"حاربت التماسيح والعفاريت قبل ما يتكلموا عليهم اليوم، وعندما غادرت مكتب المطارات كان عدد الشركات المتعاملة مع المكتب يبلغ حوالي 1500 شركة، بدل 150 شركة غداة تنصيبي مديرا عاما للمكتب في شتنبر 2003" بهذه العبارات تحدث عبد الحنين بنعلو، المدير العام للمكتب الوطني للمطارات، أمام الغرفة الجنائية الابتدائية باستئنافية البيضاء، في ثالث جلسات الاستماع إلى تصريحاته. كان المدير العام السابق، الذي يحضر إلى جلسات محاكمته في كامل أناقته إلى جانب 11 متهما آخرين، على خلفية ملف "اختلالات مكتب المطارات"، يعدل نظاراته الطبية كثيرا، ويجيب عن سؤال لهيئة الحكم، وسط ذهول الحضور داخل قاعة الجلسات رقم 7، من سماع مصطلح "العفاريت والتماسيح"، مبديا إعجابه برحابة صدر هيئة الحكم، التي لا تقاطعه وتترك له الوقت الكافي في الإدلاء بتصريحاته قائلا "سيدي الرئيس.. المحكمة لم تخرسني"، في رد على ما جاء في إحدى الجرائد، التي قالت إن المحكمة أخرسته في جلسة سابقة. وخلال الجلسة، التي دامت أزيد من 4 ساعات، وانطلقت في الثانية ظهرا، استشهد بنعلو بآية قرآنية وهو يجيب عن سؤال لهيئة الحكم حول الصفقة 76/04، التي تخص اقتناء وتشغيل نظام معلوماتي بالمكتب الوطني للمطارات، ومضى قائلا "هاذ الشي حرام ..حرام"، ليوجه له رئيس الهيئة سؤالا مباشرا عما حدث بخصوص هذه الصفقة، التي جرت عن طريق فتح طلبات عروض، تقدمت له مجموعة من الشركات، بعدما جهزت ملفاتها طبقا لدفتر التحملات، وأوضح بنعلو أن "لجنة فتح الأظرفة هي التي تولت دراسة العروض المالية، قبل منح الصفقة المذكورة لإحدى الشركات، باعتبارها تقدمت بأقل عرض حسب محضر الصفقة، ومحضر التفويت لم يتضمن أي ملاحظات من طرف اللجنة التقنية، وهو ما يتوافق مع الفصل 35 من قانون الصفقات الخاص بالمكتب"، مشيرا إلى أن "محضر فتح الأظرفة لم يتضمن ما يفيد وجود ملاحظات تقنية، لذا، فإقصاء الشركات المنافسة له علاقة بالأثمان المعروضة، حسب محاضر فتح الأظرفة". ووجه المستشار علي طوشي، رئيس هيئة الحكم، سؤالا آخر لبنعلو حول الصفقة رقم 07/82، فأجاب بسؤال "هل هذه الصفقة تفاوضية؟، إذن سأقول لكم السبب"، واستعرض مجريات تفويت هذه الصفقة، قائلا إن "سبب تفويتها في الإطار التفاوضي راجع إلى كونها تمديدا للصفقة السابقة 76/04 الخاصة بنظامي LANDESK و HEAT، وجرت بمقتضى الفصل 69 من قانون الصفقات". وبعد فترة استراحة، وجهت هيئة الحكم أسئلة أخرى للمدير السابق حول ملفات ندرة الاستعمال، التي تحدث عنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن المكتب في 2008، فعلت وجه بنعلو الهادئ تقاسيم غضب ليستطرد قائلا "نعم، دابا غادي نتكلموا على واحد الموضوع مهم.. هاذ الناس قالوا في الصفحة 22 من ملخص تقرير الافتحاص إن الكاميرات كانت معدة للزينة ... واش حنا كنا كنلعبوا؟ سيدي الرئيس.. الكاميرات كانت مرتبطة بغرفة للعمليات، وكانت مفخرة وقبلة لخبراء دوليين وإدارات عمومية، كالإدارة العامة للأمن الوطني"، ثم ذكر بنعلو هيئة الحكم بما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول البوابات الحرارية، ونظام الفوترة وتدبير الموارد البشرية، ليطعن في التقرير بمجموعة من العبارات منها "هادشي ماشي معقول.. هاد الناس كتبو غير اللي بغاو...أصحاب التقرير حرروا تقاريرهم دون مجالسة أو مساءلة أحد، بمن فيهم المدير العام". وبخصوص موضوع سرعة أداء مستحقات الشركات، أوضح بنعلو لهيئة الحكم أن مكتب المطارات في عهده أنعش الدورة الاقتصادية لشركات القطاع الخاص، من خلال احترام الآجال القانونية للدفع، وهيكلة المكتب لمساطر طلبات العروض، وسندات الطلب، والصفقات التي "ساهمت في تأجيج روح الكيد من طرف الجهات المستفيدة سابقا". وحين سأله القاضي عمن له المصلحة في ذلك، أجاب بنعلو "مصلحتهم الإساءة لشخصي وللفريق الذي عمل معي، والذي تصدى بشجاعة لممارساتهم، ومنهم مدراء المكتب المتابعون في حالة سراح". وحين وجه رئيس الجلسة لبنعلو السؤال التالي "السيد بنعلو.. قام المكتب بعقد صفقة تخص النظام الإشعاري للبوابات، ماهي الضرورة التي دعت لعقد تلك الصفقة؟"، أجاب "هدا راه سميتو الكذوب"، واستطرد قائلا "هذه الصفقة قيل عنها الكثير، وكان الهدف منها تحسين نظام الفوترة والأداء، من أجل تحسين الخدمات المقدمة للمسافرين"، مضيفا أن "معلومات النظام المذكور استفادت منها إدارات أخرى، حين التحقت بالمكتب ذهلت وأصيبت بالخوف، وأنا اكتشف أن الفوترة كانت تجري عبر التدوين اليدوي، وحتى الرحلات الدولية للطائرات الصغيرة، كانت تجري عبر أداء مقابل بالعملة الصعبة نقدا لصالح موظفين لا يملكون الصفة"، ومدافعا تارة أخرى بالقول "كان الأداء يجري عبر منح تواصيل، لكن ما لا أفهمه هو أن يأتي مفتحص ويقول إن مسؤول الصفقة غير موجود، أو أن المقاول لم يقم بعمله، كل هذا افتراءات"... وعند سؤال من هيئة الحكم لبنعلو حول شركة NRJ International أبرز أنها أنشئت في 1993، وكان مساهما فيها رفقة زوجته وشخص آخر، وفي 1999 باعت له زوجته أسهمها، وعند تعيينه مديرا عاما، فوت حصته لشريكه، قبل أن يستطرد متسائلا "علاش هاذ الناس ماتكلموش على شركاتي الست؟ لقد شُهّر بي، سيدي الرئيس، وشردت أسرتي.. لقد أساؤوا لي كثيرا.. أنا مظلوم، سيدي الرئيس".