أكدت الجمعية البيضاوية للكتبيين في تقريرها السنوي، الذي اعتادت إصداره في شهر أكتوبر من كل سنة، أن الكتبيين بالمغرب يعيشون أزمة خانقة تهدد بتناقص عددهم بسبب تراجع مبيعاتهم من المقررات الدراسية وأيضا عجزهم عن مسايرة التغييرات التي طالت عددا من المقررات من جهة، واختلافها بين المؤسسات التعليمية والأقاليم من جهة ثانية. وأكد التقرير أن معظم الكتبيين قرروا التخلي نهائيا عن ترويج الكتاب المدرسي، رغم أنه يشكل فرصتهم التجارية الوحيدة خلال السنة بالنظر إلى واقع القراءة ومستواها المتدني في ما يخص الكتب الثقافية. وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الكتبيون، منذ سنوات تقريبا، طالبت الجمعية البيضاوية للكتبيين، بضرورة دعم الكتبيين، من خلال تخصيص رواق للكتاب المستعمل في المعرض الدولي للكتاب بالدارالبيضاء، وتنظيم مهنة الكتبيين، والاستفادة من التغطية الصحية والاجتماعية على غرار الفنانين والمشتغلين بالصناعة التقليدية. ودعت الجمعية، غير ما مرة، إلى ضرورة ترسيخ مبدأ الحوار الجاد والمسؤول مع وزارة الثقافة، باعتبارها الجهة الوصية على التدبير الثقافي بالمغرب، بخصوص التغطية الصحية والاجتماعية المتعلقة بالكتبيين، باعتبارهم شريحة اجتماعية ذات وضع خاص. في هذا السياق، أوضح رئيس الجمعية، يوسف بورة، في تصريح ل"المغربية" أنه رغم مجهودات الكتبيين في مختلف المدن لتنظيم أنفسهم في إطار جمعيات مهنية، فإن جهودهم تذهب أدراج الرياح بسبب غياب الدعم، سواء من طرف وزارة الثقافة أو من طرف السلطات المحلية المنتخبة. وأشار إلى دور الكتبيين في نشر المعرفة بأقل التكاليف، باعتراف من عدد من الكتاب والأدباء، الذين أكدوا أنهم عثروا على ما ألهمهم لإنجاز بعض مؤلفاتهم في كتب اقتنوها من بائعي الكتب القديمة، كما أكد مثقفون وباحثون أنهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا عبر الأثمنة الزهيدة والرمزية للكتب والمراجع والمصادر التي يعرضها الكتبيون. وقال بورة إنه في دول العالم المتقدم، وأيضا بعض الدول الأقل تقدما، التي تملك تقاليد ثقافية عريقة، توجد للكتاب المستعمل والقديم مكانة خاصة، كما أن للمشتغلين فيه وضع اعتباري ومجتمعي لائق يحرص الجميع على دعمه وتطويره والحفاظ عليه، صونا للذاكرة الثقافية، ودعما لانتشار القراءة في الأوساط الفقيرة وذات الدخل المحدود، مؤكدا أن الكتبيين لا يمكنهم أن يصبحوا جزءا معماريا وسياحيا في المدن التي يوجدون بها إلا بتخصيص فضاءات تكون بمثابة مزارات ثقافية وسياحية تزيد من رونق المدن، عوض الاستمرار في عرض كتبهم داخل الأسواق الشعبية والعشوائية .وأفاد أن مهنة الكتبي في المغرب تشهد تراجعا متواصلا يهددها بالانقراض، مشيرا إلى أن عدد الكتبيين تراجع في مجموع أرجاء المغرب إلى أقل من المائتين.