أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أمس، صلاة الجمعة ب"مسجد السلسبيل" بمدينة الدارالبيضاء. ذكر الخطيب في مستهل خطبة الجمعة بأن المغرب خلد، قبل أيام، الذكرى الرابعة عشرة لاعتلاء أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، وهي مناسبة عظيمة الشأن، جليلة القدر، عبر فيها المواطنون، مرة أخرى، عن تأكيد تشبثهم المكين ووفائهم الصادق وإخلاصهم المتين ومحبتهم الدائمة للأسرة العلوية الشريفة، التي أولاها الله أمر هذه الأمة، ولوارث سرها ومجدها، جلالة الملك محمد السادس. وقال إن إرادة الله سبحانه وتعالى شاءت أن تنعم هذه الأمة المؤمنة بقيادة ملك شاب، ورث المجد والسؤدد أبا عن جد، وتقلد إمارة المؤمنين عهدا عن أسلافه المنعمين، إمارة تزكيها وتؤكدها البيعة العامة المتجددة، والولاء الكامل من جانب أمة تشهد لإمامها بالوفاء الدائم من أجل إرساء نهضة شاملة. ووضع مفهوم جديد للسلطة والإدارة، وترسيخ المبادئ السامية لكافة حقوق الأفراد والجماعات، وتفجير الطاقات والإمكانات لأداء الواجب الذي يتطلبه البناء الحضاري للأمة، وإحداث ثورة عارمة بيضاء في شتى المجالات، بحداثية تجمع بين التقاليد والانفتاح، تعض بالنواجذ على الثوابت والمقومات الروحية للأمة، وتواكب العصر بكل مستجداته وما يزخر به في مجالات الفكر والعلم والتقنيات. وأكد الخطيب أنه من الواجب الذي يفرضه علينا الدين، أن نقوم في حق أمير المؤمنين بالشهادة وألا نكتمها لأن أعماله الجليلة كلها لها وجهان متلازمان: وجه النفع في الدنيا، ووجه ييسر أمور الفوز في الآخرة، ومن ثم فينبغي أن تكون هذه الجهود المتواصلة والموفقة، قدوة لأبناء هذا الوطن وإذكاء لعزائمهم وشحذا لهممهم، لبذل المزيد من الجهد والمثابرة على الجد والوفاء التام والإخلاص الكامل لرمز عزة هذه الأمة ومجدها جلالة الملك محمد السادس. وأضاف أن المغرب عاش أربع عشرة سنة حافلة بجلائل الأعمال وروائع المنجزات وعظائم الإصلاحات، انصبت كلها على خدمة المواطن وإسعاده وإكرامه وتعليمه وتكوينه وتثقيفه، وكسر أغلال الفقر والتهميش والإقصاء، مع إعادة الاعتبار، كل الاعتبار، للمرأة والفتاة، مربية الأجيال وصانعة المستقبل، حيث أحلها أمير المؤمنين المنزلة التي خصها بها القرآن الكريم الذي أولاها اهتماما بالغا وعناية عظمى، بوصفها أنثى وبنتا وزوجة وأما ومواطنة. وأوضح الخطيب أن هذه السنوات كانت كلها إصلاح وبناء وتشييد، شهدت خلالها البلاد أضخم وأعظم الأوراش منذ استقلالها، والتي شملت جميع الميادين. وقال إن لكل زمان رجاله ولكل ميدان فرسانه، وأن مآل وملاذ أبناء هذا المغرب المجيد هو أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي قيضه الله لهذه الأمة، فجاء على قدر وعلى موعد مع التاريخ ليسجل في صفحات أمجاد الوطن أروع الملاحم، حيث أعلنها حربا ضروسا على الفقر. كما أن جلالته، وعلى عادة أجداده، جعل عرشه كرسي سيارته، يجوب المملكة طولا وعرضا، يخطط وينشئ ويدشن، موكبه موكب خير ونماء، وقراراته تغير أحوال الإنسان وتبدل ملامح الأرض بنيانا وعمرانا، ناهيك عما رسخه وأحدثه من مؤسسات لإغاثة اللهفان وانتشال المعوز وإعانة المضطر وتخفيف ألم من به حاجة أو فاقة أو عاهة، مما قوى أواصر الحب والتعلق والوفاء بينه وبين كل شرائح شعبه. وأشار الخطيب، من جهة أخرى، إلى أن الله تبارك وتعالى خص أمة الإسلام بأيام وليالي فاضلة جعلها ذات يمن وخير وبركة ومغفرة ورضوان ورحمة، وأن من هذه الليالي ليلة القدر المباركة وهي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، التي سيحييها المغاربة بعد يومين. وأبرز أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، واقتداء بسنة جده المصطفى عليه الصلاة والسلام وسنن صحابته الأبرار وسيرا على نهج أسلافه الميامين في اغتنام فضل ليلة القدر المباركة فيما يرضي الله من صالح الأعمال، دأب جلالته على إحياء هذه الليلة في جو تغمره الرحمات الإلهية وتعطره النفحات الربانية وتحفه الملائكة ويشمله قول الرسول الأكرم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده". وابتهل الخطيب في الختام إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، جلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين ويوحد به كلمة المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يغدق شآبيب رحمته ورضوانه على الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.