قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الاثنين، إن الحكومة وضعت سياسة شاملة ومندمجة لفائدة الشباب تقوم على تحسين شروط إدماج هذه الفئة وانخراطها في الحياة العامة، وذلك انسجاما مع التعليمات الملكية السامية في هذا الشأن، وتفعيلا لمضامين البرنامج الحكومي الذي بوأ الشباب موقعا مركزيا في سياسة الحكومة. وأوضح العثماني، في جواب على السؤال المحوري الأول حول "السياسة العامة المتعلقة بالشباب"، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، أن السياسة المندمجة لفائدة الشباب، التي دعا إلى اعتمادها الملك محمد السادس، تقوم على منهجية تشاركية تهدف إلى إشراك مختلف المتدخلين في مجال السياسات العمومية الموجهة للشباب، وإشراك أوسع للمجتمع المدني في تنفيذ برامج الوزارة المكلفة بالشباب. وأضاف أن وزارة الشباب والرياضة أعدت أرضية أولية لهذه السياسة تقوم على تصور شامل ومندمج للعرض العمومي الموجه للشباب، ينطلق من تشخيص لواقع هذه الفئة على مختلف الأصعدة، ويأخذ بعين الاعتبار انتظارات وتطلعات الشباب المغربي باختلاف فئاته ومراحله العمرية، بهدف مرافقة الشباب وتحقيق إدماجه الاجتماعي. وأوضح رئيس الحكومة أن هذا التصور يأتي على نحو يتم معه تحقيق التقائية السياسات القطاعية الموجهة للشباب، ويضمن نجاعة وتناسق تدخلات مختلف الفاعلين، وتثمين المجهودات المبذولة وتعزيز فعاليتها وأثرها على أوضاع الشباب من خلال الطابع الأفقي للسياسة الجديدة المندمجة للشباب التي تتوزع بين الترفيه والتكوين والتمكين الاقتصادي والتنشئة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية والصحية والمشاركة المواطنة وصولا إلى مواكبة الحياة المهنية. كما أشار إلى أن الأرضية المقترحة تقوم على خمسة محاور رئيسية تتمثل في الإنصات والتواصل مع الشباب، وتجديد وتنويع العرض العمومي المقدم للشباب مع تقوية إشراكهم، وإبداع مبادرات ووسائل التدخل لفائدتهم، وضمان الاتقائية التدخلات العمومية والقطاعية والمجالية الموجهة لهم، وإشراك أوسع للشباب وفعاليات المجتمع المدني. وتطمح السياسة المندمجة، يضيف العثماني، إلى تحقيق الإدماج الاجتماعي عبر مراحل متسلسلة تنتهي بالتمكين للشباب وتحمله للمسؤولية، مع ضرورة مواكبة تفعيل هذه السياسة، عبر تطوير منظومة التربية والتكوين التي لا تؤدي بالشكل المطلوب دورها في التأهيل والإدماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب، وكذا توفير الظروف الملائمة للولوج إلى السكن والصحة، ومختلف خدمات القرب الموجهة للشباب. وأبرز أن الحكومة ستثري المشروع عبر مقاربة تشاركية موسعة في أفق تنزيله وفق منظور يلزم كافة المتدخلين، يترجم هذه التوجهات الاستراتيجية ويحول هذه الأرضية إلى سياسة وطنية لإدماج الشباب تحدد برنامج العمل الوطني، وكذا الإطار المرجعي للتمويل، وتضع برمجة متعددة السنوات لتمويل السياسة العمومية وتنفيذ البرامج. ولتحقيق تعبئة وطنية شاملة وانخراط جهوي في تنزيل هذه السياسة، قال رئيس الحكومة إنه سيتم التنسيق مع الجهات تحت مسؤولية رؤساء الجهات والولاة لأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الخاصة بكل جهة، والعمل على صياغة "ميثاق الشباب: الدولة-الجهة 2018-2022"، واعتماد عقد برنامج موقع من طرف جميع الفاعلين المعنيين. من جهة أخرى، أكد العثماني أن الحكومة اتخذت جملة من التدابير الهادفة إلى إدماج هذه الفئة في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وغيرها، من خلال ضمان الإدماجين السياسي والاجتماعي، وكذا دعم مساهمة الشباب في الشأن العام. ففي مجال الإدماج الاقتصادي للشباب وتأهيله لولوج سوق الشغل، أشار رئيس الحكومة إلى إحداث 19 ألفا و265 منصبا ماليا برسم الميزانية العامة للسنة المالية 2018، إضافة ل 20 ألف منصب شغل بالتعاقد على مستوى قطاع التعليم، فضلا عن تحسين منظومة "تحفيز" تشغيل الشباب لفائدة الشركات والمقاولات الجديدة التي تشغل 10 أجراء عوض 5 أجراء حاليا، بحيث تتحمل الدولة لمدة سنتين التحملات الاجتماعية لهؤلاء الأجراء، فضلا عن الإعفاء من الضريبة على الدخل. كما تم، يضيف العثماني، تنفيذ برنامج "دعم القدرات المقاولاتية للشباب في وضعية