بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. 'مهبولة' اشتوكة بركة المغرب الحلقة 53 قال الحسين طلال إن لجنة مكونة من متخصصات أمريكيات زارت رواق" ألف باء" للفن الحديث بالدارالبيضاء لرؤية أعمال الشعيبية وتقديمها في إطار معرض للفن التقليدي، لكن المنتسبات إلى اللجنة تفاجأن منذ الوهلة الأولى وخاطبن طلال: لا يمكن عرض هذه الأعمال الإبداعية، فهي حديثة وليست تقليدية. كل هذا الاهتمام بالمقترب الفني للشعيبية، وهذا الزخم من الدراسات النقدية والأبحاث التاريخية الموضوعة التي لا مجال فيها للمجاملة والمحاباة، توجت، يقول طلال، بمنح الشعيبية مدى الحياة درجة الدكتوراه الثقافية في الفنون الجميلة من طرف الجامعة الدولية للإعلام بأمريكا بتاريخ 10 أكتوبر 1988 تحمل توقيع رئيسها الدكتور فيليب فابريل. ومنحت هذه الشهادة لأول مرة لفنانة عربية إسلامية، نظرا لخصوصية أعمالها الفنية التي تشكل لدى النقاد والمهتمين بالشأن الإبداعي قيمة مضافة في حقل الفن الحديث عن جدارة واستحقاق. يحكي الحسين طلال أن والدته فرحت كثيرا لهذه المبادرة الغربية، واعتبرتها وساما شرفيا لمسيرتها الفنية، متأسفة في الآن ذاته، لكون هذا الاعتراف العلمي يأتي دائما من الضفاف الأخرى، إذ لم تفكر أي جامعة مغربية في مثل هذه المبادرة التكريمية والاعتبارية. منذ ذلك الحين والشعيبية، يقول الحسين طلال، تتلقى دعوات الأوساط الأكاديمية والفنية الأمريكية تحمل صفة" الدكتوراه"، تقديرا للتضحيات الجسيمة، التي بذلتها في مسار حياتها من أجل ترسيخ حضورها الإبداعي المتميز، إلى جانب كبار الفنانين العالميين. انضاف هذا التتويج الأكاديمي بنكهة أمريكية إلى تتويجها الأوروبي كعضو بالبرلمان الدولي للأمن والسلام عام 1990 مع منحها جوازا دبلوماسيا لتكتمل بذلك حلقات إنصافها على مستوى القارات الخمس، حيث يتردد اسمها داخل كل الأوساط الفنية القارية دون استثناء، يحكي طلال أن والدته تلقت دعوة من طرف هيئة ثقافية بنيوزيلاندا الجديدة، وعندما سألته عن موقعها الجغرافي، أجابها بأنها توجد في أقصى تخوم العالم، ما اضطرها إلى أن تعتذر للجهة المنظمة، فأحوالها لا تتحمل مشقة وعتاء السفر، قالت له:" هذي بلاد آخر الدنيا". إن شهادة الدكتوراه الثقافية الممنوحة للشعيبية تؤكد من جديد، يقول الحسين طلال، أن أصالتها المحلية هي مدخل شهرتها العالمية، فقد تمسكت بأسلوبها الفني الحديث وبلباسها التقليدي وبمجوهراتها العريقة، وتحدت جرح الأمية، وقابلت المرأة المثقفة بقولها "أش كتكولي القارية"، مؤكدة شهادة الباحثة فاطمة المرنيسي "إنك تدبرين أمرك أفضل من العديد من أساتذة الجامعة..."، لكن رغم كل هذا التتويج الأكاديمي كانت الشعيبية دائما تتحدث عن التعليم، إذ أسرت لفاطمة المرنيسي "ألح على التعليم لأن الأمية جرح. ينبغي إعداد مغرب لن تكون فيه أية امرأة جريحة، فحتى عندما تلاقي النجاح فإن هذا الجرح لا يندمل أبدا". هذا هو حال الشعيبية، مهبولة اشتوكة نعمة وبركة المغرب.