بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. الشعيبية.. 'مهبولة' اشتوكة بركة المغرب الحلقة 43 قال الحسين طلال إن علاقة الراحلة الشعيبية بفلك الفنون الجميلة وكل ما يمتد إليه، ويدور حوله من نقاد جماليين ومهتمين بالحركة الفنية العالمية والعربية وكذا الوطنية، علاقة تحمل الكثير من الاحترام المتبادل. وسجل في حديثه علاقة الشعيبية بالكاتبة والمفكرة فاطمة المرنيسي، التي امتدت إلى سنوات، إذ خصتها الناقدة والدكتورة المرنيسي بمقال تاريخي يرصد علاقة الشعيبية بالأمية التي ظلت جرحا ينزف، حتى اقتصت منها، وذلك بمحاربتها عن طريق الدراسة والتحصيل، يقول الحسين طلال. تقول المرنيسي في مقالتها، التي عنونتها بالشعيبية والصدق الفني:"عزيزتي الشعيبية، فبعض المجتمعات، كما تعلمين، تنظم إذلال الفرد مثلما تنظم الاحتياط الاجتماعي أو العطل المؤدى عنها.. وفي مجتمعنا جرت العادة على اعتبار اللواتي والذين لم يحالفهم الحظ في تعلم القراءة والكتابة غير مؤهلين لدخول عالم الإبداع، فوحدهم جامعو الألقاب مرخص لهم بذلك، أما الآخرون والأخريات، مثلك عزيزتي الشعيبية مثل أمي أو ابنة خالتي، فلأن حظكن العاثر شاء أن تولدن قبلي ببضع سنوات، في أمن مبكر أو بعيد جدا عن الحواضر الكبرى( حيث لم يبدأ التمدرس المكثف في المغرب إلا بعد الاستقلال في أواخر الخمسينات)، وجدتن أنفسكن ممنوعات من الإقامة في فضاءات الإبداع. غير أنك عزيزتي الشعيبية، اخترت هذه المرحلة بالذات لتدخلي المشهد مخلخلة السيناريوهات وأصحابها، مزعجة الممثلين والملقنين ومعيدة إظهار سراب الجمال، طبقا لقانونك الخاص قانون الموهبة اللامعة. لقد تسربت إلى عالم محروس بصرامة، عالم الفن التشكيلي الحديث الوافد من جهة أخرى بقماشة عمودية وفرشاة ولون اصطناعي.. من مدينة بعيدة اسمها باريس، تسربت بصمت كما لا تقدر على ذلك سوى النساء العربيات إلى مواقع السلطات: سلطة الإبداع، سلطة التعبير، سلطة بيع العمل بثمنه الاعتباري، وسلطة ترصيع اللوحة بقيمتها الحقيقية، وهي قيمة صارت أصالتها تقدر اليوم بأقوى العملات الصعبة، عبر المتاحف وقاعات العرض.. وأنت تقومين بكل هذا مرتدية لباسك التقليدي ومجوهراتك، نكاية بالموضات الزائلة، ومزخرفة يديك بالحناء.. ومكر شعرك باد تحت وشاحك الذي لا علاقة له بالشارات المعروفة، وهي مجرد تدلل وضحك وسخرية من الدارالبيضاء. لهذا كله أنا معجبة بك، وكذا لمكرك...حين تحييني بذلك الهزل المحير، الذي يبعث على الخوف"آش كتكولي القارية"، فبإلحاحك- بلطف- على ما حرمت منه، أي متابعة الدراسة والحصول على شهادات، تعريننا جميعا، معيدة إيانا إلى الإنساني بعظمته مسؤوليته، وعندما سألتك ذات يوم:" لما تحدثينني دوما عن التعليم؟ إنك تتدبرين أمرك أفضل من العديد من أساتذة الجامعة.." جاء جوابك مضيئا أكثر مما يستطيعه بحث طويل: ألح على التعليم لأن الأمية جرح. ينبغي إعداد مغرب لن تكون فيه أي امرأة جريحة، فحتى عندما تلاقي النجاح، فإن هذا الجرح لا يندمل أبدا. إنني أحبك عزيزتي الشعيبية". في حبها للفكر والفن والثقافة، يحكي الحسين طلال أن الشعيبية كانت دائما تردد على مسامع الناس:" أنا ما قرياش، لكن الكتاب والنقاد كيجيو إيشوفو الأعمال ديالي، كيكتبو عليها أو كيقراو عليها في المدارس. ولا مت لواحي إبقاو ديما إترحمو علي".