أكد المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية أن المغرب يعد البلد المغاربي الذي اعتمد، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، الاستراتيجية الأكثر شمولية للتعاون مع إفريقيا جنوب الصحراء، التي تجمعها بالمملكة روابط تاريخية وثقافية ودينية. وأبرز المركز، في مقال تحليلي حول الاستراتيجية المغربية نحو القارة السوداء، أن "جلالة الملك شجع المقاولات المغربية والوكالات الحكومية على توسيع مجالات أنشطتها نحو إفريقيا جنوب الصحراء خلال العقد الأخير"، مذكرا بأن جلالته زار منذ سنة 2005 أزيد من عشرة بلدان بهذه المنطقة، في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الروابط الاستراتيجية للمملكة مع بلدان القارة. وأكد كاتب المقال، حاييم مالكة، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط بهذا المركز الأمريكي، أن "المملكة تعد البلد المغاربي الذي اعتمد الاستراتيجية الأكثر شمولية نحو إفريقيا جنوب الصحراء، التي تحظى بأهمية كبرى بمجموع المنطقة المغاربية". وأبرز أن هذا التوجه نحو إفريقيا جنوب الصحراء أصبح اليوم ضرورة بالنظر إلى عدم الاستقرار الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والوضع الاقتصادي بأوروبا، الذي يفرض تنويع الاقتصاد، علاوة على أن هذا الجزء من القارة أصبح يمثل سوقا مهمة للمقاولات والصادرات المغربية، والمغاربية بشكل عام. ولاحظ هذا الخبير أن الاستثمارات المباشرة للمغرب بإفريقيا جنوب الصحراء تضاعفت ما بين سنتي 2008 و2010، فيما تضاعفت الصادرات نحو هذا الجزء من القارة ثلاث مرات، مضيفا أن ثلاثة بنوك مغربية تصنف اليوم من بين البنوك العشرة الأولى في إفريقيا، بأزيد من 90 مليار دولار من الأصول، كما أن المقاولات المغربية توجد في موقع جيد، سيما في قطاعي الفلاحة وصناعة الأدوية. من جهة أخرى، أبرز صاحب المقال التزام المملكة بضمان الأمن والسلام بالقارة، حيث إن الحكومة المغربية ما فتئت تدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف مع البلدان المجاورة، خاصة في ضوء تنامي التهديدات الأمنية الإقليمية التي تفرضها بعض الجماعات الإرهابية والمتطرفة، على غرار تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وأضاف أن المغرب تحدوه إرادة قوية للاضطلاع بدور رئيسي في تسوية النزاعات والأزمات الإقليمية، إضافة إلى مشاركة القوات المسلحة الملكية في العديد من العمليات وبعثات حفظ السلام عبر القارة. وأشار كاتب المقال، في هذا السياق، إلى أن الولاياتالمتحدة تدعم وتشجع جهود المغرب الساعي إلى أن يصبح فاعلا رئيسيا داخل القارة الإفريقية، من خلال دعم دوره الريادي داخل مجموعة دول الساحل والصحراء، وكذا بمنظمات إقليمية أخرى. واعتبر مالكة أن الدعم الأمريكي ينبغي أن يوجه نحو تعزيز قدرة المملكة في تقديم الدعم في مجال التنمية والتكوين ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وأشار إلى أن آلاف الطلبة من إفريقيا جنوب الصحراء يتابعون دراساتهم العليا بالجامعات المغربية، مضيفا أن المملكة تعمل على اقتسام التجربة والخبرة العلمية والتقنية التي راكمتها طيلة العقود الأخيرة مع باقي بلدان القارة الإفريقية.