبه بالتهدئة لم تجد آذانا صاغية لدى المحامين المتنازعين، إذ أصر دفاع الدولة المغربية على موقفه، رافضا اعتراض النيابة العامة لوجود السند القانوني في التماسه، معتبرا أن "إهانة" محامو دفاع المتهمين "مقصودة" وأنهم "يتعمدون" مقاطعته خلال طرحه الأسئلة على المتهمين، بل ويجيبون مكان المتهم. وأجلت الهيئة القضائية الملف لليوم الجمعة، وسط ارتفاع حدة التوتر وتبادل عبارات الشتم بين دفاع الدولة المغربية ودفاع المعتقلين، حتى أن تدخلات ممثل النيابة العامة لم تجد نفعا. وبعد رفع الجلسة وتأخيرها ساد الصمت بين المتهمين في حين اجتمع المحامون حول المحامي كروط مطالبينه بالهدوء والتجاوز عما وقع من جدال وتبادل لعبارات حادة بينه وبين زملائه.