واصل الصحراويون المحتجزون بمخيمات تندوف احتجاجاتهم، رغم شدة القمع التي تنفذها قوات البوليساريو مدعومة بعناصر من الجيش الجزائري، ورغم الاستعانة بشيوخ القبائل لإخماد الثورة التي باتت تهدد كرسي زعيم البوليساريو، محمد عبد العزيز. ومع اقتراب عقد كريستوفر روس، المبعوث الأممي للصحراء، لجولة جديدة من المفاوضات الثنائية بين المغرب والبوليساريو، المرتقبة في منتصف فبراير الجاري، أعلن صحراويون محتجزون بمخيمات تندوف أن جبهة البوليساريو لا تمثل كل أطياف المجتمع الصحراوي، وتفتقد شرعية تمثيلهم في المفاوضات، إذ طالب تيار خط الشهيد، المعارض لسياسة البوليساريو بمخيمات المحتجزين بتندوف، مسنودا من طرف شباب الثورة الصحراوي، بحقه في المشاركة في المفاوضات، التي ترعاها الأممالمتحدة للوصول إلى حل سلمي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وأعلن التيار، في رسالة وجهها، أخيرا، إلى روس، أن سكان المخيمات يعانون الاضطهاد ولا يعترفون بالبوليساريو وهو ما يجعل السكان يحتجون، بشكل متواصل. وكشف التيار، الذي يريد أن يشارك كطرف ثالث في المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، أن البوليساريو تقمع بشراسة كل المظاهرات، وأصبحت فاقدة الشرعية و"تمثل فقط قلة قليلة من المنتفعين من عائدات المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى المخيمات". وأضاف، في رسالته، أن قيادة البوليساريو "غير مستقلة في اتخاذ القرار، وتعمل تحت إمرة المسؤولين الجزائريين، ولا قرار لها إلا ما تريده دولة الجزائر فقط". وفي السياق ذاته، وللتخفيف من بطش قوات البوليساريو والجيش الجزائري بالمتظاهرين بكافة المخيمات، طالبت قبيلة الركيبات السواعد، الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالتدخل العاجل لوقف "الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرض لها المتظاهرون بمخيمات تندوف من طرف ميليشيات البوليساريو والقوات الجزائرية"، معبرة في الرسالة التي وجهتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الاثنين، عن استنكارها الشديد للتدخل الهمجي لعناصر من البوليساريو والقوات الجزائرية في حق المتظاهرين من قبيلة الركيبات السواعد و"الذين تعرضوا لاعتداءات لفظية وجسدية خلفت في صفوفهم جروحا وكدمات متفاوتة الخطورة". وطالبت، قبيلة الركيبات، بإطلاق سراح كافة المعتقلين بمخيمات تندوف، وتمكينهم من ممتلكاتهم التي تم الاستيلاء عليها من طرف ميلشيات البوليساريو، وضمان حقهم في التنقل والتعبير لهم. مناشدة المنتظم الدولي، في شخص الأمين العام للأمم المتحدة، بالتدخل العاجل لوضع حد للأوضاع المزرية التي يعيشها المحتجزون، خاصة بعد ارتفاع وتيرة الاحتجاجات التي تواجه بالقمع الممنهج من طرف ميليشيات البوليساريو والجيش الجزائري، مؤكدة أن قيادة البوليساريو قامت بقمع انتفاضة لسكان المخيمات الذين احتجوا على سوء أوضاعهم المعيشية وظروف احتجازهم غير الإنسانية. وكشفت الرسالة أن البوليساريو اعتادت القيام بتدخلات همجية وغير إنسانية لحماية مصالحها بالمخيمات، وهو ما حدث يومي 23 و24 يناير الماضي، تاريخ بداية الاحتجاجات في المخيمات، ضد الوقفة السلمية لنساء وشباب وأطفال قبيلة الركيبات السواعد، بمخيمات تندوف، على خلفية منافسة تجارية بين بعض شباب القبيلة والمسمى محمد لامين ولد البوهالي، الذي يعد من قياديي البوليساريو. وأسفر التدخل الهمجي عن تسجيل عشرات الضحايا في صفوف المحتجين من أفراد القبيلة، إضافة إلى اعتقال عدد كبير من أفراد القبيلة وحجز شاحنات مخصصة لحمل المحروقات، في ملكية أفراد من القبيلة، كانت تنافس شاحنات لامين ولد البوهالي، القيادي في البوليساريو. واحتجاجا على ذلك الوضع، خاض شباب القبيلة اعتصاما مفتوحا أمام مقر المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، منددين بانتهاك قيادة البوليساريو لحقوق الإنسان في المخيمات، معلنين عن انطلاق ثورة صحراوية هدفها فك الحصار المضروب على المخيمات، وتمكين الصحراويين من التعبير عن رأيهم بخصوص النزاع المفتعل.