كشفت المندوبية السامية للتخطيط، أن 6 في المائة من المهاجرين من منطقة تادلة أزيلال الذين يعيشون حاليا في الخارج قاموا باستثمارات، منها 71 في المائة في المغرب والباقي في البلد المضيف. وبالنسبة للمستثمرين في المغرب، المكونين غالبا من المهاجرين الأكبر سنا، حسب المندوبية، يعتبر العقار الاختيار الأول بامتياز مع الابتعاد عن القطاعات المنتجة كالفلاحة أو الصناعة. ويرجع ذلك إلى النقص في رؤوس الأموال لثلثي المهاجرين الحاليين، الذي يرجع بدوره إلى ضعف المداخيل.
وأفادت المندوبية، في بحث أجرته بمنطقة تادلة ازيلال سنة 2016 حول المغاربة المقيمين بالخارج، بمناسبة اليوم الوطني للمغاربة المقيمين في الخارج (10 غشت)، أن ثلاثة أرباع الذين غادروا المنطقة منذ سنة 2000 ويقيمون بالخارج، كانوا فلاحين، أو مستغلين أو عمالا فلاحيين، يليهم الحرفيون والعمال المؤهلون والمياومون، فيما تبقى المهن العليا وحتى الأطر المتوسطة نادرة بين المهاجرين. وسجل البحث أن 26 في المائة من المهاجرين صرحوا بأن البطالة هي السبب الرئيسي وراء رحيلهم، إضافة إلى انخفاض الدخل أو الرغبة في تحسين مستوى العيش (31 في المائة). أما بالنسبة للشباب، فان الدراسة تشكل سببا كافيا لهجرة البلد (61 في المائة). وتمثل الأسباب العائلية والتجمع العائلي خامس هذه الأسباب، وتهم بشكل خاص النساء في أكثر من نصف الحالات. وحسب البحث، فإن السلوك الديمغرافي للمغاربة المقيمين بالخارج والمتحدرين من تادلة أزيلال شبيه بما هو عليه الحال بجهتهم الأصلية، حيث العزوبة قليلة الانتشار، ماعدا بالنسبة للشباب. ويبقى الزواج مبكرا لدى الرجال وبالأحرى عند النساء، لكن سن الزواج يتجه نحو الانخفاض مع توالي الأجيال. وسجل البحث أن أغلب المهاجرين الذين يتحدرون من تادلة-أزيلال رجال في مقتبل العمر بنسبة 77 في المائة، وتشكل فئة 30-39 سنة حوالي 43 في المائة منهم، فيما يشكل الشباب (15-29 سنة) 27 في المائة، بينما يمثل الذين تتجاوز أعمارهم 50 سنة أقل من 9 في المائة. وأفادت المندوبية أن جميع المهاجرين الذين شملهم البحث والذين تفوق أعمارهم 15 سنة ازدادوا بالمغرب ويتمتعون بالجنسية المغربية عند الولادة، ويتحدرون من الوسط القروي بنسبة الثلثين. ولاحظ البحث أنه، رغم تنوع وجهات المغاربة، من اليابان إلى كندا ومن السنغال الى روسيا، إلا أن هناك بلدين يفرضان نفسيهما كمركزي استقطاب للمهاجرين من تادلة أزيلال، ويتعلق الأمر بإسبانيا (48 في المائة)، وإيطاليا (32 في المائة)، وتأتي فرنسا في المرتبة الثالثة بنسبة 11 في المائة. وأفاد البحث أن المهاجرين من الأجيال السابقة، الذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة حاليا توجهوا في معظمهم نحو فرنسا والقليل منهم نحو إسبانيا وإيطاليا، على عكس الشباب (أقل من 40 سنة)، الذين توجهوا نحو هذين البلدين. وأشار البحث إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع المهاجرين الحاليين أصبحوا مأجورين، لكن نصفهم فقط يتمتع بنوع من الحماية القانونية والاستمرارية في العمل.وسجل البحث أن المهاجرين الحاليين حاولوا الاندماج من خلال اكتسابهم للغة البلدان المضيفة، فبالإضافة إلى اللغتين الوطنيتين، العربية الدارجة والأمازيغية، أصبحوا متعددي اللغات، الإسبانية بنسبة 41 في المائة، الإيطالية (31 في المائة) والفرنسية (12في المائة). أما بالنسبة للأكبر سنا، فهم أقل استعمالا للغة الأجنبية بنسبة 14 في المائة، والمهاجرون الشباب هم الأكثر تعليما والحاملين لمشاريع استقرار حازمة واكتسبوا اللغات الأجنبية بسهولة أكبر.وعلى مستوى التحويلات، أفاد البحث أنها ليست في اتجاه واحد من بلد الاستقبال إلى بلد المغادرة، بل جرى رصد مبالغ بسيطة نسبيا تستخدم لتمويل هجرة فرد من الأسرة. وفي الغالبية العظمى من الحالات، تقل هذه التحويلات عن 10 آلاف درهم، وبالنسبة لخُمس المهاجرين، تجاوزت قيمتها هذا المبلغ.وحسب البحث فإن نسبة المهاجرين الحاليين الذين يحولون أموالا تبقى منخفضة وسط الشباب بين 15-29 سنة (29 في المائة) مقارنة بالأشخاص المسنين البالغين 60 سنة وأكثر (31 في المائة). أما بالنسبة للفئة العمرية في كامل النشاط بين 30-39 سنة، فإن 43 في المائة فقط قاموا بتحويل الأموال، و36 في المائة بالنسبة للفئة بين 40-49 سنة، ثم 42 في المائة بالنسبة للفئة بين 50-59 سنة. والمبالغ المرسلة إلى الأسر في وطنهم متواضعة نسبيا، حيث إن 20 في المائة فقط استلموا أكثر من 4000 درهم سنويا. وتسمح التحويلات، حسب البحث، بتلبية احتياجات متعددة في آن واحد، وتستعمل أساسا لقضاء الاحتياجات اليومية، ومنها المواد الغذائية، الملابس، ومشتريات الأدوات المنزلية، والكراء.