كشفت مصادر جمعوية، خلال لقاء نُظم أخيرا، حول نظام التكفل والدفاع عن حقوق الأم العازبة وطفلها في المغرب العربي، بالدارالبيضاء، أن خادمات البيوت يمثلن 45 في المائة من الأمهات العازبات، وأن أغلبهن تلقين وعودا بالزواج، وواجهن صعوبات الحمل والوضع بمفردهن، بعد التخلي عنهن. قالت عائشة، أم عازبة، خلال دردشة مع "المغربية"، بعد لقاء الفاعلين الجمعويين المغاربة بالبيضاء، إنها كانت ومازالت خادمة في البيوت، مضيفة أنها تواجه غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف التكفل بابنتها بأجر هزيل، وتطلب من الشاب الذي وعدها بالزواج فقط الاعتراف بأبوته، لكي تضمن شعورا متوازنا لرضيعتها. وأوضحت عائشة أنها قررت الاحتفاظ بابنتها، بعد وضعها، منذ حوالي سنتين بأحد مستشفيات الدارالبيضاء، وهي تشتغل حاليا "خادمة" وتستقر في غرفة بالحي المحمدي، بعدما رفض الشاب الذي وعدها بالزواج، تحمل المسؤولية. وقالت عائشة في تصريح لها، بمناسبة اللقاء الذي انعقد الأسبوع الماضي، حول الأمهات العازبات، إنها لا تعلم شيئا عن اللقاءات التي تعقدها الجمعيات المهتمة بالموضوع، ولا عن الخدمات التي يمكن أن تقدمها للحالات التي تقع في "ورطة الحمل"، لأنها قدمت إلى العاصمة الاقتصادية بغرض العمل ومساعدة أسرتها الفقيرة في ضواحي الصويرة، غير أنها اكتشفت بعد علاقتها بشاب وعدها بالزواج أنها أصبحت عالة على أسرتها، التي انقطعت عن الاتصال بها، منذ أن وضعت ابنتها. كانت عائشة تحضن رضيعتها بين ذراعيها وتروي حكايتها بنبرة حزينة، مؤكدة أنها ندمت على وضع ثقتها في شاب وعدها بأن تكون شريكة حياته، وقال لها إنها ستودع شقاء العمل في البيوت، وسيعوضها ما عانته من محن في سبيل مساعدة أسرتها الفقيرة. وكانت عائشة تتحدث عن أحلامها الوردية، بوجه شاحب، وتطبطب بين الفينة والأخرى عن رضيعتها التي كانت تبكي جوعا، وقالت إنها في حاجة إلى الرضاعة، غير أنها لا تتوفر على ثمن علبة الحليب. وضعت عائشة رضيعتها في أحد مستشفيات الدارالبيضاء، وقررت بعد الوضع الهروب ليلا، بعد جرى تخويفها من خطر انتزاع ابنتها منها من طرف إحدى النزيلات، إذ تسللت في إحدى الليالي الباردة، وقصدت المحطة الطرقية أولاد زيان، حيث التقت هناك بسيدة وعدتها بحمايتها مع رضيعتها بعدما أخبرتها بقصتها، وقالت لها إنها ستؤويها في منزلها بالحي المحمدي خلال فصل الشتاء، دون مقابل رحمة بالرضيعة التي يمكن أن تضيع بسبب البرد. عاشت عائشة شهورا طويلة في الحي المحمدي، وكانت تساعد ربة البيت في الأشغال المنزلية، غير أنها قررت مواجهة مصيرها مع ابنتها، إذ عادت لتشتغل في البيوت، كما كانت من قبل، ووضعت ابنتها عند جارة لها في المنزل التي تعيش به مقابل 1000 درهم في الشهر الواحد. وتواجه عائشة مصير ابنتها في حيرة، فهي لا تطلب من الشاب أن ينفق على ابنته، بل أن يعترف فقط بأبوته، وأن يضعها في دفتر الحالة المدنية، لتتوفر على وثائق رسمية مثل باقي الأطفال، تساعدها على الاستفادة من التطبيب، ومن التعليم، ومن باقي الخدمات الاجتماعية. كان قرار الاحتفاظ بالرضيعة بالنسبة لعائشة صعبا، خاصة أنها تلقت إغراءات مختلفة مقابل التخلي عنها، كما علمت أن القرار سيضع خطوطا حمراء في حياتها، إذ أنها منذ وضعها لم تزر بيت والديها، كما أنها فقدت كل الصلة بإخوتها، وهي تعيش تائهة بين ارتفاع تكاليف الاعتناء بابنتها من جهة وغلاء المعيشة من جهة أخرى. عائشة ليس الحالة الوحيدة التي أصبحت أما بعدما تخلف الذي وعدها بالزواج عن وعده، وليست الخادمة الوحيدة التي قدمت إلى الدارالبيضاء من أجل مساعدة أسرتها لتصبح هي بدورها في حاجة إلى مساعدة. تشير نتائج الدراسة التي أنجزتها جمعية إنصاف سنة 2009 إلى أن 45 في المائة من الأمهات العازبات عن خادمات في البيوت. وتبين نتائج الدراسة النوعية لمغرب 2010، التي أنجزنها جمعية إنصاف أنه ما إن تحمل هؤلاء النساء حتى يجري طردهن من محيطاتهن العاطفية وشبكاتهن الاجتماعية، ويصبحن أهدافا مفضلة لمجموعة من الوسطاء الذين يستندون أساسا على "المبادئ الأساسية" لرفض المجتمع لهن، لممارسة عملهم الهدام والغامض مع إفلاتهم من العقاب. وتأخذ الوساطة شكلين، أحدها "تقليدي" ويكون ربحه قليل إلى متوسط، يهدف إلى منح الطفل غير الشرعي لأطراف ثالثة غير معروفة من المرجح أن تمارس أبوة مسلوبة وسرية، مع ما تمثله من أخطار على مستقبل توازن الطفل، والأخرى حديثة ومربحة ومهنية وهي تفرض على الحامل توفير الحماية، بما فيها السكن والأكل والتتبع لحالتها الصحية مقابل التخلي عن رضيعها، بعد وضعه. وتوجد هذه الوساطة في جميع الأماكن، بما فيها الشوارع والحدائق العامة ومحطات الحافلات، وهي "متخصصة" و"مكرسة للطفل" أو عامة تخص "النساء والأطفال" وتمارس من قبل الخواص عبر العيادات والقابلات التقليديات. وتشير الدراسة التي أنجزت سنة 2009 إلى خطر تكرار الولادة بين الأمهات العازبات التي تخلين عن طفلهن الأول أو الأطفال السابقين. وأوضحت الدراسة أنه في عام 2003 أنجبت 31 ألفا و343 أما 49ألفا و214 طفلا، وكان 14 في المائة منهن لديهن بين ثلاثة وستة أطفال. وفي عام 2009 أنجبت 27 ألفا و199 أما عازبة 45 ألفا و424 طفلا وكان 21 في المائة منهن لديهن ما بين 3 و6 أطفال، وفي الفترة الممتدة بين 2003 و2009 أنجبت 210 آلاف و343 امرأة على الأقل 340 ألفا و903 طفلا.