بقدر ما استبشر المواطنون أمطار الخير، التي شهدتها العديد من جهات المملكة، خلال اليومين الأخيرين، بقدر ما عبروا عن استيائهم من الأضرار التي خلفتها، بسبب ضعف البنيات التحتية من جهة، وتقصير مصالح تطهير السائل، من جهة أخرى. وبينما أعادت هذه الأمطار الأمل لنفوس الفلاحين، الذين كانوا يتخوفون من موسم جاف بعد تأخر التساقطات إلى غاية شهر دجنبر الجاري، كشفت تقارير مراسلي "الصحراء المغربية" في عدد من المدن عن غرق الكثير من الشوارع، بآسفي والصويرة والرباطوسلا، والخميسات، بسبب عدم قدرة مجاري المياه على تحمل قوة هذه الأمطار المصحوبة برياح عاصفية، الأمر الذي أدى إلى عرقلة حركة المرور والجولان، وسقوط الأشجار والأعمدة وتوقف الدراسة في بعض المؤسسات التعليمية، مثل ما حصل في طنجة. كما سجل مراسلونا نداءات استغاثة من قرى نائية بسبب موجة البرد القارس، التي تضرب هذه الأيام العديد من المناطق بجبال الأطلس، مبرزين، أيضا، بعض المبادرات الإنسانية، التي يقودها المجتمع المدني للتخفيف من مخلفات البرد والمطر، وكذا الإجراءات المتخذة من طرف السلطات المحلية لفتح الطرق وإزالة الثلوج في المناطق المتضررة. فقد أفاد حسن نطير، مراسل الجريدة بمدينة الخميسات، أن المزارعين بالمنطقة عبروا عن ارتياحهم للتساقطات المطرية، التي شهدتها المنطقة في اليومين الأخيرين باعتبارها تبشر بموسم فلاحي جيد بعدما جاءت في الوقت المناسب، إذ ساعدت الفلاحين إلى حد كبير على الشروع في مباشرة عمليات الحرث الموسمية، لأن الأرض عانت منذ السنة المنصرمة الجفاف، وتأثرت بشكل كبير بارتفاع درجة الحرارة خلال الصيف الفارط، إضافة إلى عوامل أخرى، آملين أن تستمر التساقطات المطرية بانتظام طيلة السنة. وأكد عدد من الفلاحين بجماعة آيت يدين أن الأمطار، التي تشهدها المنطقة، حاليا، تساهم إلى حد كبير في النمو الطبيعي للمزروعات البورية على وجه الخصوص، وبالتالي يتضح أن وقعها إيجابي على القطاع الزراعي، كما ستعود بالنفع على الأشجار المثمرة والكروم ونباتات إنتاج الأعلاف، التي يستغلها الفلاحون في تغذية المواشي. وأوضح عزيز البوحاطي، فلاح بجماعة الكنزرة، أن الأمطار الموسمية التي تشهدها بلادنا، حاليا، جاءت في الوقت المناسب وبنسبة كافية، ما يشجع الفلاحين على مباشرة أعمال الحرث والزراعة، مبشرة بموسم فلاحي جيد بالنظر لنفعها الشامل على جميع النباتات والمزروعات. كما تساهم في توفير الكلأ بالمراعي من خلال النمو الطبيعي للأعشاب واستغناء الفلاحين والكسابة على استهلاك الأعلاف، وما يترتب عنها من تداعيات سلبية، منها تخلي عدد من الكسابة عن مواشيهم وعرضها للبيع في الأسواق الأسبوعية، خاصة أن أثمانها سجلت ارتفاعا مخيفا في الأسابيع الاخيرة. وشهد سوق الماشية، أمس الثلاثاء، انتعاشا ملحوظا في أثمان الماشية (الأغنام والأبقار) بفضل الأمطار الحالية، إذ عادت الأثمان المواشي والأبقار إلى مستواها المعهود، بخلاف الأسابيع والأشهر الماضية اتي تدنت فيها الأثمان إلى أضعف مستوى منذ سنوات، بعدما شرع الفلاحون في التخلص من مواشيهم، وتقليص عدد رؤوسها، بسبب استنزاف أموالهم في الأعلاف. من جهة أخرى، أفاد مراسل "الصحراء المغربية" بآسفي، عبد الرحيم النبوي، أن الأمطار الأخيرة غمرت العديد من الأزقة والشوارع، متسببة في عرقلة عملية السير والجولان، خصوصا في الأحياء الشعبية، مثل اجريفات، واعزيب الدرعي، وزين العابدين، وحي الكورس. كما اجتاحت مياه الأمطار الساحة الأمامية لمحطة القطار بالحي الصناعي، والشارع المؤدي لهرايات البيض، وساحة أبو الذهب بالمدينة القديمة. ولم تقو مجاري الصرف الصحي على تحمل كميات المياه المتساقطة في وقت وجيز من الزمن، ما أدى إلى تعثر حركة السير بمعظم الشوارع