سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحسين الوردي: فتح الاستثمار لغير الأطباء يهدف إلى تطوير القطاع وتحسين الولوج للخدمات الصحية قال لالمغربية إن للبرلمان وحده الحق في قبول مشروع القانون أو رفضه
قدم الحسين الوردي، وزير الصحة، يوم الجمعة 20 دجنبر الجاري، مشروع القانون 10/94 المنظم لمهنة الطب، الذي يسمح لغير الأطباء بالاستثمار في المصحات الخاصة للأمانة العامة للحكومة، بعد نقاش دام لأزيد من سنة مع كافة المتدخلين والنقابات المهنية. الحسين الوردي وزير الصحة جرى ذلك من أجل تبادل الأفكار حول الاقتراحات والتعديلات اللازمة لهذا المشروع، كان آخرها اجتماع عقد بتاريخ 2 دجنبر الجاري. وأثارت المادة 57 من مشروع القانون المذكور جدلا كبيرا داخل الوسط الصحي بين معارضين ومؤيدين. وحول هذا الموضوع، قال وزير الصحة "يجب أن أصحح بعض المغالطات التي يروج لها البعض حول مشروع القانون هذا، من قبيل أن وزير الصحة يريد خوصصة القطاع وتسليمه "لمول الشكارة". وأضاف المسؤول الحكومي أنه "على العكس من ذلك تماما، فإن المادة 57 من مشروع القانون رقم 10/94 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، أردنا من خلالها فتح الاستثمار لغير الأطباء من أجل تطوير القطاع وتعزيزه وتقويته وتحسين الولوج للخدمات الصحية للمواطن، لأن القطاع العام وحده لا يكفي لتلبية كل الحاجيات على مستوى التطبيب والعلاج، كما نسعى أيضا إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص". وفي هذا الإطار، أشار الوردي، في تصريح ل"المغربية"، إلى أنه خلال العشر سنوات الأخيرة لم تتمكن الوزارة من توفير سوى "سكانير" واحد كل سنتين وأقل من 100 سرير، مؤكدا أنه كلما كثر الإقبال على الاستثمار في المصحات الخاصة لغير الأطباء فإن ذلك سيساهم في توفير فرص الشغل والرقي بمستوى التنافسية والجودة والحكامة في التدبير لصالح المواطن المغربي، إلى جانب تحسين جاذبية المصحات لتصبح من الطراز العالي. وأبرز في هذا الصدد، أن أغلب الأفارقة يقصدون المصحات التي توجد في الخارج، وبالتالي، يضيف الوردي، "نحن نريد جلبهم إلى المغرب حتى نضمن بقاء العملة الصعبة في بلادنا وتشجيع الاستثمار في المصحات الخاصة". وأكد الوردي أن العمل بهذا الإجراء الجديد ليس الهدف منه القيام بتجربة، وإنما لأن هناك 68 في المائة من دول العالم تعمل بهذا النظام وحققت نتائج إيجابية جدا، من بينها دول تشبهنا اقتصاديا، كتونس ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن والشيلي، حتى لا نذكر الدول المتقدمة كفرنسا وأمريكا وغيرها. وأضاف أن هذا المشروع جاء بكثير من الإيجابيات لفائدة الأطباء، حيث تم تقنين تشغيل وتدخل الأطباء الأجانب، كما سيتوفر بكل مصحة طاقم طبي، وطبيب مساعد وطبيب معاون ومدير المصحة الذي سيكون طبيبا، كما سيمنع تشغيل الأطباء الموظفين في هذه المصحات. تقنين وهيكلة القطاع الخاص وأفاد الوزير أن المادة 57 من مشروع القانون المذكور تهدف أيضا إلى تقنين وهيكلة القطاع الخاص، كما أنه بموجب هذا القانون، يمنع على أي مصحة أن تكون ذات طابع تجاري ربحي. وأشار إلى أن النقاش حول مشروع القانون دام لأزيد من سنة مع كافة المتخلين والنقابات المهنية، وأن الوزارة تلقت جوابا كتابيا من الهيئة الوطنية للأطباء، والنقابة الوطنية للأطباء الاختصاصيين في القطاع الخاص والنقابة المستقلة لقطاع الطب العام. وأضاف أن آخر اجتماع مع الهيئات النقابية كان في 2 دجنبر