دافع محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، عن أهمية محاربة التهرب الضريبي عبر الاقتطاع المباشر من المصدر، إذ كشف لمجلس المستشارين عن شروعه في التشاور مع الجمعية المهنية للأبناك ومع الكنفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب وذلك بهدف إيجاد الصيغ الملائمة لتأطير التهرب الضريبي بالنسبة للملزمين، باقتطاع مباشر للضريبة من حسابات زبناء البنوك. وقال بوسعيد، الثلاثاء الماضي، إن "هذا الإجراء سيخضع لتأطير محكم، يمكن من احتفاظ الملزم بكل حقوقه، ومن حفاظ دار الضريبة على حقوقها في ما يتعلق باستخلاص الضرائب". واعترف الوزير، في رد على الفريق الحركي، الذي طرح سؤالا عن "الاقتطاع المباشر من حسابات زبناء البنوك والإشكاليات المترتبة عنه"، أن الإعلان السابق للحكومة، بخصوص محاربة التهرب الضريبي عبر إجراء الاقتطاع المباشر من حسابات الزبناء بالبنوك، شابته "بعض الاختلالات في طريقة التطبيق، ما جعل الإجراء يكون محط انتقادات وانزعاج عدد كبير من الملزمين، رغم قانونية الإجراء ونجاعة تطبيقه في العديد من بلدان العالم". وأعلن بوسعيد أن وزارة المالية مهتمة بالإصلاح الضريبي المرتقب، وأنها تبحث الإمكانيات الملائمة لتأطير إجراء الاقتطاع المباشر للضريبة من حسابات زبناء البنوك، مشددا على أن الحكومة جعلت من إعادة الثقة لدى المستثمرين والمقاولين وكل الشركاء مبدأ أساسيا، وأنها تعمل على تأطير هذا الإجراء بشكل محكم، رفقة الشركاء لتجاوز الإشكالات السابقة. وفي جوابه عن سؤال شفوي آخر حول ضرورة إعادة النظر في آليات التنمية الاقتصادية المعتمدة بالمغرب، قدمه فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، قال وزير الاقتصاد والمالية إن "النموذج التنموي المغربي لم يستنفد بعد كل إمكانياته"، موضحا أن الاستراتيجية التنموية المعتمدة تقوم على "نموذج اقتصادي أبان عن إمكانيات مهمة، وقدرة كبيرة على الصمود في وجه كل التقلبات الاقتصادية، التي شهدتها الدول المحيطة بالمغرب". وأبرز بوسعيد أن النموذج التنموي، الذي سار عليه المغرب منذ حوالي عقد من الزمن، يستند إلى دعامتين أساسيتين، تتمثلان في الاستهلاك والاستثمار، وأنه "لم يقع استنفاد كل طاقات الاستهلاك والاستثمار بعد"، مبرزا أن استهلاك الأسر مكون أساسي للطلب الداخلي، يمثل 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وقابل للتطور، إذ مثلت حصة استهلاك الأسر من الناتج الداخلي الخام وتطورها حوالي 2.58 في المائة خلال الفترة بين 2000 و 2012. وأضاف أن "هذه النسبة مازالت قليلة مقارنة مع بعض الدول الأخرى، كتونس 9.6 في المائة، وتركيا 5.7 في المائة، والأردن 3.8 في المائة". وأوضح أن مكون الاستثمار شهد تحولا نوعيا، بتسجيله نسب نمو بالأسعار الثابتة تفوق تطور استهلاك الأسر، بنسبة 6.5 في المائة و5 في المائة على التوالي خلال عامي 2006 و2011، ما يشكل "مؤشرا إيجابيا يبرز أنه مازالت هناك هوامش لدعم الاستهلاك". واعترف بوسعيد أن النموذج التنموي المغربي يحتاج، بالإضافة إلى توطيد دعامتي الاستهلاك والاستثمار، إلى نظرة متجددة لمواصلة المسيرة التنموية، بالتركيز على العناصر المتمثلة في التصنيع وإعادة التصنيع، على اعتبار أن الصناعة هي التي تنتج الثروة، خاصة في القطاعات المصدرة، وفي تشجيع الاستثمارات الخارجية، فضلا عن تحقيق التوازن في مجال التنمية المجالية، معتبرا أن المغرب نجح في الجمع بين إصلاحاته الديمقراطية ومكتسباته وتراكماته الإيجابية، وبين نموذجه الاقتصادي التنموي.