الرئيسية بالمدينة. وصب المتضررون من أصحاب المحلات التجارة بالمدينة القديمة وسكان بعض الأحياء السكنية جام غضبهم على المجلس الجماعي لآسفي والجهة المكلفة بتدبير التطهير الصحي، التي لم تقم، بحسبهم، بصيانة وتنظيف قنوات الصرف الصحي. وصرح آخرون أنهم أصبحوا متخوفين من هطول أمطار أخرى خلال الأيام المقبلة، مشددين على ضرورة الإسراع في إنجاز قنوات للصرف الصحي لاستيعاب نسبة المياه التي تتهاطل على المدينة، ومطالبين في الوقت ذاته بتعويضات للخسائر التي لحقت بدكاكينهم ومنازلهم. لكن مصدر من داخل المصلحة المكلفة بتطهير السائل نفى كل هذه الادعاءات، موضحا أن تدخل عمل الوكالة كان ناجعا، مبرزا الدور المهم، الذي تقوم به الوكالة في معالجة المناطق الحساسة بالشبكة، إذ تم تشخيص كلي للمنشآت الخاصة بالمصبات الرئيسية، مع التنظيف الهيدروليكي للمجمعات الرئيسية، وعدد من أجزاء الشبكة الأرضية، إضافة إلى عملية التنظيف اليدوي لبالوعات مياه المطر وبالوعات المياه العادمة، مشيرا إلى أنه بفضل العمل الاستباقي للعاملين بالوكالة تم تفادي كل ما من شأنه أن يكون سببا في الفيضانات كما كان سابقا. وكتب مراسل الجريدة بالجديدة، بوشعيب نفساوي، في تقرير مطول حول هذه التساقطات، أن المياه عرت واقع البنية التحتية بعدما غمرت الأمطار العديد من الشوارع والأزقة وأدت إلى عرقلة السير والجولان. وتداول رواد المواقع الاجتماعية على نطاق واسع مقاطع فيديو وصور توثق لاختناق البالوعات وتجمع المياه بشوارع رئيسية، مصحوبة بتعاليق ساخرة. فرغم أن السكان استبشروا خيرا بالتساقطات المطرية والأثر الإيجابي الذي تركته في نفوس الفلاحين بالخصوص، غير أن واقع البنية التحتية بدد هذه الفرحة. وقد شهد مدخل أزمور انقطاع تام لحركة المرور، بسبب المياه الكثيرة التي غمرت الشارع المؤدي إلى المدينة، كما تحولت معظم الأزقة والشوارع إلى برك مائية، وأبانت عن ضعف كبير وهشاشة في البنية التحتية المتجلية، أساسا، في قنوات الصرف الصحي. ولامت فعاليات من مدينة الجديدة الجهات المعنية بسبب ما شهدته المدينة جراء التساقطات المطرية الأخيرة، إذ حملت المسؤولية لمصلحة تطهير السائل، وتعرف أغلب شوارع المدينة رداءة في قنوات الصرف الصحي، واختناق في البالوعات، مع انبعاث روائح كريهة في أهم شوارعها. أما عزيزة الغرفاوي، الصحافية بمكتب الرباط، فكتبت أن الأمطار الأخيرة كشفت عيوب البنية التحتية بمدينة سلا، خصوصا مدار الإسماعيلية (مدار تالوين)، إذ اختنقت العديد من مجاري الصرف الصحي. كما تسببت الأمطار في ظهور بعض الحفر وتخريب بعض الأرصفة، وتعثر حركة السير في بعض الشوارع. وقال عبد اللطيف سودو، نائب رئيس جماعة سلا، مفوض في التهيئة الحضرية والأشغال، إن "ما وقع بمدار تالوين قرب ثانوية النجد ومحطة ترامواي من ظهور حفر وعيوب، لا علاقة له بأشغال الجماعة". وأضاف في توضيح للرأي العام نشره على صفحته على "الفايسبوك" أن هذه الأشغال لشركة ريضال وتخص التجهيز بشبكة الكهرباء. وأوضح سودو أن الجماعة رخصت لشركة ريضال المكلفة بتدبير قطاع توزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير السائل لإنجاز المشروع في إطار احترام المعايير التقنية، ومنها حسن اختيار الشركة واختيار المواد الأولية وطريقة إنجاز الأشغال، مضيفا أن شركة ريضال تتحمل مسؤولية ما وقع. وأكد أن القسم الجماعي المكلف في إطار لجنة مكونة لهذا الغرض سيقوم بالتدقيق في ذلك، كما ستتم متابعة الإصلاح من طرف ريضال تحت مراقبة الجماعة. وأضاف سودو أن جماعة سلا تحرص على أن تطبق الذعائر المالية على ريضال في حالة إتلاف الطرقات، التي فاقت 600 مليون سنتيم، لكن تنفيذ ذلك، يضيف سودو، يبقى حبيس مصالح الخزينة الإقليمية، مشيرا إلى