"مرحبا، دخلوا تشربوا أتاي، وتاكلوا التمر واللبن"... هذه العبارات كنا نسمعها كلما مررنا في أحياء مدينة كلميمة، نساء بلباس "تاجيرت"، وهو اللباس الرسمي بالمنطقة نساء كلميمة بجانب الوادي يغسلن الملابس (خاص) ينادينك بعبارات هي في الواقع مزيج بين الأمازيغية والعامية، وهن يرددن عبارات "السلام عليكم"، صباح الخير، مرحبا بكم في بلاد مولاي علي الشريف". رغم أن أغلب هؤلاء السكان يعانون الفقر، إلا أن أبوابهم مفتوحة في وجه جميع الزوار، ويتميزون بكرم الضيافة، وحب الناس، إذ يمسكونك من تلابيبك ويطلبون منك الدخول إلى بيوتهم المتواضعة. بمجرد أن تطأ قدماك البيت المبني من طوب وحجر، تشدك رائحة التمر الفواحة من أشجار النخيل التي تزين جنبات البيت، ولا يمكن الخروج دون أكل تمر "المجهول"، وشرب لبن البقر أو الجمال، الشديد البرودة. ما يلفت الانتباه هو أن أطفال كلميمة لا يضيعون أوقاتهم في اللهو واللعب، بل يكونون جماعات ويجلسون على ضفاف مجرى نهر صغير، ومنهم من يحتمون بظلال أشجار النخيل، وهم يحلون معادلات رياضية. يقول (محمد.م)، طالب بالسنة الأولى بكالوريا، "نفضل قضاء وقت ممتع في حل المعادلات الرياضية"، والشيء ذاته أكده مراد، مشيرا إلى أن تلاميذ منطقة كلميمة متميزون في مادة الرياضيات. في هذا السياق، قال أحمد خويا، نائب رئيسة الجمعية المغاربية لسباق السيارات، إن "أبناء المنطقة يحصلون على معدلات عالية في المواد العلمية، وأغلبهم يتبوءون مناصب علمية عليا". وعن سبب شهرة المنطقة بتفوق تلاميذها في المواد العلمية، أوضح خويا، في تصريح ل"المغربية"، أن هناك عوامل تساعد على التفوق في المواد العلمية، منها الهدوء وغياب الملاهي، ما يشجع شباب المنطقة على الدراسة والاجتهاد وطلب العلم. في قلب مدينة كلميمة، يوجد قصر كلميمة، الشهير ب"قصر إكلميمن"، وكان عبارة عن سوق تجاري إلى حدود الثمانينيات، إذ كان يقصده التجار من مختلف المناطق المجاورة، يشترون التمور عن طريق المقايضة. وتبلغ مساحة قصر كلميمة حوالي 3 هكتارات، وتقطنه حوالي 373 أسرة، يعاني أغلبها الفقر، وتتطلع إلى غد أفضل. يشار إلى أن مدينة كلميمة تبعد عن الرشيدية بحوالي 60 كيلومترا، وتقع في الجنوب الغربي للإقليم، ويبلغ عدد سكانها 11 ألف نسمة، ويغلب على المنطقة طقس حار صيفا، وبارد شتاء، ويعتمد السكان على الفلاحة المعيشية، عبر زراعة القمح والشعير والذرة، بالإضافة إلى نخيل التمر، وبعض الماشية.