هشة بالقطاع غير المهيكل"، بهدف تكوين 5000 شاب وشابة في مجال المقاولات، من خلال تقديم الدعم والمواكبة لهم بغية خلق مقاولات صغرى خاصة بهم، إضافة إلى مساعدة الشباب على التشغيل الذاتي بتمكينهم من اكتساب معلومات نظرية وتطبيقية في مجال المقاولاتية، وكذا تمويل المشاريع الصغرى الأكثر جودة. وشملت التدابير، أيضا، الشروع في اعتماد برامج وتعاقدات جهوية في اتجاه تفعيل دور الجهة في التشغيل، من خلال مقاربة التقائية وتشاركية، وإلغاء شرط التسجيل لمدة ستة أشهر في الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات للاستفادة من إعفاءات التحملات الاجتماعية والضريبية في عقود التدريب، والإطلاق الرسمي للبرنامج الثاني لتحدي الألفية المتعلق بالتربية والتكوين المهني والتشغيل وإنتاجية العقار، حسب رئيس الحكومة. وأشار العثماني، أيضا، إلى إطلاق صندوق لدعم المقاولات الناشئة والمشاريع المبتكرة لفائدة الشباب على شكل تمويلات وتسبيقات ومساعدات تقنية لدعم المشاريع ومواكبة الاستثمارات المنجزة، ويصل الدعم إلى 150 ألف درهم للمشروع، فضلا عن ملاءمة التكوينات للحاجيات الاقتصادية والاجتماعية على الصعيدين الجهوي والوطني، قصد إرساء آليات للرفع من المردودية الخارجية للتعليم العالي ومن القابلية للتشغيل، ولتقوية البعد المهني بمسالك التكوين بالجامعة المغربية وإحداث آلية لتتبع الخريجين بكل جامعة. أما دعم مساهمة الشباب في الشأن العام، فيقوم، حسب العثماني، على نشر وتشجيع العمل التطوعي بين الفئات الشبابية عبر تخصيص مساعدات مالية لدعم الأنشطة التطوعية بالمؤسسات التابعة للوزارة، وتمكين شباب العالم القروي من الاستفادة من مختلف الأنشطة والبرامج، وتكوين فئة الشباب وتأطيرهم من أجل الترافع الرقمي حول قضية الصحراء المغربية. وتطرق رئيس الحكومة للإجراءات الضامنة للإدماج الاجتماعي بهدف تلبية حاجيات الشباب المختلفة في مجالات الصحة والتعليم والتكوين والثقافة، عبر الرفع من نسبة التسجيل ب 2 في المئة في جميع المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المحدود (خاصة مجالات الطب والهندسة والتجارة والتسيير) برسم السنة الجامعية 2017/2018، واعتماد هندسة لغوية توفر مسارات لمتابعة الدراسة بلغات مختلفة وتضمن حدا أدنى من الكفايات التواصلية للطلبة. وشملت هذه الإجراءات، أيضا، مواصلة مجهودات الدولة للرفع من عدد المستفيدين من المنح؛ وتحسين تدبير وصرفها، وإدخال تعديلات في بعض المواد المتعلقة بمرسوم المنح تحقيقا للاستهداف بإدخال معايير اجتماعية جديدة؛ إذ وصل عدد الطلبة المغاربة الممنوحين سنة 2016-2017 إلى 329.028 طالب وطالبة، كما بلغت الميزانية المخصصة لذلك مليارا و720 مليون درهم. وذكر العثماني، أيضا، أنه تم تمكين متدربي التكوين المهني حاملي شهادة الباكالوريا من المنحة، وذلك لأول مرة، بنفس شروط منحة الطلبة الجامعيين، وكذا الرفع من الطاقة الاستيعابية للأحياء والإقامات الجامعية، ودعم وتنويع الأنشطة الثقافية والرياضية والإبداعية والاجتماعية للطلبة، وتحسين ظروف تنقلهم، وإعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية للصحة المدرسية والجامعية وتعزيز صحة الشباب. وأشار رئيس الحكومة أيضا إلى إطلاق برنامج محاربة المخدرات في محيط المؤسسات التعليمية، وتفعيل تدبير التأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة، الذي يتوقع أن يستفيد منه 280 ألف طالب بمؤسسات التعليم العالي العام والخاص بميزانية إجمالية تقدر ب 110 مليون درهم. وفي المجال الجمعوي والثقافي، قال العثماني إنه تم دعم وتقوية العمل الجمعوي الشبابي في تحقيق تنشيط سوسيو ثقافي ورياضي للشباب، عبر تخصيص مساعدات مادية لتيسير وإنجاز برامج وأنشطة الجمعيات المحلية والوطنية، والاهتمام بمؤسسات الشباب والطفولة والمرأة التابعة لوزارة الشباب والرياضة. كما جرى الاشتغال، حسب رئيس الحكومة، على تطوير العرض التكويني الموجه للشباب في مجال الإعلام والاتصال، وإعداد برامج وأنشطة ثقافية وفنية تهم مجالات المسرح، والموسيقى، والفنون التشكيلية، مع تنظيم مسابقات على الصعيدين الإقليمي والجهوي، وتشجيع السياحة الثقافية للشباب سواء داخل المغرب أو خارجه.