أنه لم يسمح لشركة ريضال بإنجاز أشغال مماثلة قرب خط الترامواي بالمدار نفسه مخافة وقوع كارثة ومطالبا بإنجاز الأشغال بطريقة الحفر التحت أرضي. من جهته، أوضح عبد الجلال الصادق، رئيس قسم المصالح ذات التدبير المشترك بجماعة سلا، أنه بعد التساقطات، التي شهدتها مدينة سلا في فبراير الماضي، اتُخذت جميع التدابير اللازمة بخصوص شبكات التطهير السائل بالمدينة وعُقدت عدة اجتماعات برئاسة عامل عمالة سلا، وعمدة مدينة سلا حيث تم وضع خطة عمل في هذا الشأن، وبالتالي، يضيف الصادق، بمجرد ظهور الزخات المطرية الأولى بمدينة سلا تم توزيع الآليات والمعدات على جميع المحطات المعروفة بالنقط السوداء بالمدينة، وكان التدخل في الوقت المناسب بدون مشاكل، باستثناء مدار الإسماعيلية، لكن تم التغلب على الفيضانات في ظرف قياسي. وأكد الصادق في تصريح ل"الصحراء المغربية" أنه لولا الاستعدادات الاستباقية، لكانت الأمور اتخذت منحى آخر، نظرا لحجم التساقطات التي شهدتها مدينة سلا، مؤكدا أنه بفضل التدابير، التي اتخاذها المسؤولون على مستوى عمالة سلا والجماعة والشركات المفوض لها تدبير القطاع، كانت التدخلات فورية وفي وقت وجيز، وتم التغلب على جميع التساقطات التي شهدتها المدينة. ومن شيشاوة، نقل عبد الكريم ياسين، الصحافي بمكتب مراكش، تفاصيل مخلفات الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة، وكتب أن الإقليم شهد، منذ عصر أول أمس الاثنين، تساقطات قوية، أدت إلى إغلاق ثلاثة محاور طرقية إقليمية وجهوية أمام حركة المرور. ويتعلق الأمر بكل من الطريق الجهوية عدد 214 عبر مقطعين الأول على مستوى وادي أمزناس بجماعة سيدي عبد المومن، والثاني بواد بوابوض بمركز جماعة بوابوض، والطريق الإقليمية عدد 2001 على مستوى وادي فرح بجماعة أولاد المومنة. وحسب مصادر مطلعة، فإن السلطات المحلية بتنسيق مع عناصر الدرك الملكي، استشعرت خطورة السيول الجارفة التي شهدتها المنطقة، وقامت بمنع سائق سيارة للنقل المدرسي كانت تقل أزيد من 60 تلميذا يتابعون دراستهم بإعدادية اولاد المومنة، من عبور وادي فرح بعد ارتفاع منسوب مياه الوادي. من جهة أخرى، تسبب فيضان عدد من الأودية في إقليمالحوز نتيجة التساقطات المطرية المهمة التي شهدتها المنطقة، في اضطراب على مستوى العديد من المحاور الطرقية الجهوية والإقليمية، ويتعلق الأمر بمجموعة من المسالك والطرق الغير المصنفة بجماعة ثلاث نيعقوب، وإيجوكاك وسيتي فاظمة وأوريكة. وشرعت السلطات الإقليمية للحوز، في تشكيل لجان لليقظة على مستوى الجماعات الترابية، وإحداث مركز قيادة إقليمي يضم جميع المتدخلين بالإضافة إلى مراكز قيادة محلية عهد إليها بتدبير المرحلة في إطار من التنسيق التام مع مركز القيادة الإقليمي، إلى جانب تعبئة جميع الوسائل المادية والبشرية من أجل مساعدة سكان المناطق الجبلية والتخفيف من آثار التساقطات المطرية والثلجية. في تقرير لمراسل الجريدة بالصويرة، محمد طيفور، أن عشر ساعات من التساقطات المطرية الغزيرة، التي شهدتها المدينة، أول أمس الاثنين، كانت كافية لتحول موغادور إلى منطقة شبه معزولة وقطع أهم الشوارع العمومية أمام حركة المرور، حيث وجد السائقون والراجلون صعوبة كبيرة في التنقل. ونقل عن مصادر متطابقة أن قنوات الصرف الصحي لم تتمكن من تحمل قوة تدفق المياه، ما عرضها للاختناق وطفوح سيول المياه على مختلف أحياء المدينة داخل وخارج الأسوار، ما تسبب في تسربها بشكل غزير إلى عدة مؤسسات تعليمية ومحلات تجارية، وعدد من البيوت داخل المدينة العتيقة، كتلك التي توجد بأحياء الشبانات، والبواخر، ودرب أكادير، والملاح، وكذا بالتجزئات السكنية الحديثة، كالتجزئة الخامسة، والرونق، وأزلف، والتجزئة الرابعة، والحي الصناعي.