بعد دخوله عالم الفن السابع مخرجا من خلال فيلمه السينمائي الأمازيغي "سوينكم" "خمم"، يعود الممثل والمخرج المغربي، عبد الله توكونة، الشهير ب"فركوس"، بفيلمين سينمائيين جديدين من إخراجه، الأول بعنوان "حب الرمان" والثاني يحمل اسم "الفروج". الفنان المغربي عبد الله فركوس أثناء تصوير أحد أفلامه كما يستعد للمشاركة في فيلم سينمائي ثالث من توقيع المخرج المغربي أحمد بولان، وفيلم تلفزيوني من إخراج إدريس الروخ، بالإضافة إلى العديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية. ورغم أن فيلمه السينمائي الطويل الأول "خمم" لم يصمد في القاعات ولم يحقق أي نجاح تجاري مهم، بسبب غياب سياسة واضحة للتوزيع، في ظل الإقفال المتزايد للقاعات أمام التطور الكمي الذي تعيشه السينما المغربية حاليا، وضعف الحملات الإعلامية التي واكبت عرضه في القاعات، إلا أنه يصر على المضي في تجربته السينمائية مهما كلفه الأمر. وأبدى في حوار مع "المغربية" تفاؤله بمستقبل زاهر للسينما المغربية التي بدأت تشق طريقها نحو العالمية، بفضل الدعم الذي يقدمه المركز السينمائي المغربي، والاهتمام المتزايد لمنتجي القطاع الخاص الذين ساهموا في إنتاج أفلام تصدرت شباك التذاكر في المغرب. عن تجربته الفنية كمخرج، وجديده السينمائي وتصوراته حول العديد من القضايا التي تشغل الساحة السينمائية الوطنية، يتحدث المخرج والمنتج والممثل عبد الله توكونة، الذي دخل عالم الإنتاج والإخراج من بوابة التمثيل، في هذا الحوار. ما هو جديدك السينمائي؟ حاليا أنتظر عرض فيلمي الثاني "حب الرمان" في الدورة 15 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة بداية الشهر المقبل، وأستعد لوضع اللمسات الأخيرة على فيلمي السينمائي الثالث "الفروج" لعرضه في شهر ماي المقبل. وبالإضافة إلى هذين الفيلمين، اللذين أخرجتهما بمشاركة العديد من نجوم السينما المغربية، أتابع باهتمام فيلم المخرج المغربي محمد عهد بنسودة "خلف الأبواب المغلقة"، الذي شاركت فيه رفقة العديد من الممثلين المتميزين، كما أستعد للمشاركة في فيلم سينمائي كوميدي جديد للمخرج أحمد بولان بعنوان "ليلى"، وأبدأ تصوير فيلم تلفزيوني جديد بعنوان "حليب السلطان" من توقيع المخرج إدريس الروخ. بالنسبة لفيلم "حب الرمان" هو فيلم أمازيغي ينتمي إلى صنف الدراما الاجتماعية، تدور أحداثه، التي صورت بعاصمة سوس أكادير، حول مسار ثلاث نساء تضطرهن ظروفهن القاهرة إلى السقوط في عالم الرذيلة، وعندما تحاول إحداهن التوبة تعترضها عراقيل كثيرة سوف يعرضها سيناريو الفيلم الذي كتبه يوسف كرامي بالتفصيل. الفيلم من بطولة نجمة الأفلام الأمازيغية الزاهية الزاهيري، وطارق البخاري، وعبداللطيف شوقي، وزينب السمايكي، وعبد الرزاق الزيتوني، وحنان بلحسن، والعديد من الوجوه الجديدة. أما "الفروج" فينتمي إلى صنف الكوميديا الهادفة أو كوميديا الموقف، تدور