تأسست لجنة القدس، التي تعتبر إحدى اللجان الدائمة المتفرعة عن منظمة التعاون الإسلامي، بناء على توصية من المؤتمر السادس لوزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في جدة عام 1975. وقد قرر المؤتمر العاشر لوزراء خارجية الدول الإسلامية الذي انعقد بمدينة فاس في ماي 1979 إسناد رئاسة اللجنة إلى جلالة المغفور له الحسن الثاني. وتقوم اللجنة بتنفيذ المهام التي أنيطت بها وفي مقدمتها دراسة الوضع في القدس الشريف، كما تقوم بمتابعة تنفيذ القرارات التي تصادق عليها مؤتمرات وزراء خارجية البلدان الإسلامية المتعلقة بالمدينة المقدسة. كما أسندت إلى هذه اللجنة، التي تولى رئاستها جلالة الملك محمد السادس بعد وفاة والده جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، مهام أخرى تتمثل في متابعة القرارات المصادق عليها حول القدس من مختلف الهيئات والمحافل الدولية، والاتصال بالمنظمات الدولية الأخرى التي قد تساعد على حماية القدس، وتقديم مقترحات للبلدان الأعضاء ولكل المنظمات المعنية بالأمر، تتعلق بالخطوات المناسبة التي يجب اتخاذها لضمان تنفيذ القرارات لمجابهة التطورات الجديدة. وتضم اللجنة في عضويتها ممثلين عن ستة عشر بلدا، من بين البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، وتجتمع بدعوة من رئيسها، أو من الأمين العام للمنظمة. ومنذ إسناد رئاسة لجنة القدس لجلالة الملك صدرت عن مؤتمرات القمة الإسلامية المتتالية قرارات تصب كلها في اتجاه اتخاذ إجراءات عملية لحماية الهوية التاريخية والحضارية لمدينة القدس الشريف. وقد نوهت هذه القرارات بالأعمال والخدمات الجليلة التي قدمتها اللجنة برئاسة جلالة الملك للقدس وللمقدسيين. وفي هذا الصدد، عهد مؤتمر القمة الإسلامي السادس (دورة القدس الشريف الوئام والوحدة) الذي انعقد في العاصمة السنغالية (دكار)، في دجنبر 1991 ، إلى جلالة المغفور له الحسن الثاني رحمه الله باتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات من أجل ضمان القيام بأعمال الصيانة المطلوبة لقبة الصخرة. كما أكد هذا المؤتمر على أهمية العمل على تنظيم ندوات للتعريف بقضية القدس الشريف وفلسطين في مختلف العواصم العالمية، والاتصال بالفاتيكان لعقد لقاء إسلامي مسيحي، بمشاركة الكنائس الشرقية وغيرها، من أجل الحفاظ على هوية المدينة المقدسة وطابعها الديني والتاريخي والديمغرافي. وجاء مؤتمر القمة الإسلامي الذي انعقد في دورته الثامنة (دورة عزة وحوار ومشاركة) في العاصمة الإيرانية (طهران) في دجنبر 1997 ل"يشيد بالجهود التي تبذلها لجنة القدس برئاسة جلالة الملك الحسن الثاني، ملك المملكة المغربية، ويؤكد جميع القرارات التي صدرت عنها، ويحث الدول الأعضاء على العمل بها". وبمبادرة من جلالة المغفور له الحسن الثاني، رئيس لجنة القدس، تأسست سنة 1998 وكالة بيت مال القدس الشريف كمؤسسة عربية إسلامية، من أجل حماية الحقوق العربية والإسلامية في المدينة المقدسة، وتعزيز صمود أهلها من خلال دعم وتمويل برامج ومشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان، والحفاظ على التراث الديني والحضاري للقدس الشريف. وجاء مؤتمر القمة الإسلامي التاسع، (دورة السلام والتنمية .. انتفاضة الأقصى)، الذي انعقد بالعاصمة القطرية (الدوحة) في نونبر عام 2000 ، ليشيد ب"الجهود الفائقة، التي بذلها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، لتأسيس وكالة بيت مال القدس الشريف، وتحديد أهدافها، في حماية المدينة المقدسة وسكانها الفلسطينيين المرابطين، وكذا هويتها وتراثها العربي الإسلامي المقدس، كما مكنها من أداء رسالتها بتوفير مقر لها، وتيسير إمكانات مالية سخية، قصد تفعيل أعمالها، في أحسن الظروف". ومنذ اعتلائه العرش ظل جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، يولي اهتماما خاصا للقدس الشريف، ورعاية مميزة لوكالة بيت مال القدس، ويعمل على دعم مسيرة عملها بغية تحقيق أهدافها وتوصيل رسالتها. وقد لقيت جهود جلالة الملك محمد السادس من أجل نصرة القدس والمقدسيين تجاوبا من طرف الدول الإسلامية التي بادرت خلال مؤتمر القمة الإسلامي العاشر (دورة المعرفة والأخلاق من أجل تقدم الأمة الإسلامية) الذي انعقد في ماليزيا عام 2003 بإصدار قرار "يدعو الدول الأعضاء إلى دعم وكالة بيت مال القدس الشريف وتسهيل مأموريتها في جميع المجالات بهدف حشد جميع الإمكانات وتوظيف كل الطاقات المالية وكذا الخبرات الفنية للمساهمة في إنجاز مشاريعها بمدينة القدس الشريف". وتبقى المبادرات التي تتخذها لجنة القدس لحماية المدينة المقدسة، سواء في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني أو في عهد جلالة الملك محمد السادس، موصولة مع توالي السنين. ولعل الرسالة التي بعث بها جلالة الملك محمد السادس، مؤخرا، إلى رئيس لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، السيد عبدو سلام ديالو، بمناسبة تخليد اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يوم 29 نونبر 2013 ، واحدة من ضمن المبادرات العملية التي تترجم حرص جلالة الملك، رئيس لجنة القدس، على أن تظل المدينة المقدسة صامدة في مواجهة كل المحاولات الرامية إلى تشويه وطمس معالمها الدينية والثقافية والحضارية الإسلامية.