اندلعت ثورة صحراوية عارمة داخل كل مخيمات المحتجزين بتندوف، وانتفاضة غير مسبوقة للمحتجزين الصحراويين على قيادة البوليساريو. وعلمت "المغربية" أن المظاهرات والاحتجاجات، التي اندلعت منذ يوم (الجمعة) الماضي وما زالت مستمرة، يقودها، في المخيمات الأربعة للمحتجزين، شباب الثورة الصحراوي، وجبهة أنصار الحكم الذاتي، وتيار خط الشهيد. وأعلن قيادي بمنتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف، المعروف اختصارا ب"فورساتين"، أن "تدخل قوات البوليساريو في حق المحتجين نتج عنه إصابات متفرقة في صفوف المحتجين وتنكيل بهم"، مشيرا إلى أن باقي سكان المخيمات التحقوا بالمحتجين بعد توصلهم بخبر التدخل الوحشي الذي حل بذويهم. وقال "التحق أقارب وعوائل المحتجين بمكان الاحتجاج كما التحق كل سكان المخيمات، بكبيرهم وصغيرهم، نسائهم ورجالهم، بمكان الاحتجاج، مما ساهم في رفع معنويات المتظاهرين وعجل بهزيمة قوات البوليساريو التي طردت بشكل كامل من المخيم، وتم تسجيل 5 إصابات في صفوف عناصرها، وتكسير عدد من سياراتها، إضافة إلى إحراق مقرها الذي يديره أحد المقربين من محمد عبد العزيز، والذي طالما تسلط وتجبر وظلم الساكنة". ويضيف مصدر "المغربية"، أنه بعدما فشلت التعزيزات الأمنية التي استدعتها قيادة البوليساريو لاسترداد سيطرتها على المخيمات، حاولت تدشين مفاوضات بين ممثلي الساكنة الذين يطالبون بالتحقيق في الاعتداء عليهم وعلى أبنائهم، وبين العناصر المسلحة للبوليساريو الذين يطالبون بالقبض على من اعتدى عليهم. وهو ما جعل قيادة البوليساريو تقف حائرة أمام الوضع، قبل أن تلجأ إلى ورقتها الأخيرة وهي شيوخ القبائل الصحراوية والأعيان الذين لا زالوا إلى حدود الساعة يبحثون في صيغة نهائية للخروج من الأزمة. ويطالب المحتجزون المحتجون بتمكينهم من التعبير عن رأيهم بخصوص النزاع المفتعل، وبالعودة الفورية إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة. غير معترفين بالوهم الذي جعلتهم قيادة البوليساريو يعيشون على وقعه منذ أكثر من أربعين سنة. وقال صحراوي من داخل المخيمات، في تصريح إعلامي، "فلم تكد تبدأ الاحتجاجات حتى انتقلت كالنار في الهشيم إلى سائر المخيمات، خصوصا أن ساكنة المخيمات كانت تستعد منذ فترة لإعلان حالة التمرد". مبرزا أن الأحداث، التي يقول بأنها "طالت المخيمات الأربعة عرفت خروجا جماعيا للساكنة وإعلانا عن حالة التمرد إلى حين تحقيق المطالب وتحمل المفوضية السامية لغوث اللاجئين مسؤوليتها في حماية اللاجئين الصحراويين، وتمكينهم من كامل حقوقهم التي انتهكتها البوليساريو عبر ميليشياتها العسكرية وقواتها التي أصبحت مسلطة على رقاب وأرزاق الصحراويين بالمخيمات دون رقيب أو حسيب". إلا أنه، في الوقت الذي كانت تعول فيه البوليساريو على حكمة الشيوخ لوقف الاحتجاجات، ظهر احتجاج آخر غير متوقع بخروج جماعي بكافة المخيمات، ولا زالت قيادة البوليساريو تبحث في إرسال تعزيزاتها العسكرية لإخماد الثورة والتحكم في الغضب الشعبي، خاصة بعد رفض عدد من المسؤولين الأمنيين الانصياع للأوامر بالانطلاق صوب بؤر الاحتجاج، وهو الأمر الذي ينبئ بانشقاق في صفوف عسكر البوليساريو إن استمر الوضع على ما هو عليه. ولخنق احتجاجات المحتجزين في مخيمات تندوف، علمت "المغربية" أن السلطات الجزائية شرعت في تعزيز مراقبتها لمخيمات تندوف بتسييج ثنائي لحدود المخيمات وبحفر خنادق وأحزمة رملية، ومن خلفهما تم تثبيت قواعد عسكرية جزائرية في كل الاتجاهات، لمنع تسلل المحتجزين إلى خارج المخيمات. وأضاف مصدر "المغربية" أن السلطات الجزائرية دعمت وجودها في المخيمات بعناصر إضافية من الدرك، كما قامت بتكليف مسلحين تابعين لقيادة البوليساريو بمحاصرة كل مخيم من المخيمات الأربعة الموجودة في تندوف. وأكد المصدر ذاته، أن المحتجزين المحتجين في المخيمات يتعرضون لأبشع صور القمع، وأنهم يعانون من إصابات وجروح وكدمات جراء التدخل العنيف لعناصر مسلحة تابعة لقيادة البوليساريو، وأنهم يوجهون استغاثة إنسانية إلى كافة المنظمات الحقوقية، وقال: إن "المخيمات أصبحت مثل تعاني من حصار خانق، ونطالب بالتدخل العاجل لفك هذا الحصار المضروب على المحتجزين، والضغط على البوليساريو والسلطات الجزائرية لإنهاء الإنزال الأمني الذي يفرضانه على المحتجزين".