تشكل الزيارة التي سيقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الخميس المقبل، لدولة مالي، قصد المشاركة في حفل تنصيب الرئيس المالي الجديد، إبراهيم بوباكار كيتا، لحظة قوية ومتميزة لإعادة تأكيد التزام المملكة المكين، من أجل استقرار ورفاهية هذا البلد الشقيق. وبالنظر لمكانته كفاعل ديناميكي على الساحة الدولية، وانطلاقا من الاهتمام البالغ الذي يوليه جلالة الملك لتسوية الأزمات في إفريقيا، انخرط المغرب بقوة، منذ اندلاع الأزمة في مالي إلى جانب هذا البلد، سيما من خلال تقديم دعم إنساني عاجل. إن المغرب الذي يؤسس عمله على قيم التضامن المستمدة من عمله الدبلوماسي، جعل الوضع بهذا البلد في صلب عمله بدعمه اللامشروط في مختلف المنتديات الدولية، خاصة مجلس الأمن والدفاع بكل شراسة على سيادته ووحدته الترابية. وتجلى هذا النشاط الدبلوماسي المغربي لفائدة القضية المالية، على وجه الخصوص، في دجنبر 2012، حينما صادقت الهيئة العليا للمنتظم الدولي (مجلس الأمن)، وكان المغرب يرأسها وقتئذ، على القرار 2085، الذي فتح الطريق أمام تدخل حاسم وتضامني لتسوية الأزمة المالية على أساس مقاربة شاملة ومندمجة تشمل كل الأبعاد الدبلوماسية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، من أجل تسوية الأزمة المالية، علما أن الهدف النهائي المنشود هو استتباب الأمن والاستقرار في مالي في أقرب الآجال، وتأمين وحدة البلاد واسترجاعها سيادتها ووحدتها الترابية. لقد كانت هذه المقاربة المغربية محل إشادة وتنويه في مختلف أرجاء المعمور، بما في ذلك أوساط الباحثين والمحللين المهتمين بمنطقة شمال إفريقيا والساحل، الذين يرون في المغرب قوة اعتدال واستقرار في المنطقة التي تحدق بها تهديدات المجموعات المتطرفة. في هذا السياق، قال شارل سان برو، المتخصص في الشؤون العربية والإسلامية، "إن الانخراط الشخصي للملك محمد السادس جعل من المغرب الدولة المغاربية الوحيدة التي لها سياسة إفريقية واسعة النطاق وتحظى بالمصداقية لدى البلدان الإفريقية". وحسب هذا الخبير، فإن المغرب الذي يتمتع برصيد هائل من الثقة على الساحة الإقليمية كما على الساحة الدولية، منخرط بقوة في معركة مكافحة الإرهاب ويتوفر على الكفاءات الضرورية وله منظور واضح ولا لبس فيه حول الطريقة التي تجعل المنطقة في منأى عن كل التهديدات. وإذا كان المد التضامني المغربي مع مالي ظل على الدوام من الثوابت، فإن زيارة جلالة الملك محمد السادس لهذا البلد الشقيق تأتي في الوقت المناسب لإعطاء دفعة قوية لعلاقات التعاون بين البلدين في شتى المجالات، سيما أن دولة مالي تستعد لدخول عهد جديد قوامه السلم والاستقرار بعد انتخاب الرئيس إبراهيم بوباكار كيتا. فهذه الإرادة الراسخة للمغرب أشار إليها جلالة الملك محمد السادس في برقية التهنئة التي وجهها جلالته للرئيس كيتا، مجددا فيها جلالته بالخصوص عزم المملكة الثابت والموصول على توطيد علاقات الصداقة العريقة التي تربطها بمالي، والمبنية على التضامن والاحترام المتبادل والتعاون المثمر خدمة للتطلعات والأهداف المشتركة للشعبين الشقيقين. وفضلا عن هذا الدعم السياسي المكين، فإن المغرب الذي يعد إحدى القوى الاقتصادية الكبرى في القارة، برأي مجموعات مرموقة على الصعيد العالمي على غرار "إف دإي ماغزين"، و"الفاينانشل تايمز"، له الكثير ما يقدمه لكي يدعم اقتصاديا انبثاق مالي أكثر قوة، دعم يتماشى مع حاجيات هذا البلد الشقيق. فالحضور القوي للشركات المغربية في البلدان الواقعة جنوب الصحراء، وموقع المغرب باعتباره بوابة إفريقيا، والإنجازات التي حققها في مختلف المجالات تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، كلها وغيرها من المؤهلات التي تجعل المغرب في مركز الصدارة لتقديم يد المساعدة لبلدان منطقة الساحل، من أجل كسب رهان التنمية الاجتماعية والاقتصادية، الذي يعد حجر الزاوية لضمان حياة كريمة للسكان المحليين وحماية المنطقة من كل الانزلاقات.(و م ع)