تنظم وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، اليوم الجمعة بالصخيرات، المناظرة الوطنية حول "المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية"، التي تعد أولى مراجعة شاملة لمنظومة الوظيفة العمومية، التي يرجع تاريخ سنها إلى 24 فبراير 1958. وتتوخى وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة من هذه المناظرة العلمية، فتح باب التشاور والتنسيق مع جميع الفاعلين من أجل صياغة أرضية مرجعية تشكل" كتابا أبيض" خاصا بالوظيفة العمومية، التي لم تعرف منذ سنها، إلا إدخال تعديلات على بعض جوانبها. وتدخل هذه المناظرة، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إطار المقاربة الحديثة، التي اعتمدتها الحكومة لإصلاح الوظيفة العمومية بالمغرب، من أجل ملاءمة منظومتها مع المستجدات الدستورية، وإثرائها من خلال تحيين مبادئها الأساسية، خاصة في مجال الأخلاقيات، وضمان التوازن بين الحقوق والواجبات، وتثمين الاستحقاق والمردودية والكفاءة، وتقييم الأداء، واعتماد آليات التدبير الحديثة. وتهدف هذه المناظرة، التي تصادف اليوم الأممي للوظيفة العمومية، توسيع التشاور والتنسيق مع جميع الفاعلين من أجل بلورة رؤية شمولية وصياغة كتاب أبيض حول مضمون هذه المراجعة، بما ينسجم مع التوجهات الجديدة، التي رسخها الدستور، ويجعل من دور الموظف محوريا في مسار تحديث الإدارة، باعتبارها رافعة للتحديات التنموية بالمغرب. وتشكل المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، حسب وثيقة لوزارة الوظيفة المغربية وتحديث الإدارة، إصلاحا مهيكلا للإدارة العمومية، ورهانا كبيرا لتطوير التدبير العمومي، وتستهدف جعل الإدارة العمومية تستند إلى الكفاءة والخبرة والتخصص في إدارة الشأن العام، وتمكينها من المساهمة الفعالة والناجعة في بلورة السياسات العمومية وتنفيذها وتقييمها، وفق متطلبات الحكامة الجيدة، مما يحقق إعادة ثقة المواطنين في إدارتهم. وتضيف الوثيقة نفسها أن هذه المراجعة تستمد مشروعيتها من السياق الدستوري الجديد، الذي يجعل منها مسألة ضرورية لا محيد عنها، لتأهيل الرأسمال البشري وإرساء أسس التدبير العمومي الجيد، وترجمة مبادئ ومعايير الحكامة الجيدة التي جعل منها دستور 2011 أحد المرتكزات الأساسية للنظام الدستوري المغربي، من جهة، وإطارا عاما لتنظيم المرافق العمومية سواء فيما يخص تنظيمها الداخلي أو في علاقاتها مع المرتفقين من جهة أخرى، مبرزة أن حجم وأهمية هذه المراجعة لا ترتبط، فقط، بكونها آلية للحكامة الجيدة، بل ينطلق كذلك من رهاناتها الكبرى، التي تتعدى الرهان التدبيري إلى رهانات سياسية واقتصادية واجتماعية وتنموية. واعتمدت وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، حسب الوثيقة نفسها، على منهجية تقوم على الانفتاح على التجارب الدولية، قصد الاستئناس بها في المراجعة المنشودة للنظام الأساسي للوظيفة العمومية، مستعينة في ذلك بخبراء دوليين ومغاربة. وتتمحور أشغال هذه التظاهرة العملية، التي ستعرف مشاركة ممثلين عن مختلف أجهزة الدولة من برلمان وإدارات عمومية ومؤسسات عمومية، وممثلين عن المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والمجتمع المدني، وباحثين وخبراء وطنيين ودوليين، على دراسة ومناقشة مختلف القضايا والتحديات والآفاق المرتبطة بتطوير نظام الوظيفة العمومية من خلال ثلاث ورشات تهم الإطار المؤسساتي للوظيفة العمومية والإطار التدبيري للوظيفة العمومية ثم الشؤون الاجتماعية. وسيسلط المشاركون في هذه الورشات الضوء على التحديات التدبيرية بالوظيفة العمومية، التي أدت إلى وجود هوة بين النصوص وتطبيقها، فضلا عن المقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بحوادث الشغل ومعاش الزمانة والأمراض المهنية والجوانب ذات الطابع الاجتماعي، التي يتوجب تحيينها في ظل المستجدات الدستورية والتزامات الحكومة في الميدان الاجتماعي.