أحداثه حول صراع صانع تقليدي "بوجمعة" يقطن برياض في المدينة العتيقة لمراكش، مع فرنسي "ميشيل" اقتنى رياضا بجواره، بسبب ديك. يصل الصراع بين المغربي والأجنبي إلى المحكمة، وفي الجلسة الأخيرة يقتنع ميشيل أن لبوجمعة كامل الحق في الحفاظ على تقاليده وطقوسه الشعبية. يشارك في هذا الفيلم، الذي كتب له السيناريو عبدالمولى التركيبة، فضيلة بنموسى، وبشرى أهريش، ونور الدين بكر، وجميلة التلمسي، وزينب السمايكي، وعمر العزوزي، والثنائي الصداقة وآخرين. وبخصوص "ليلى" فهو فيلم سينمائي من إخراج أحمد بولان، تدور أحداثه في قالب كوميدي حول قضية جزيرة ليلى المغربية، وأشارك في بطولته رفقة بشرى أهريش، وفريد الركراكي وآخرون. وبالنسبة ل"حليب السلطان" فهو فيلم تلفزيوني كوميدي من إخراج إدريس الروخ، تدور أحداثه في مدينة مراكش حول أب محافظ يكتشف لأول مرة ليل مراكش الصاخب، بعد خروجه للبحث عن الحليب لطفله الجائع. الفيلم من بطولة دنيا بوطازوت، وفضيلة بنموسى، ومصطفى الداسوكين، وسعيد باي، ومحمد الورادي ومجموعة من الممثلين الشباب المراكشيين. يلاحظ من خلال حديثك عن أعمالك الجديدة أنك تعزف على وتري الإثارة والكوميديا، فهل يعني ذلك أن فركوس يبحث عن النجاح الذي تحققه أفلام الطابوهات والكوميديا، خصوصا بعد فشل فيلمك الأول "خمم" بالقاعات؟ من هذا المنبر أؤكد أن فيلم "حب الرمان" بعيد كل البعد عن الإثارة، لأنه يمثل السينما الأمازيغية المعروفة بأعمالها المحافظة، ورغم أن موضوع الفيلم يتمحور حول فتيات الليل، أعتقد أن مقاربة موضوع البغاء والدعارة سينمائيا لا تعني بالضرورة اللجوء إلى مشاهد إثارة بذيئة، إذ يمكن معالجة الموضوع انطلاقا من مشاهد إيحائية. أما بالنسبة لميلي إلى الكوميديا فأظن أن الأمر لا يخرج عن الإطار الذي أشتغل فيه، فأنا أساسا ممثل كوميدي. وأعرف جيدا أن الجمهور المغربي يحب الكوميديا والدليل هو نجاح أغلب الأعمال الكوميدية المعروضة حاليا بالقاعات، وأخص بالذكر "الطريق إلى كابول" الذي مازال يعرض للعام الثاني على التوالي. لماذا لم يصمد فيلمك الروائي الأول "خمم" في القاعات، رغم الأصداء الطيبة التي تركها عرضه في مختلف المهرجانات الوطنية؟ لم ينجح الفيلم تجاريا أولا بسبب ضعف سياسة التوزيع في ظل تناقص عدد القاعات، وغياب الحملات الإعلامية التي كان من المفروض أن تواكب عرضه في القاعات، فالحملات الدعائية تساعد كثيرا على نجاح الفيلم من عدمه. ثانيا توقيت عرض الفيلم لم يكن مناسبا بالمرة لأنه نزل إلى القاعات التي تعد على رؤوس الأصابع مع أفلام مغربية وأجنبية كثيرة، لهذا اقتصر عرضه على مدينتي الرباط والبيضاء فقط، في غياب النسخة العربية للفيلم. ثالثا الجمهور المغربي، خصوصا الأمازيغي المحب للسينما المغربية، لم يستطع مشاهدته في مدن الجنوب حيث تنعدم القاعات. هل ستعمل على دبلجة فيلمك الجديد "حب الرمان" إلى الدارجة المغربية لضمان انتشاره، أم أنك ستكتفي بعرضه بالأمازيغية فقط؟ وهل وجدت صعوبات مع ممثلين اعتادوا أداء أدوارهم بالعربية مثل البخاري وشوقي؟ سأعرض "حب الرمان" في المهرجان الوطني للفيلم بالأمازيغية، لأنه يمثل هذه السينما التي يعمل المركز السينمائي المغربي على دعمها تفعيلا لمضامين الدستور، الذي ينص على أن الأمازيغية لغة وطنية يجب أن تأخذ حقها من التداول فنيا وثقافيا. وهذا لا يعني أن الفيلم لن يكون مصحوبا بسطرجة أو دبلجة بالعربية بالنسبة للعروض التجارية حتى يتمكن جميع المغاربة من مشاهدة الفيلم. وبخصوص تعامل الممثلين مع الأمازيغية، لم أجد صعوبة في العمل مع الممثلين لأنهم من أصول أمازيغية، وأعتقد أن الفنان الحقيقي هو الذي يستطيع التأقلم مع أي عمل سواء كان بالأمازيغية أو العربية أو بأي لغة أخرى، لأن السينما هي لغة الصورة التي تحتاج إلى الكثير من الإحساس والقليل من الكلام. هذا يعني أنك استفدت من دعم الإنتاج الذي يقدمه المركز السينمائي للأفلام المغربية، فما حجم هذا الدعم، وهل يكفي لإنتاج فيلم بالمواصفات المتعارف عليها؟ نعم حصلت على دعم المركز السينمائي المغربي، لفيلمي "حب الرمان"، أما فيلم "الفروج" فهو من إنتاج حسن الشاوي الذي رصد لهذا الفيلم ميزانية تجاوزت 550 مليون سنتيم. وبخصوص الدعم الذي يقدمه المركز، أؤكد أنه لا يكفي لصنع فيلم جيد، إذ لا يستفيد منه المنتج دفعة واحدة، بل على دفعات، ما يعرقل عملية الإنتاج، خصوصا إذا كان منتج الفيلم يعتمد اعتمادا كليا على مبلغ الدعم، وليس له أي مورد آخر لإنتاج الفيلم. فمبلغ 300 مليون سنتيم لا يكفي لإنتاج فيلم جيد، ولا يخول للمنتج المخرج التعاقد مع نجوم كبار بمبالغ كبيرة، أو شراء حقوق سيناريو جيد بمبلغ محترم، أو تصوير مشاهد خارج حدود الوطن، وهذه كلها إكراهات تحد من القدرات الإبداعية للمخرج، وتجعله منشغلا بتدبير نفقات الفيلم أكثر من تركيزه على الجانب الإبداعي فيه. ما الحل في نظرك؟ الحل هو تشجيع القطاع الخاص على دخول عالم السينما، من خلال تبسيط المساطر الإدارية الخاصة بالقطاع، والتخفيف من قيمة الضرائب المفروضة على السينما، لأنها مازالت في بداياتها، ومازالت في حاجة إلى الكثير من الجهد حتى تصبح صناعة قائمة بذاتها. والبحث عن مصادر أخرى لتمويل الفيلم، من مؤسسات خاصة، وعامة، لا تتوانى في المساهمة في أي عمل إبداعي، شرط أن يكون عملا جادا وهادفا. كيف تنظر إلى واقع السينما المغربية الآن؟ المناخ العام في المغرب يوفر الآن شروطا معقولة للعمل، فالإنتاج المغربي الحالي وصل إلى مرحلة مهمة من التراكم الكمي، وما علينا الآن سوى البحث عن التنوع في المواضيع، من خلال إنتاج أفلام في جميع الأصناف السينمائية المعروفة (سينما المؤلف، الكوميديا، الأكشن، والطابو...). هناك وعي بضرورة إنتاج أعمال تحترم ذكاء الجمهور، فهذه هي البداية وما زال أمامنا كل طريق التخيل وطرق أبواب جديدة.