افتتح، يوم الجمعة الماضي، بالمكتبة المتعددة التخصصات التاشفيني بالجديدة، معرض الفنان التشكيلي عبد الله بلعباس، الذي يضم بورتريهات 22 كاتبا وأديبا مغربيا، تخلد لمبدعين برزت أسماؤهم في الساحة الثقافية، وعايشهم الفنان سواء بصفة شخصية أو عبر كتاباتهم. الفنان بلعباس رفقة الكاتب المغربي إدريس الخوري في حفل الافتتاح عرف المعرض، الذي ينظم بمناسبة اليوم الوطني للقراءة، ويستمر إلى غاية يوم غد الأربعاء، حضور عدة وجوه ثقافية وطنية ومحلية مهتمة بالمجال الثقافي، مثل ادريس الخوري، وعاهد سعيد، والفنانين التشكيليين صلاح بنجكان، وعبد الكريم الأزهر، والناجب الزهير، وشفيق الزوغاري، وغيرهم ... واعتبر الكاتب ادريس الخوري، في كلمته بالمناسبة، أنها تجربة متميزة من حيث الاشتغال على بورتريهات الكتاب المغاربة، وعلى نصوصهم كسند، كما هي تجربة فريدة من حيث إن الفنان لم يعمل على استنساخ فوتوغرافي للوجوه المنتقاة، بل أضاف عليها لمسة فنية أعطت روحا جديدة للعمل الفني، مشيرا إلى أن الاختيار لم ينبع من رغبة مادية نفعية. أما الكاتب والشاعر سعيد عاهد، فأشار في الإضاءة التي نشرت في الكتيب الخاص بالمعرض إلى أن "استكشاف البورتريه، هي الوجهة التي ينخرط فيها بلعباس في إطار تجربته التشكيلية الجديدة. لكن مغامرته هذه لا تروم التقاط ملامح كل من صادفه تشكيليا، بل تتمحور حول شخوص بعينها لكتاب مغاربة، وهو انتقاء يزود المقاربة بشحنة طاقة غير مسبوقة عبر هذه الأعمال التي يعرضها لأول مرة... ويسرد فيها الناسك الدكالي للعين تشخيصه الذاتي الثنائي البعد، لكتاب صادقهم في أيامه ولياليه، أو رافقهم عبر أعمالهم". ويضيف عاهد سعيد أن "بلعباس يستعمل هذا السند أو ذاك، قماش، أو صفحات جرائد تتضمن نصوصا للكاتب المشخص، أو صفحات من أحد مؤلفاته. وهذان السندان الأخيران يعكسان رغبة الفنان الجلية في عدم تخليد "الكائن الكاتب" بمفرده، بل ومعه "أثره". وقال الفنان عبد الكريم الأزهر إنها تجربة فريدة ومتميزة تنضاف إلى الرصيد الفني يضيفها الفنان عبد الله بلعباس إلى أعماله "وهو الفنان الذي يظهر ويختفي، لأنه لا يحب الظهور"، وسجل أن هذه الأعمال هي من طبيعة "مونوكرامية"، أي أحادية اللون، ابتدأت عند الفنان بالتنقيطية لتصل إلى ما هي عليه. وأبرز أنه نجح في إبراز شخصية ما للكتاب المرسومين من خلال الملامح المعبر عنها في اللوحات. وهنا يلتقي الأزهر مع الكاتب والشاعر عاهد سعيد الذي قال في كلمته التقديمية المنشورة في الكتيب إن بلعباس "لا يكتفي، حين يتسلح بالفرشاة، ويشرع في هندسة الخطوط والرسوم والبقع، ويتنقل في رحم درجات لوحة ألوانه، باستنساخ ملامح وجوه شخوصه، بل يضيف إلى هذه الملامح تأويله الشخصي للعلاقات التي تربطه أو ربطته بالكاتب المرسوم ولمؤلفه. ومن ثمة، فبورتريهاته، حتى الأكثر واقعية منها، لا تخلو من لمسات وتعبيرات وملامح تكون مضمرة في الصور الفوتوغرافية، التي يشتغل بلعباس انطلاقا منها...". بالنسبة إلى الفنان التشكيلي والشاعر المبدع عبد الله بلعباس، فإن هذه التجربة هي شهادة وفاء وتكريم لرموز ثقافية وطنية أصبحت تشكل جزءا من رأسمالنا الثقافي الوطني، معتبرا، في تصريح ل "المغربية"، أن الاشتغال على المثقفين هو نوع من الاعتراف بما قدموه حتى الآن لإغناء الساحة الثقافية، وهو عمل يجب أن يصبح تقليدا يعمم في مختلف المؤسسات التربوية والثقافية ودور النشر، حتى يتعرف جيل اليوم على نخبة المثقفين والمبدعين، الذين ساهموا في تشكيل وعي وتوجهات في مراحل تكوين جيل بأكمله. للإشارة، فالمعرض يضم 22 بورتريها خطتها أنامل الفنان بلعباس باحترافية فنية عالية لأبرز الكتاب المغاربة، وهم إدريس الخوري، والطاهر بنجلون، وادريس الشرايبي، ومحمد خير الدين، ومحمد شكري، وأحمد الصفريوي، وفاطمة المرنيسي، ومحمد زفزاف، وأحمد بوزفور، ومحمد عابد الجابري، وعبد الله العروي، ومحمد أركون، وعبد الكبير الخطيبي، ويوسف فاضل، ونورالدين الصايل، وأحمد لمسيح، ومحمد الأشعري، وعبد اللطيف اللعبي، وعبد الفتاح كيليطو، وإدمون عمران المالح، والشاعر الراحل أحمد بركات.