مع امتداد الاحتجاجات المناهضة للحكومة التركية إلى شوارع إزمير وأضنة، وتواصل المظاهرات في إسطنبول والعاصمة أنقرة، توقع تقرير أمريكي أن احتواء هذه التطورات بالقوة، سيكلّف رئيس الحكومة رجب طيب اردغان كثيرًا، وسيثبت للأوساط الدولية بأن المتظاهرين على حق في اتهامه ب "التعصب والديكتاتورية". أعمال شغب ترافق الاحتجاجات الشعبية في تركيا (خاص) يطالب المحتجون باستقالة رئيس الوزراء التركي أردوغان، الذي ندد في وقت سابق بالمتظاهرين، واعتبرهم مناوئين للديمقراطية، وتمثل الاحتجاجات أكبر حركة مناوئة شهدتها الحكومة منذ سنوات عدة. وحتى فجر الاثنين، بقيت الاشتباكات مستمرة بين المحتجين الأتراك وشرطة مكافحة الشغب، حيث أشعل بعض المتظاهرين النار في مكاتب حزب العدالة والتنمية في ازمير، في الوقت الذي دخلت المظاهرات العنيفة المناهضة للحكومة يومها الرابع. وتحوّلت المساجد والجامعات والمحال التجارية إلى مستشفيات مؤقتة لمعالجة المصابين، الذين يقدر عددهم بالمئات. ورفض أردوغان الاتهامات الموجهة لحكومته بأنها تتبع نهجاً استبدادياً، وأنها ذات طابع إسلامي بشكل مفرط، وأشار إلى أن المحتجين لا يعبرون إلا عن مجموعات هامشية مدفوعة من الخارج على حد قوله. كما حمّل حزب المعارضة العلماني الرئيس، وهو "حزب الشعب الجمهوري" مسؤولية تحريض المحتجين. وقال أردوغان إن الهدف من الاحتجاجات هو حرمان حزب العدالة والتنمية الحاكم من الأصوات في الانتخابات، التي تبدأ العام المقبل. وقالت تقارير إن ما زاد من سكب الزيت على النار، هو تصريحات رئيس الوزراء التركي، التي وصف فيها المحتجين بأنهم "حفنة من الرعاع". ورفض أردوغان، اتهامات المتظاهرين بانتهاج حكومته أسلوبا استبداديا، في حين انتقدت منظمات حقوقية استخدام قوات الأمن العنف المفرط في التعامل مع محتجين، خلال مصادمات عنيفة تشهدها مدينة إسطنبول، منذ الجمعة. وقال أردوغان في كلمة متلفزة الأحد: عندما يطلقون على شخص يخدم شعبه أنه ديكتاتور، فليس لدي ما أقوله"، ومضى معدداً إنجازاته منذ توليه السلطة قبل عشرة أعوام مضيفاً: "عندما يقولون بأننا نذبح الأشجار... نحن زرعنا قرابة ملياري شجرة". وتحدى أردوغان معارضيه بأنهم إذا جمعوا 100 ألف متظاهر ضده فسيجمع هو مليون متظاهر مؤيد له. يذكر أن مظاهرات عارمة تجتاح تركيا، منذ أيام احتجاجاً على خطط بناء للحكومة في متنزه جيزي في ساحة تقسيم بمدينة اسطنبول، وازدادت حدة الاحتجاجات مع قيام الشرطة التركية بفض مخيم لمعتصمين داخل متنزه بالساحة بالقوة الجمعة. ويرى محتجون أن غضب المتظاهرين لم يعد منصباً على خطط الحكومة للبناء في الساحة الخضراء الوحيدة المتبقية في وسط اسطنبول، وقال أحدهم "المتنزه مجرد شرارة، ينظر لحكومة أردوغان باعتبارها فاشية... إنه يعاني متلازمة نابليون... يعتقد أنه سلطان، عليه الكف عن ذلك فهو مجرد رئيس وزراء". وكانت منظمة العفو الدولية (أمنستي) حثت السلطات في تركيا على اتخاذ خطوات عاجلة لمنع سقوط المزيد من القتلى والجرحى والسماح للمتظاهرين بممارسة حقوقهم الأساسية، بعد إشارتها إلى مقتل شخصين على الأقل وجرح أكثر من ألف متظاهر، خلال المصادمات. من جهته، قال معهد (أميركان إنتربرايز) الأمريكي ومقره واشنطن، إن ما يحدث في تركيا من احتجاجات وقمع للمعارضين بعنف من قبل الشرطة يرجح حدوث ربيع ثوري في تركيا أيضا. وأكد المعهد الأميركي في تقرير على موقعه الالكتروني أن الحراك الشعبي الذي بدأ يوم 27 ماي الماضي، بتجمع سلمي في إسطنبول لمعارضة مشروع الحكومة الرامي لتشييد مركز للتسويق محل حديقة صغيرة في منطقة التقسيم، قد تحوّل إلى مقاومة أمام هيمنة السلطة في تركيا. وحسب تقرير المعهد، فإن الحراك الشعبي في تركيا، احتدم بسبب تجاهل رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا، هواجس المعترضين وأيضا موقف حزب العدالة والتنمية الذي استهزأ بهم عندما أعلن بأن بعض الشباب بحاجة إلى غازات مسيلة للدموع. وتساءل معهد (أميركان إنتربرايز)، قائلا "هل يمكن أن تشهد تركيا ربيعًا جديدا، مؤكدا احتمالية حدوث ذلك. وختم المعهد قوله إنه بالرغم من أن أردوغان يظن أنه يستطيع السيطرة على الاحتجاجات، لكن احتواءها بالقوة سيكلفه كثيرًا وسيثبت للأوساط الدولية بأن المتظاهرين على حق في اتهامه بالتعصب والديكتاتورية.