كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقرير نشره أمس الثلاثاء حول نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، أن هذا النظام يعاني منذ سنوات وضعية مالية هشة، وأن هذه الوضعية أدت إلى تسجيل أول عجز تقني سنة 2014، بلغ 936 مليون درهم، سرعان ما ارتفع إلى 2.65 مليار سنة 2015، وبلغ 4.76 ملايير درهم سنة 2016. وأبرز المجلس الأعلى في التقرير الذي أنجزه بطلب من رئيس مجلس المستشارين في إطار الفصل 148 من الدستور، أن نظام المعاشات المدنية اتسم بسخاء كبير قبل إصلاح 2016، إذ منح لمنخرطيه عن كل سنة اشتراك قسطا بمعدل 2.5 في المائة من آخر أجر، مضيفا أن إصلاح 2016 عمل على خفض هذا القسط إلى 2 في المائة. وأكد التقرير الذي شخص نظام المعاشات المدنية وتقييم الإصلاحات المتعلقة به، وتناول توظيف وتدبير الاحتياطيات، وكذا حكامة الصندوق ونفقات التسيير، أن وضعية تصفية المعاشات التي كانت معتمدة قبل إصلاح 2016، كانت السبب في عدم التناسب بين المساهمات المحصلة من قبل النظام والمعاشات المستحقة، موضحا أنه، بالإضافة إلى عوامل أخرى، تؤدي هذه الوضعية إلى تفاقم العجز المالي للنظام، خصوصا مع المنحى التصاعدي التي تشهده الترقية في الدرجة في الإدارة العمومية مع اقتراب موعد الإحالة على التقاعد. وأعلن المجلس أن هذه المنحى التصاعدي مرشح للتصاعد مستقبلا في ظل التغيرات التي يعرفها موظفو الدولة، خصوصا ارتفاع عدد الأطر الذين ينهون مسارهم الإداري في أعلى درجات، إذ انتقلت نسبة الأطر من فئة المتقاعدين من 12 في المائة سنة 1990، إلى 38 في المائة سنة 2005، ثم إلى 42 في المائة سنة 2010، وأخيرا إلى 50 في المائة سنة 2015. وكشف التقرير أن هناك عوامل أخرى تؤثر سلبا على توازن نظام المعاشات المدنية، من بينها تحمل التعويضات العائلية من قبل النظام، ومنح فوري للمعاشات في حالة التقاعد النسبي، خلافا لما هو معمول به في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. وسجل المجلس الأعلى أن عجز هذا النظام سيزداد في السنوات المقبلة بشكل مستمر وفي منحى تصاعدي حتى استنفاد مجموع احتياطاته في أفق 2022 إذا لم يحصل الشروع في إصلاح نظام التقاعد، مؤكدا أنه في أفق 50 سنة المقبلة، ستصل الديون الضمنية لنظام المعاشات المدنية إلى مستويات تنذر بالخطر، وستتجاوز 730 مليار درهم، أي أزيد من 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام، كما ستتفاقم بصفة تدريجية من سنة إلى أخرى بالموازاة مع إعادة تقييم الحقوق التي تثقل التزامات الصندوق. وأفاد المجلس أن التقديرات تؤكد أن ديون نظام المعاشات المدنية، التي تجاوزت ديون الدولة، تزداد بمعدل يفوق 20 مليار درهم سنويا، مشددا على أنه، في غياب الإصلاح، ستكون سنة 2022 بمثابة تاريخ الاستنفاد الكلي لاحتياطيات نظام المعاشات المدنية، الذي سيكون غير قادر على الوفاء بالتزاماته تجاه المتقاعدين، ما سيتسبب في انخفاض حاد في مبلغ المعاشات، قد يصل إلى أكثر من 60 في المائة.