وجه الهجوم الإرهابي المشين، الذي استهدف أول أمس السبت المركز التجاري ( ويست غايت) بالعاصمة الكينية نيروبي، والخسائر البشرية التي خلفها إضافة إلى الأعمال التي يرتكبها تنظيم ( القاعدة ) منذ عدة أشهر شمال مالي، تحذيرات قوية للمجموعة الدولية التي أصبحت أكثر من أي وقت مضى مدعوة إلى مواجهة هذه الجماعات العابرة للحدود. ونجحت التحذيرات والاتهامات التي وجهتها العديد من وسائل الإعلام والخبراء الدوليين، بشأن التواطؤ البين بين أفراد (البوليساريو) وميليشيات القذافي، علاوة على ترسانة الأسلحة التي خلفها النظام الليبي السابق لتنظيم ( القاعدة)، في إقناع المجموعة الدولية بأنها أضحت تواجه تحالفا برغماتيا يريد زرع الفوضى في المنطقة. ولعل عملية الاختطاف التي تعرض لها ثلاث رعايا أوروبيين يعملون في بعثات إنسانية في قلب تندوف سنة 2011، أبرز دليل على هذا التواطؤ الذي أصبح يتم في واضحة النهار. وقد حذر التقرير الأمريكي (انعكاسات الإرهاب: تحيين تهديدات القاعدة بالمغرب العربي والساحل)، الذي أنجزه المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب، التابع لمجموعة التفكير (بوتوماك إنستيتيوت)، التي يوجد مقرها بواشنطن، مما يسمى بÜ " قوس اللااستقرار" في مجال جغرافي يمتد من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي. وفي هذا التقرير، أكد يوناه ألكسندر مدير هذا المركز، أن (البوليساريو) تحولت إلى " قوة داعمة " للحرب المعلنة من قبل تنظيم القاعدة والحركة من أجل الوحدة والجهاد (ميجاو) ضد مصالح المجموعة الدولية. وسجل ألكسندر، صاحب العديد من المؤلفات حول الإرهاب بشمال إفريقيا ومنطقة الساحل، أنه " في الوقت الذي اتجهت فيه أنظار المجموعة الدولية نحو النزاع السوري، أعلنت القاعدة و(ميجاو) الحرب ضد الغرب بمعية شريكتها البوليساريو". وأكد خبراء آخرون أن الأمر يتعلق بسياق يلتقي فيه الانفصاليون المدربون عسكريا مع مقاتلي تنظيم (القاعدة) حول اعتبارات برغماتية لتحقيق أهدافهم الذاتية. واعتبر بيتر فام، مدير إفريقيا سانتر التابع لأطلانتيك كاونسيل، أن " تفاقم الوضع الإنساني، وانتهاك حقوق الإنسان بمخيمات تندوف في تحد للاتفاقيات الدولية في المجال، يجعلنا اليوم نتحدث عن فقر الأجيال جنوب غرب الجزائر، مع انعدام أي فرص اقتصادية أو سياسية ". وقال فام، الذي حظي بإشادة الكونغرس الأمريكي في إطار جلسات الاستماع حول الأمن بإفريقيا عموما، وبمنطقة المغرب العربي والساحل بشكل خاص، " إننا نتوفر على جميع العناصر الأساسية لوضع متفجر بالمنطقة ". وحذر إصدار جديد نشرته مجموعة التفكير الأمريكية (كارينجي أندومنت فور إنترناشيونال بيس)، تحت عنوان " الصحاري المحفوفة بالمخاطر: عدم استقرار الصحراء "، من الانخراط الواسع النطاق لتنظيم القاعدة وحلفائه في الأنشطة الإرهابية والتهريب بجميع أشكاله بمنطقة الساحل والصحراء، بما في ذلك ليبيا ومالي وموريتانيا ومخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، التي تم وصفها بالقنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أي لحظة. وأكد صاحبا هذا الكتاب، فريديريك ويريي وأنور بوخارس، الخبيران في قضايا منطقة شمال إفريقيا، أنه " في الوقت الذي تركز فيه اهتمام المجموعة الدولية على الأحداث الخطيرة التي هزت تونس ومصر وليبيا في سياق الربيع العربي، شهدت دول المنطقة تحولات كانت لها آثار كبيرة على الأمن الإقليمي". ولاحظ الإصدار أن الهجمات الإرهابية، لاسيما تلك التي استهدفت السفير الأمريكي في ليبيا، كريس ستيفنز، والتدخل العسكري الفرنسي في مالي، ثم عملية احتجاز الرهائن بالمجمع النفطي عين إمناس جنوبالجزائر، تؤكد " ظهور جبهة جديدة لمكافحة تنظيم القاعدة، التي كان قد وصفها البعض بقوس عدم الاستقرار، تغطي مجالا جغرافيا يمتد من الصحراء إلى الصومال عبر شمال إفريقيا وإلى غاية سيناء". وهكذا، تأتي عملية احتجاز الرهائن والقتل التي استهدف مركز (ويست غايت) بنيروبي لتذكر المجموعة الدولية بالخطر الإرهابي الذي ما يزال يتهددها.