الجاري، من أجل تقديم الأفكار والاقتراحات المتعلقة بمشروع القانون، التي بلغت 117 اقتراح أخذت منها الوزارة 65 في المائة. لكن بالمقابل، أوضح الوزير، أن هناك مجموعة من أساتذة الطب والنقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر رفضوا مناقشة المشروع، معتبرا أنها ليست طريقة للوصول إلى حلول موضوعية وناجعة، لأنه في مثل هذه المواضيع يجب تبادل الأفكار والرؤى، إلا أن الغريب في الأمر، حسب الوزير، "نجد البعض يرفض المشروع دون أن يقدم البديل، وهذا ليس حلا، لأن من يقول إنه غير متفق يجب أن يقدم البديل". وأضاف أن "هناك بعض التنسيقيات تقول إنها تدافع عن صحة المواطنين، لكن في اعتقادي من يريد الدفاع عن صحة المواطنين يجب أن يساعد ويساهم في علاجهم، وأن يقدم رأيه في الموضوع الذي يهمهم وليس أن يكتفي بإصدار البيانات التنديدية". وأوضح الوردي أن فتح رأسمال المصحات الخاصة على المستثمرين سيتم عبر ثلاثة مستويات، أولها الاستثمار في البنيات التحتية والتجهيزات البيوطبية، الذي سيكون مفتوحا لكل من لديه الإمكانيات المادية، متسائلا عن السبب الذي يمكن أن يمنع غير الطبيب للاستثمار في المصحات الخاصة. وأضاف أنه في الوقت الذي نطلب من الطبيب أن يستثمر في مدينة مثل طاطا أو في المناطق النائية يرفض، وحين نفتح المجال لغير الطبيب يرفض أيضا، وهذا غير منطقي. أما المستوى الثاني فيهم القرار الطبي، "إذ حرصنا على أن لا يتدخل المستثمر في القرار الطبي الذي سيظل حكرا على الأطباء حفاظا على صحة المواطنين"، مشيرا في هذا الصدد، إلى أنه تم إقرار إحداث لجنة طبية في كافة المصحات تتكون من الأطباء، وأن هذه اللجنة هي التي ستوكل إليها مهمة اختيار الموارد البشرية والتجهيزات البيوطبية التي سيشتغلون عليها وتقنيات العلاج كما أنه ستكون لها صلاحية اتخاذ قرارات العلاج في المصحة، كما تم وضع لجنة للأخلاقيات تتشكل من الأطباء والممرضين فقط، إلى جانب لجنة التدبير التي وحدها ستشمل أشخاصا خارج الطاقم الطبي، لأنها مكلفة بالتدبير الذي ليس حكرا على الأطباء، وهذه اللجنة ستعزز مبدأ الشفافية، حيث سيتم عرض أسعار كل أنواع الخدمات داخل هذه المصحات. الكلمة الأخيرة للحكومة أما بخصوص المستوى الثالث، أوضح الوزير أنه يتعلق بالقرار السياسي، الذي أكد أنه يظل بيد الحكومة والوزارة المعنية، وهي من ستعطي كلمتها الأخيرة لفتح أي مصحة بناء على عدة معطيات، وليس استنادا إلى تنافسية عشوائية، وهو ما سيحسن من جودة المصحات. وجدد الوردي تأكيده أن النقاش والمفاوضات بشأن هذا المرسوم استمرت أزيد من سنة مع كافة المتدخلين من بينهم النقابات المهنية، حيث قدمت 117 قرار تعديل أخذت الوزارة 68 في المائة منها، مشددا على أن البرلمان هو من سيحسم في هذا المرسوم وهو من يدافع عن حق المواطنين، وإذا رأى أن المشروع غير صالح سيرفضه. وأردف قائلا "لقد زرت الدول التي تعمل بهذا النظام ويتبين أنها قامت بخطوات مهمة في هذا المجال، وأنا أناشد الجميع بأن ينظروا للمستقبل، لأنه لو كنا نريد بيع الصحة ما كنا خفضنا من ثمن الأدوية، لأننا نريد مصلحة المواطن، وهذه خطوة جريئة للمواطن والطبيب"، مبرزا أنه لأول مرة يتم، في هذا القانون، تحديد المعايير التي يجب أن تتوفر في المصحة، كما ستكون هناك تفتيشيات لهذه المصحات. وأفاد الوزير أن هذا المرسوم سينشر الأسبوع المقبل في البوابة الإلكترونية للوزارة، من أجل أن يطلع عليه الجميع جمعيات ونقابات مهنية وكل المهتمين بالقطاع.